الموضوع: يوم رحلت
عرض مشاركة واحدة
قديم 24 / 04 / 2016, 58 : 01 AM   رقم المشاركة : [1]
محمد الفاضل
كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة

 الصورة الرمزية محمد الفاضل
 





محمد الفاضل is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

Gadid يوم رحلت

يوم رحلت – محمد الفاضل

- استيقظ ... استيقظ، يا أخي، لا تخف، ولكن لا أدري ما الذي اعترى أبي
كنت مستغرقاً في عالم الأموات وأنا أسمع صوت أختي المرتجف، المشوب بالخوف، وكأنه صادر من بئر عميق، يخترق سمعي، قفزت من فراشي كالملدوغ وكأنني في حلم، كانت أختي تقف والقلق ينهش فكرها، ترتجف مثل ورقة شجر في مهب الريح. برغم محاولتها الفاشلة إخفاء جزعها، محاولة طمأنتي، ولكن عيونها فضحتها.
طرت مسرعاً إلى غرفة نوم أبي، كانت والدتي تقف متسمرة بجانب سريره وقد عقدت الدهشة لسانها، والدموع تنهمر فوق وجنتيها، والهلع يكسو ملامحها، من عادة والدي النوم بعد الظهيرة، ثم يصحو على صوت المنبه، ولكنه يومها لم يقوَ على إسكاته، وظل يرن إلى أن تنبهت والدتي . كانت عيون والدي تنظر إلى أعلى سقف الغرفة والزبد يخرج من فمه. في تلك الأثناء استيقظ أخي على صوت الجلبة، وهرع مسرعاً وبدأ يتفحص والدي بحكم عمله كطبيب، كانت أقدامي بالكاد تحملني، حاولت جاهداً أن أرفع والدي من جهة قدميه، وأخي من جهة أكتافه، ولكنه بدا ثقيلاً على غير عادته في ذلك اليوم.
عاد بي شريط الذاكرة إلى الوراء قليلاً، يوم كنا أطفالاً نلهو ونعب من الحياة ولانعبأ بشئ، كان يحملنا بذراعيه القوية المفتولة، ويغمرنا بحنانه المتدفق مثل جدول رقراق ينساب داخل أرواحنا الصغيرة فيرويها، سقى الله تلك الأيام، ما أجملها، ليتنا لم نكبر، فتكبر همومنا، لم نكن ندرك سر الكون، وأن الأيام لا ترسو على حال. كانت والدتي تردد دائماً مقولتها الشهيرة
"الله يجيرنا من ساعة الغفلة" وكنت أتوجس خيفة من المجهول، وما يخبئه القدر
انطلقنا بالسيارة إلى المستشفى ، لا نلوي على شئ ، أدخل والدي على عجل إلى غرفة العناية المركزة، مرت عقارب الساعة بتثاقل وكأنها سنوات ضوئية.
- ما الذي أصاب والدي؟ أجبني بصراحة
- جلطة دماغية، أجاب أخي، وبدأ يشرح لي الحالة من واقع خبرته ـ يومها قررت المبيت في المستشفى، ورجع أخي إلى البيت ليطمئن والدتي وبقية أخوتي على أمل العودة في الصباح الباكر، بدأت الأفكار السوداوية تحاصرني ومجرد فكرة فقد والدي تزلزل كياني. جافاني النوم ولم يعرف طريقه إلى جفوني ليلتها من شدة القلق.
تسللت خيوط الشمس الأولى عبر نافذة الغرفة، وبدأت تنشر أشعتها الذهبية فوق المدينة، بعد مرور بعض الوقت، دخل الممرض وهو يدفع والدي، كان يجلس فوق كرسي متحرك، ارتميت عند أرجله وأنا أحاول أن أحبس دموعي، كانت نظراته تخترق روحي وتنوب عن لسانه. كان ينظر إلي بحنان، ولكنه فقد النطق، حتى أن الشلل زحف إلى وجهه، راسماً فوق ملامحه صورة تقطع نياط القلب.
( يتبع )

السويد –23 / 4 / 2016

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد الفاضل
 [MEDIA][/MEDIA]روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

https://www.youtube.com/watch?v=4dtPpNNmh0Q

التعديل الأخير تم بواسطة خيري حمدان ; 11 / 05 / 2016 الساعة 12 : 11 AM.
محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس