الموضوع
:
قصيدة بعنوان عناة للاسير كميل ابو حنيش
عرض مشاركة واحدة
11 / 06 / 2016, 00 : 03 AM
رقم المشاركة : [
2
]
كمال ابو حنيش
كاتب نور أدبي
بيانات موقعي
اصدار المنتدى
: فلسطين
رد: قصيدة بعنوان عناة للاسير كميل ابو حنيش
*عناة*
*******
كان الصباح وكنت احلم
حينما استيقظت
من نومي على صخب الرفاق
وقال قائل ..
قم وارتدي زي السجين ...
جاء المحامي كي يزورك ...
فاستفقت ...
قمت ارتديت ملابسي ..
وغسلت وجهي ...
وانتظرت قدوم سجاني ليات...
كي يصطحبني ...
الى مكان زيارتي
حيث المحامي ينتظر ...
طال انتظاري ...
الوقت ما قبل الظهيرة ...
الباب يفتح ..
سجانة في الانتظار
شكت بزندي القيود وفتشتني ...
ثم قادتني الى شبك الزيارة ...
ثرثرت من خلف الزجاج
مع المحامي ... وانتهيت ..
فنهضت اعلن قائلا ..
لقد انتهيت من الزيارة ..
قالت مرافقتي انتظر ...
نحن في عدد الظهيرة ...
لن نعود الان ....
حتى ينتهي وقت العدد ...
كنا على شبك الزيارة وحدنا
الكاميرات في كل الزوايا ...
الباب مغلق ...
وانا على الكرسي اجلس ...
اما هي ...
اتكات على طرف الجدار ...
واخذت تراقبني بذعر حمامة ...
وقد اطمانت للقيود بساعدي ...
حدقت في طرف القميص ...
كان اسمها ...
تدعى ... عناة
فابتسمت بداخلي ...
كانت عناة فتاة في العشرين ...
اكثر قليلا او اقل ...
ولديها مسحة من جمال انثوي ...
في الوجه .. في العينين
في الصدر المخبا تحت درع السجن ...
*****
كانت عناة كطفلة مذعورة
تلقي بناظرها علي
كانني وحش يطارد ظبية
تلقي بناظرها الى الكاميرات ...
لعلها تبغي تذكرني ...
في انها ...
ليست امامي وحدها ...
وعناة ترمق مشهدي ...
وعناة تسعى ان تفسر
ما يجول بخاطري
علي اطمئن خوفها مني ...
ومن لغة التبعثر في شرودي ..
اما انا فلقد سهمت ...
باسم مثيل لاسمها ...
بفتاة اخرى غيرها ..
(كانت الهتنا الجميلة في العصور الغابرة)
رحت ابتسمت بوجهها وسالتها ..
او تعلمين ايا عناة ؟
معنى عناة ؟
ابتسمت عناة لانني ...
باغتها بسؤالها عن اسمها ...
لا عن سقالة قيدها
في معصمي ...
قالت بلهجة قطة ..
** اني لو يديعت ..اتا يوديع ؟ ( كلمة عبريه معناها انا لا اعرف انت تعرف )
اني يوديع ايا عناة
اني يوديع ( انا اعرف انا اعرف )
اصغي الي ايا فتاة
ومزقي هذا الغرور
على محياك الغبي ...
اصغي الي ايا عناة
لكي اقص عليك
ما عرفت قراءاتي الوفيرة
في الاساطير القديمة
اصغي الي
لتعرفي ان اسمك
اختصر الوداعة والجمال
وحضارة الشعب المقيد بالحديد
كي تعرفي ان اسمك اختزل
البحار ... الحب .. والازهار ...
والجنس المقدس في المعابد ..
****
اصغي الي ايا عناة ..
فمعناه قصة شعبنا المنفي
والمقصي من متن النصوص ...
وعناة يا سجانتي
كانت الهة عشقنا ...
رمز الخصوبة والجمال ...
لدى النساء وفي الطبيعه ..
وعناة .. يا سجانتي ...
رمز المحبة والحنان
ومن القابها .. البنت البتول
*******
ابتسمت عناة وراح يرقص وجهها
عند اكتشاف دلالة
المعنى الجميل لاسمها
لكنها قد بوغتت في مصدره ...
جلست عناة قبالتي ..
ولوهلة نسيت وظيفتها القميئة
وتريدني ان استفيض
وان اتابع ما ذكرت
من المعاني باسمها ...
قالت اضف
فانا لاول مرة
ادري بان اسمي
غني في المعاني والرموز
ومصدره لا ينتمي
لبني سلالتي اليهود
*****
فاضفت مبتلعا مرارة غصتي ..
كانت عناة الهة معبودة
في ارض شعبي في القدم
اقصد بهذي الارض ...
كانت الهة ارض كنعان الخصيبة
قبل ان تلد العصور
قبائلا ... وجحافلا ... وممالكا
ورثت عصارة مجدنا وتراثنا ..
لغة ... وتاريخا ...
اسماءا ... ومعتقدات ...
وحروف كل لغات اهل الارض ...
وعناة احدى المفردات
بارضنا ... وتراثنا
ولزوجها بعل (اله الخصب والمطر)
رمز الحياة بارضنا ...
وكلاهما .. بعل .. عناة ... هما
ابناء ايل وعشيرة (كبار الهة البلاد)
******
قالت عناة .. وهل عناة
لشعبكم كانت الهة ؟
انها اسطورة
مثل الاساطير الجميلة والرموز
لكل شعب في القدم ...
وهي الرحيمة ... والحنونة ...
والرشيقة ... والجميلة ...
لكنها ايضا شديدة ...
