[رشيد الميموني]

بسم الله الرحيم و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
في غمرة النشوة التي تعترينا ونحن نستقبل شهر رمضان المعظم بنفحاته الإيمانية وأنواره المتلألئة ، أود قبل كل شيء أن أشكر أختي الغالية الأستاذة هدى على طرحها – و كعادتها – لهذا الموضوع القيم والراقي مشرعة لنا البواب كي نعبر عما يجيش في خواطرنا من حب و بهجة لاستقبال هذا الضيف المميز ..
وأشكر كذلك أختي العزيزة الأستاذة ناهد وأخي الغالي الأستاذ مازن على ما قدماه من درر كفيلة بتوعية كل صائم بما له وما عليه في شهر الصيام ..
أود أن أقول وأنا أتفلسف قليلا إني أشبه نفس الإنسان بآلة تظل تعمل طيلة أحد عشر شهرا بسرعة وبدون توقف .. غير مبالية بما أصابها من صدإ أو درن .. حتى إذا جاء الشهر الثاني عشر ، كان بمثابة كابح لجموحها .. فتهدأ وتنتبه إلى ما علق بها من أدران وتعرف أنه آن الأوان لصيانة عامة تدرأ عنها مخاطر التعطيل النهائي وتعطيها زخما و قوة في ما يستقبل من الأشهر الأخرى ..
ماذا يعطيني رمضان ؟ .. يعطيني الطمأنينة و يشعرني أنني إنسان ارتفع عن منزلة الشياطين وأفعالهم و اقترب من منزلة الملائكة و طهرهم ..
يعطيني رمضان إحساسا بالقوة الجسدية .. فيحلو لي العمل و النشاط ووضع برامج و تنفيذ أخرى .. وإحساسا بالقوة المعنوية فأصير أكثر رقة مع أهلي و جيراني و أبناء حيي و زملائي في العمل ومن يرتاد معي المسجد .. ويهبني وجها بشوشا وقلبا يقطر حبا لكل من لقيت في طريقي فأفشي السلام و أعود من به سقم .. وأجد لهفة في البذل والعطاء .
في رمضان ، تبدأ رحلة ممتعة أخرى لا تقل بهاء .. رحلة في ظلال آيات الله الكريمة ، فأتصور كل أمر فيها يأمرني وكل نهي تحويه ينهاني .. و كلما بشرت بشيء تهللت اساريري واستبشرت خيرا ، وكلما حملت وعيدا و نذيرا وجمت نفسي خشية أن أكون اقترفت ما يحرمني من رحمة الباري الرحيم .. واستعرض القصص والحكايات و استشف منها العبر والمواعظ فأزداد أنسا وطمأنينة ..
أحس في نهار رمضان بالعزيمة و الصلابة . وفي الليل بالنشوة الغامرة و أنا أنظر إلى السماء المتلألئة نجومها فأتدبر في صنع الخالق الجبار وفي رحمته الغامرة للعباد .. يستهويني السحر بهدوئه ولحظاته الدافئة في ضيافة الرحمن .. ويشملني الفجر بعذوبته حيث تنشط حركة المصلين في الطرقات .. ويبهجني منظر بزوغ النهار معلنا عن ميلاد يوم جديد حافل بالمكرمات .. وهو يعرض بضاعة جديدة لا تبور ..
رمضان قوة .. وقوته تكمن في أن النفس تعتاد على كبح شهواتها فيما بعد لأيام ، بل لشهور .. حتى إذا طغت فتنتها و طفت شهوتها كانت على موعد جديد معه ليشذب أغصانها وينقح براعمها من أجل انطلاقة جديدة في طاعة أرحم الراحمين ..
فاللهم أدخل علينا هذا الشهر بالمغفرة و الرضوان .. وتقبل منا صيامه و قيامه .. وصلى الله و سلم على نبينا محمد أشرف و خاتم النبيين و المرسلين و على آله وأصحابه أجمعين .
أما تهنئتي لأحبابي في منتديات نور الأدب فأتركها لليلة الأول من الشهر المبارك ..
بكل الحب و المودة و الأخوة .