عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 05 / 2016, 10 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

قراءة نقدية ل (( شياطين الدم )) للقاصة هدى الخطيب

إن الحضور الفعلي لأي عمل أدبي مرهون بحضور فعلي للقارئ .. هو حضور يتنوع بتنوع هذا الأخير الذي يخلق تلوينات تحليلية مختلفة - لاعتبارات ثقافية ولخصوصيات تكوينية تميز الرؤية التحليلية وتجعلها متباينة من قارئ ألى آخر ..
على هذا الأساس ومن هذا المنطلق أقدم قراءتي آملة أن نقوم برحلة لمعانقة أغوار الدلالة ( الدلالات ) المختلفة الموضوعية والمعاني المبطنة في قصة .. شياطين الدم .. حتى نقف عند هذا التعدد القرائي .. ونجعل فعل القراءة فعلا استكشافيا استطلاعيا بالدرجة الأولى .




-قراءة نقدية ل" شياطين الدم "للقاصة هدى الخطيب-


" هناك فرق ، فرق كبير بين الكاتب والإنسان العادي . الكاتب فنان ، حالم ،مليء بالرغبات ، يريد أن يهدم العالم ويبني عالما جديدا ، عالما خاصا قد لا يعني الآخرين .. " عبد الرحمن منيف

تقربنا القاصة هدى نور الدين الخطيب في شياطين الدم من واقع إنساني معطوب يشكل الإنسان الجزء الهام منه ،. فهو الكائن الفاعل في العالم والمنفعل به ،وهو أساس كل الأزمات وكل الأعطاب ،.
تسرد القاصة هدى نور الدين الخطيب أحداثا صادمة وفاجعة في قالب قصصي متميز .. معتمدة في ذلك على قدرتها في التركيز والتوضيح .. وعلى سرد ما هو ضروري بكلمات دالة .. موحية ، وبالاعتماد على شخصيتين متقابلتين متناقضتين كليا .. شخصية عمر المتأزمة من أفعال ومشاهد لاذنب له / لها فيها وشخصية فاعلة متفاعلة مع الوقائع الشيطانية تتسم مشاعرها بالتأجج والغضب والندم من أفعالها الشيطانية التي ارتكبتها وأذنبت فيها فأضحت تؤرقها...
هي قصة قصيرة تحت عنوان (( شياطين الدم ))تحتوي على مجموعة من الأحداث وفق رؤية خاصة وذاتية للقاصة هدى نور الدين الخطيب التي عملت على انتقاء التفاصيل المهمة بقدرة فنية خدمت موضوعها وكذا المبادئ التي تؤمن بها ..فجاءت متوافقة مع الطريقة التي نظرت وتشكلت في ذهنها ...
إذ وأنت تدلف عوالم وأحداث القصة (( شياطين الدم )) يتناسل اسم من اسم وحدث من حدث ... وكتابة من واقع .. لنتساءل .. لماذا أشارت القاصة في بداية قصتها إلى أسماء معينة دون أخرى .. (عائشة وعمر )وكذا ما العلاقة بين الشخصية الشيطانية كمخلوق وكشخصية قصصية على ورق ؟؟

هو حضور أكيد للمتخيل والواقعي في القصة جعل القاصة تعطي للشخصيات ملامح معينة وتوظف مخيلتها في ترتيب الأحداث والتعبير عن واقع مأساوي من خلال استحضارها لشخصية عمر وشخصية الشيطان المجدوع الأبتر كشخصية قصصية من ورق / تماثل شخصية الحقيقية المذنبة ..
وأنت تقرأ القصة القصيرة .. يستوقفك العنوان ليضيء لك الطريق الذي ستسسلكه آثناء القراءة والطريق الذي سبق لها أن سلكته " 1-
هو عنوان مركب من مفردتين يلتقيان دلالة وتركيبا بإضافة حمولات معانٍ تسعى التوضيح لا الإبهام والتحديد لا الغموض ، ليمنح للقارئ الإنارة اللازمة لتتبع المسالك المدجية والمعتمة ولتبدأ بعد ذلك رحلة التعرف على الشخوص الأساسية ونوازعها الداخلية ،، والنفاذإلى بواطنها القلقة الحائرة "
"نعم يا عائشة .. تعرفين أني لم أعد أجرؤ على قتل العصافير!.. رحلة سلام مع الطبيعة وطيورها .. لا بارود ولا دم .