ورمزها الاسد القوي ...
قد كان بعل زوجها ...
متصارع ومناوىء
لاله اخر اسمه ..موت ( رمز الوضاعة والجفاف)
ونشبت بينهما المعارك
مرة في كل عام
لكن موت يصرعه
ويموت بعل
وعناة تخدش وجهها ...
وعناة تقلع شعرها
وعناة يفجعها النحيب ...
حينما عثرت على جثمان بعل
*******
استرخت عناة قبالتي ...
نسيت وظيفتها
وقد غاصت تماما
في تفاصيل الحكاية
******
ذهبت عناة لموت
راجية اعادة زوجها بعل
وتقول باكية لموت ...
يا موت فلتعد الحياة لزوجي بعل
ماتت خصوبة ارض كنعان الجميلة
جفت ينابيع المياه ...
غابت اناشيد البلابل ...
وسنابل القمح استقالت
من وظيفتها على طول الحقول ...
يا موت فلتعد الحياة لبعل ...
لا نرجس ملاْ الروابي ...
لا ماء في الوديان ...
لا فل بقلب المرج ...
لا زهرة بيد الفتى لفتاته...
امتنعت حساسين الروابي ...
عن تقاسيم الصباح ...
لا غيمة في الافق ...
جفت كل اثداء النساء ...
والحب يا موت استحال للعنة
اذ لم تعد تغفو الفتاة
على ذراع حبيبها ...
يا موت..فلتعد الحياة الى الطبيعة ...
اعد النوارس للبحار ...
اعد الربيع الى ضفاف النهر ...
يا موت فلتعد الحياة
لزوجي بعل ..
*******
لكن موت راح يعوي ساخرا
ومقهقها ... يرغي ويزيد ...
رافضا ارجاع بعل للحياة ...
وموت يجأر بازدراء ...
شاهرا سيف الشماته ...
وهو يرقب ما يسيل ...
من الدموع لدى عناة ...
كان الغرور بصوت موت
والقبح في سيماء موت
والموت يبدو ماثلا
بعيون موت ...
وعناة تشتعل انتقاما ...
غضبا ... وقهرا ...
شرعت تزمجر كالصواعق ...
تستل سيفا باترا ...
وتطير كالبرق العنيف تجاه موت ...
وبسيفها تهوي عليه ...
وبضربة تقضي عليه ...
وتحز عنقه
ويموت موت
وعناة تحرق جثته ...
فيستحيل الى رماد ...
وعناة لا ترأف بموت ...
وتلم كل رماده ...
تذروه في كل الحقول
مع الرياح
ويكون موت (الموت)
فاتحة وبشرى للحياة ...
ويعود بعل الى عناة ...
وتعود تزدهر الطبيعة والحياة
********
دهشت عناة ...
تبعثرت في صمتها ...
ورأيت في حدقاتها ...
زهو الرضا ...
ابتهجت عناة باسمها
لكنها انزعجت قليلا
من حقيقة مصدره
نسيت بان الاسم لي
وانا الضحية ...
نسيت بان الاسم
ينبض بالحقيقه ...
مهما واراها الزمان
وان تزوير الحكاية
لن يدوم
فاعيدي اسمك يا عناة لاهله ...
او غادري هذا المكان ...
والقي القيود ...
فلتستقيلي يا عناة ...
او ان تعيدي الاسم لي ...
او بدلي اسما جميلا ترتديه ...
كما ارتداء الماجون (الاقنعه .. التحف القديمه)
في حفلة جنسية وتنكرية ...
واستبدليه باي اسم
قد يلائم هذه الكلمات
في لغة القيود ...
لوثت اسمك في القيود ...
وخلف ابواب الحديد الموصدة
خجلت عناة من الحقيقة
لم تجد ردا بليغا لافتراضي ...
للغياب عن المكان
فاضفت كي اعطي
لمقترحي اثارة عندها ..
لعناة رمز اخر ..
هو رمز اجنحة اليمامة
فعناة يا سجانتي .. تدعى اليمامة
ولها جناحين
تحلق فيهما في الافق ...
فيمامة تعني لنا حرية
وانت يا سجانتي .. سجانة ...
افلا ترين تناقضا
بين اليمامة
والوظيفة حيث انت تزاولين ؟
اغتبطت عناة بمعنى
اخر لاسمها
وتساءلت .. اي انني
ادعى كذلك باليمامة ؟
قلت .. بلى
لو تتركي هذي الوظيفة
وتغادري فكر الصهاينة
الغلاة الحاقدين ...
*******
ومكبرات الصوت تعلن ..
انتهى عدد الظهيرة
انتبهت عناة
لصوت اعلان المنبه
طار الحمام ... الزهر
من عينا عناة
غدت ابتسامتها كريهة ...
وتسارعت تقطيبة
علت الحواجب ...
عادت عناة لدورها .. سجانة
نعبت عناة بصوتها ..
ان قم نغادر ...
لنعود صوب السجن ...
لكنها راحت تباهي في الطريق
*باسمها*
لصحابها ...
في انها .. ولتوها
استمعت لقصة اسمها ... مني ..
وراح صحابها يتبسمون
مجاملين فتاتهم بسذاجة
في وجهها ...
كانت كماجنة تباهي باسمها ...
ما همها دفىء الحقيقة ...
اما انا فلقد شعرت
برجفة ... واهانة
قد حرت في هذي الوقاحة
وحدي ادري غصتي
بين زوايا غرفتي
قمت التقطت براعتي ...
ورحت ادفن لوعتي بقصيدة
هذي القصيدة ...
كمال ابو حنيش
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات كمال ابو حنيش