المزج الإيقاعي / د . رجاء بنحيدا
المزج الإيقاعي/ د. رجاء بنحيدا
إن ظاهرة التنوع الإيقاعي أو المزج بين البحور هي تقنية أتاحت للشاعر المعاصر حرية الانتقال والتنقل بين البحور وتفعيلاتها ، مما مكن القصائد تنوعا إيقاعيا فسح المجال أمامها لتكون مجمعا لكثير من التفاعيل المتباينة سواء كان الأمر عفويا نتيجة انتقال في موقف شعوري معين أو عن وعي وإدراك .
فالتنوع تقنية إيقاعية وزنية تزيل الفواصل والحواجز وتتيح فرصة التقارب والاحتكاك بين بعض الإيقاعات الوزنية المختلفة في إطار النص الواحد ، و يمكن أن نطلق عليها الكولاج الوزني الإيقاعي ، وهي " ليست سهلة متاحة لأي شاعر ، إذ لا يجيدها إلا الشاعر الناضج بتجربة عميقة للحياة ، شاعر يمتلك أدواته الفنية جيدا ، ويعرف كيف يوظفها لتجسيد هذه التجربة العميقة " كما يقول سيد البحراوي .
ورغم صعوبة هذه التقنية الإيقاعية ، أستغرب حين أجد من يذمها صراحة ، ويعتبرها من بين الحيل التي اخترعها الشاعر المعاصر حتى تأتي كل بضعة أبيات على بحر مختلف ، وتبرير ذلك أنها " لا تخفف من حدة الإيقاع ، وإنما تحول القصيدة إلى حشد فظيع من الإيقاعات البارزة ، وهي في اجتماعها في قصيدة واحدة تصدر خليطا من أنواع الضجيج .. الذي يشبه عويل نزلاء مستشفى المجانين كما جاء في كتاب قضية الشعر الجديد ..
وهناك من يعتبرها تقنية تتصف إيقاعاتها بالتباعد والتنافر نسبيا وأطلقوا عليها " تقنية المزج الفوضوي".
ولكن ما يجب الإشارة إليه والتأكيد عليه أن هذه التقنية ارتبطت أكثر بالقصائد القائمة على أساس البناء الدرامي ، خصوصا تلك التي تنزع نحو الطول الذي يقوم على تعدد الأصوات والمواقف ، وما يصاحب ذلك من توترات نفسية كما أشار بعض النقاد ..
هكذا تختلف مواقف النقاد وتتناقض من حيث رفض هذه التقنية الإيقاعية ، أو قبولها شريطة حسن الانتقال من وزن إلى آخر .. دون تنافر مع التقيد .. بالآتي :
- أن يكون السطر الجديد بداية لمقطع جديد من القصيدة
- أن يعبر هذا السطر عن انتقال في الموقف الشعوري
- فإن لم يكن لا هذا ولا ذاك يتحتم عندئذ أن تكون هناك علاقة " تداخل بين التفعيلة المستخدمة في السطر الأول والتفعيلة المستخدمة في السطر الذي يليه ، على أن يدخل في اعتبار الشاعر استغلال هذه العلاقة فنيا " ..
- يتبع -
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|