انسيابية وتماسك واستهلال موفق .. بأسلوب ممتع يفسح المجال للمتلقي أن يواصل قراءة القصة ومواصلة الحوار والأحداث عن طريق استحضار أسماء لها دلالتها الدينية .. هو استحضار مقصود وضمني وهادف لغاية تتوخاها الكاتبة ويدعم مبادئ القاصة وأهداف النص ..
اختيار صائب مع إضاءة بارعة للأبعاد النفسية للشخصيتين من خلال اتباع منطق وصفي أكثر فاعلية وتشويقا..
لتنتقل بعد ذلك إلى رصد تحولات الوعي ،لتتمكن القاصة من وصف ورسم ملامح الذات المأزومة نفسيا ..من وقائع لا يستطيع تغييرها بقدر ما يقف عاجزا حائرا متسائلا وأسجل هنا أن القاصة استطاعت وبحرفية وتمكن من تغيير نفسية المتلقي إذ لم ولن يبقى على حالته الأولى حين يبدأ في الانعراجات والتفاصيل الدامية المفجعة شأنه في ذلك شأن عمر ..
((في طريقه إلى الجبل والطريق أمامه يتلوى كثعبان ضخم، تفجّر في رأسه بركان الصور المرعبة بأبعادها .. أشلاء الأطفال والشيوخ.. جحيم الطائرات القاتلة والصفير الذي يسبق ما ترسله من حمم.. النار والدخان الأسود.. رائحة الدم واللحم الآدمي المحترق.. صراخ الناس الذي يفتت الحجر وينتشي له السفاحون القتلة!!..))

في ظل هذه الانعراجات النفسية المتأزمة والمأزومة بأمصال الألم المتعدد الامتدادات والتشعبات..
ترسم القصة منعرجات وتفاصيل هذه الصورة شيطانية الإبليسة الرمزية) على خط درامي مفجع
يتوخى التعرية والفصح و كذا إيضاح وضع مجتمعي إنساني موبوء يولد مشاعر الانتقام والتمرد والطغيان .. بل يولد أزمة وعي ناتجة عن أزمة قيم !!
أزمة قيم في حدث قصصي بلورته القاصة وأفاضت في الوقوف عنده ، لأن أساس الصراع القائم بين المجتمعات هو صراع بين منظومتين رئيستين.. قيمة تخضع لمبادئ الأخلاق والمجتمع والإنسان ..وأخرى تقوم على أسس مادية فردانية .. أنانية
((النفاق .. الذل .. الطاعة العمياء ... إباحة المنكر والرذيلة ..القتل وسفك الدماء..والتخفي تحت رداء الدين ))
((كل هذا لم يكن كافياً ليردعني، فلقب " أمير " والمال الوفير والفتيات المحظيات والسيادة على العباد وقفوا حاجزاً بيني وبين أي بقايا إنسانية أو ضمير......))

هو صراع مدنا بالمغزى الأساسي للقصة القصيرة ، فهو بالنسبة لي العمود الفقري لها ، إذ ساعد على درامية الحدث ، فتم الوقوف على صراع خارجي وآخر داخلي .
هما صراعان متداخلان متراكبان،منسجمان متنافران .
((أنكر أني كنت أصاب أحياناً بوخز الضمير / خصوصاً على ما يتبين من أمور مخزية))
((أخذ نفساً عميقاً وبدا وكأنه في صراع / زائغ النظرات / يحدق في صوره الشيطانية))

أضحى صراعا متكاملا ساعد على تنامي الأحداث وفق مبدأ الوحدة ، وحدة الفكرة مع وحدة الهدف ، في سياق قصصي راعى عملية تكييف الوسيلة للغاية..وتسليط الضوء على الجانب المطلوب وعلى الزاوية المراد كشفها والتعمق فيها .

تنطوي القصة القصيرة " شياطين الدم " على مظاهر متعددة دالة على مأساة حاضرة واقعية متشابكة .. حاولت القاصة هدى الخطيب بناء على رؤية فكرية فنية أن تفتح مسارب القص -وضمن نسق جمالي دال -على الوضع المأساوي للإنسان الضحية / الشيطان .

بتاريخ 21-05-2016
***********
1- عبد الفتاح كيليطو: الغائب في دراسات مقامات الحريري ص27

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس