عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 01 / 2016, 46 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
عمار رماش
ليسانس في اللغة العربية وآدابها - أستاذ مكون في التعليم الابتدائي، يكتب الشعر - القصة - الرواية
 





عمار رماش is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

الحــــزن الجـــــاف

الحــــزن الجـــــاف
قطع الطريق فجأة وبسرعة حيوان لم يتبين ما هو، فانقطع تفكيره ، وأعادته الحركة إلى الواقع ، خفق قلبه بشدة وازداد خفقانا عندما رأى شاحنة قادمة بسرعة في مواجهته ، انحرف إلى اليمين وسمع منبه الشاحنة يدوي معاتبا إياه . أوقف السيارة ، فتح نوافذها الأمامية عن آخرها وأخذ نفسا عميقا غير مبال بنظرات الفضوليين الكثيرين الذين يخترقونه بها ، يلتفت إلى المقعد الخلفي ، إلى تلك المرأة الممدة هناك وصدرها يعلو ويهبط بسرعة ، وصوتها المتقطع يبعث رسائل تعبر عما بداخلها من ألم ، فيحس برغبة في البكاء ، وفعلا تتقدم دمعة إلى حافة جفنه تريد الانحدار فيبادرها بظاهر اليد ليمحوها ، فالدموع عنده نذير شؤم لذلك لا يسمح لها بالوصول إلى أي مكان من وجهه - حسب قوله – فإذا كادت تغلبه يدركها على حافة الجفن ويعدمها هناك.
أحس أن به غلظة ، فكيف يمنع دموعه من الانسكاب والممدة هناك هي أمه؟ وسرعان ما وخزته حقيقة تجاهلها عدة مرات ، فمقاومته للدموع ليس سببها كما يريد أن يقنع نفسه ، فهو يقوم ببعض الأمور التي يتشاءم منها الآخرون ولا يكترث ، وكثيرا ما يتذكر الصورة التي انطبعت في ذهنه منذ ثلاثين سنة عندما تلقى وجهه الغض صفعة قوية من أبيه موبخا إياه على البكاء ، مبينا له أن البكاء للبنات فقط.
في الحقيقة الموقف الذي يعيشه يدعو إلى الصراخ ، لا أحد معه ليخفف عنه ، الوحيدة التي كانت تخفف عنه الأحزان هي ممدة الآن ، لا تستطيع حتى الكلام ، إخوته أخذهم البحث عن معيشة أفضل بعيدا ، لذلك فهم ليسوا معه ، كما أنه لم يتزوج بعد ، انتظر لعل ظروفه تتحسن لكنها بقيت كما هي بل ربما تسوء أحيانا.
أوصل أمه إلى المستشفى ، ترك الطبيب والممرضات يقومون بعملهم وانزوى في ركن ، وتتابعت صور حزينة في ذهنه ففاضت عيناه بالدموع ، تركها تنهمر مودعا الحزن الجاف!


عمـــــار رمـــــاش

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عمار رماش غير متصل   رد مع اقتباس