[align=justify]شياطين الدم
ليس غريبا أن تعتصر اﻷديبة المبدعة هدى الخطيب ، ما يعتمر في عقلها وقلبها من أحاسيس جياشة تجاه القضايا اﻹنسانية..
لكنها في قصتها الجديدة
" شياطين الدم " نقلتنا إلى جرف آخر من سقوط اﻹنسانية من أعلى قمتها إلى حضيض الشياطين الذين انغمسوا بشراهة الدماء ، غير آبهين بأي مفاهيم لهذا اﻹنسان العاقل الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم.
لقد حركت اﻷديبة القاصة هدى الخطيب في وجدان القاريء مشاعر البعد اللإنساني الذي طمس بشرية اﻹنسان واستبدلها بما للشياطين من وحشية و ضراوة..
وربما فاقت الشياطين حتى بلغت فساد مخلوقات" الحن والبن" الذين كانوا موضع شكوى من قبل الملائكة، عندما خاطبوا الرحمن الرحيم بقولهم :
"أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نقدس لك" [البقرة:30].
إن العرض السردي للقصة ، إمتلك شغاف القاريء وجعله يمعن في المتابعة حتى يصل إلى النهاية وقد أطبقت على كيانه فظاعة الظلم الذي يمكن أن يصل اليه اﻹنسان ضد أخيه اﻹنسان..
من هنا ، نستطيع الخروج من أجواء القصة ونحن خافضي الرؤوس حزنا وألما لمآساة امتدت فصولها ، كي تصل إلى حد المتاجرة بالدين وبالقيم اﻹنسانية واﻷخلاقية..
" شياطين الدم" عمل قصصي ، ﻻيخلو من التجدد واﻹبداع في مفهوم القصة العربية وتطور ديناميتها ..وهي إلى ذلك، تدعونا إلى ضرورة قيام انتفاضة قصصية ، تجدد الأفكار وتعيدنا إلى المعانات الشعبية ، ﻻسيما في ظل الظروف التي نعيشها في بعض البلدان العربية ، تحت تأثير القهر والقتل واﻹبادة للشعوب ، بذريعة محاربة اﻹرهاب الذي أوجدوه ليبيدوا من خلاله شعب أعزل من كل شيء ...حتى من لقمة مغمسة بدمه..
هدى الخطيب..
أشد على يدك ، وأنت من احترفت أدب القصة لتدخلي باب اللغة والتاريخ من أبوابه المتسعة..فكنت إبنة اﻷرض وابنة اﻹنسان في تراجيديا الزمن الرمادي..ومع ذلك ﻻتخفين اﻹبتسامة رغم اﻷلم الذي تعيشين فصوله منذ النزوح عن اﻷرض الطيبة و حرمانك من الشعور بأبوة والدك الذي قضى شابا ومتميزا في أدبه وبلاغته..
ثم وفاة الدرة البهية والدتك وقبلها مربيتك ظريفة ..حتى إذا حملت هموم الوطن وانتقلت إلى غربة الديار لم تيأسي..بل حملت لواء الكلمة لتكون نبراساً لحياتك وسلاحاً ضد أعداء الحق واﻹنسانية.[/align]