رد: اللغة العربية وما تتعرض له - ندوة تنتظر إسهاماتكم - المشكلات والحلول وأسباب الضعف
مرة أخرى أجد نفسي عائدا لموضوع اللغة. ليس من منظار لغوي ، إنما من منظار فكري وسياسي بعد إن اتضح لي إن مسالة اللغة، ومشاكل التجديد والتقليد ، وكل ما يتعلق بانجاز تطوير اللغة العربية وتيسيرها ، وجعلها لغة معاصرة ، يرتبط بشكل نسبي كبير ( ولا أريد إن أقول بشكل مطلق، رغم ان هذا أقرب للحقيقة) بالواقع السياسي والاجتماعي والتعليمي والعلمي السائد في المجتمعات العربية. بكلمات واضحة، اللغة لن تحظى باهتمام اجتماعي ثقافي واسع وحاسم، في ظل واقع لا تشارك فيه المجتمعات العربية بالنهضة الحضارية للمجتمعات البشرية.
إن بعض المشاكل التي لم تطرح، ربما ليس عجزا عن طرحها بقدر ما هو قصور في فهم واقع اللغة، وفي حالتنا واقع لغتنا العربية، تشكل عائقا في سبيل رقي لغتنا وتطويرها وملاءمتها لعصرنا. وأعرف انه حقل شائك بسبب المسافة الثقافية التي تفصل بين أبناء هذه اللغة، وسيطرة الغيبيات والأوهام حول المقدس اللغوي، وبالفهم الخاطئ لدى الكثيرين لكل دعوة إلى ملاءمة اللغة للمناخ الثقافي السائد في عصرنا، بأنه دعوة لنسف اللغة العربية وفورا تنطلق صرخات الاستغاثة محولين النقاش إلى صياغات إيمانية ونصوص غيبية ، ومقولات خاوية من المضمون ، لا تسوى أكثر من الحبر الذي صيغت فيه، وكأن العرب نصف الأميين ، أو من لا يرهقون أنفسهم بالقراءة، (وهم نتاج الأنظمة الفاسدة) يعرفون مفردات اللغة الكلاسيكية وما شاء الله لا يتحدثون إلا بمفردات النصوص الدينية ولغة الجاحظ وبنحو سيبويه. لا اكتب من منطلقات لغوية . فانا لست لغويا ولكني أعيش أزمة اللغة بنشاطي الإعلامي والثقافي والسياسي، ومن إطلاعي الفلسفي العام على تاريخ اللغات وتحولاتها. اللغة وسيلة وليست غاية، ولا قداسة للغة. واللغة لا تعبد ولا يركع لها. وهذا ما شرحه الباحث بشكل ممتاز دون أن يكون بمثل وضوحي الذي سيرى به البعض فظاظة كبيرة.. وخلافا لما سجله الباحث الموقر الذي أميل إلى تجاهل اسمه، لأن الأهمية للمضمون وليس للشخص، لا أرى أن "اللغة هي من أهم العوامل التي تكون هوية الأمة" كما كتب. هذا الطرح غير علمي تماما ومناقض للواقع.. اللغة بلا شك لها دورها في تكوين الهوية القومية ولكنها ليست من أهم العوامل، وفي الواقع العربي العام، لا أرى أن للغة دورا مؤثرا ووزنا مقررا. الواقع العربي القائم يثبت ما أذهب إليه . إن ما يوحد الشعوب العربية أكثر من اللغة، هو واقعها السياسي والاجتماعي. واقع الأنظمة الاستبدادية الفاسدة المعيقة للتقدم. وواقع الفقر والإملاق المرتبط جذريا بنوع الأنظمة
|