الموضوع: علمني الرحيل
عرض مشاركة واحدة
قديم 10 / 07 / 2016, 36 : 03 AM   رقم المشاركة : [5]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: علمني الرحيل

[align=justify]هاتفا صباحيا، تتلقاه والدة خالد من أختها المقيمة منذ أكثر من عشرون عام بسويسرا، والتي ما إن وصلها خبر وفاة زوج أختها إلا، وقد أسرعت بحجز تذاكر السفر إلى القاهرة، برفقة إبنتيها، نهى، و أماني، حيث كانت فرصتها، وحجتها لعودة طال انتظارها شوقا إلى الوطن، والأهل، والذكريات القديمة ..كان خالد قد اعد حقيبته للسفر في مهمة عمل سريعة، قد استبدلته الشركة بزميله نزولا على رغبته، في أدائها بنفسه، فقد كان يحتاج لتغير المكان، والجو العام، إثر تلك الأحوال المؤلمة، والأجواء المحزنة، بسبب رحيل والده.. ها هو خالد قد أعد نفسه للسفرة المفاجأة، التي تفاجئت بها والدته! حيث كانت في أشد الإحتياج لوجودها في كنفه فهو الإبن الأكبر لها، وهو الأكثر شبها بوالده، ولما تشعر به من وحدة، وغربة، ومرراة فقد لا يستوعبها القلب، والعقل، فتلك فجيعة العمر .. تجاذبا أطرف الحديث ما بين شد، وجذب، ولوم، وعتاب، فكيف لخالد أن يتركها في مثل هذه الظروف الشديدة وحدها تواجه الذكرى وتستقبل التعازي ؟! لكنه اعتذر بأن الشركة هي من اختارته لتلك المهمة، وأصر على السفر.
كان وليد الأخ الأصغر لخالد، والذي يعقب ميلاد خالد بعامين ونصف تقريبا، قد تولى مهمة إستقبال خالته، وبناتها في مطار برج العرب، حيث كانوا يقطنون أحد أحياء عروس البحر المتوسط (الإسكندرية)، والذي لا يبتعد عن البحر كثيرا، بل كان يشرف على البحر من نافذة إحدى غرفات المنزل الخلفية، حيث كان يتكون من طابقين دبلكس يحتوي الطابق الأول على رسيبشن، مؤدي إلى غرفة معيشة، تتمتع باتساع مساحتها، وغرفة جهزت خصيصا لاستقبال الضيوف، ومطبخ وحمام وأما الطابق الثاني والذي كان يتصل بالطابق الأول عبر سلم شبه حلزوني بعض الشيء، ليس بكبير المساحة ، والذي يحتوي على أربع غرفات نوم، إحداها تمثل غرفة خالد، والثانية ل وليد، والثالثة ل سالي الأخت الصغرى لهما، وغرفة الأم ، بالإضافة إلى الحمام الرئيسي ..

ها هي الشمس قد كشفت عن خمارها، وحين تبسم وجهها انطلقت أشعتها، لتخترق نافذة غرفة وليد ، مداعبة عيناه، وكأنها تيقظه من كسله الطويل، لينهض، ويستعد للذهاب إلى المطار لاستقبال خالته سميرة، وبناتها نهى، وأماني ، مازال يتقلب متثاقلا ، ومحاولا أن يغط في النوم مرة أخرى لكن المنبه كان حليفا للشمس في محاولة ازعاجه، وقد سبق سباته واستسلام النوم له، وانطلق مدويا تضج لسماعه الأذان، نهض وليد بسرعة المفزوع، وعلامات الجنون بدت على وجهه، وشعره المتناثر في الهواء يمينا ،وشمالا، يمسك بتلابيب المنبه محاولا دفنه في لحافه تارة، وغلق صوته المزعج عبر الزر المخصص لذلك تارة أخرى، إلا أنه كان في كل مرة تبوء محاولته للوضول لزرالغلق بالفشل ..وذلك لأن عيناه كانتا مازالتا مغلقتان تماما ، وفي كل محاولة كان يعتمد على حاسة اللمس في إخراسه..

على مائدة الإفطار كانت الوالدة تنتظر وليد، وسالي، وبعد دقائق كان الجميع قد أخذ موقعه على المائدة لتناول الإفطار، وتجاذب الجميع أطراف الحديث حول تلك الزيارة التي قد تمتد لأكثر من شهر ،والتي كانت تحرص الأم فيها على إعطاء التعليمات، والتوجيهات بشأن إقامة اختها، وبناتها في منزلهم.. انتهى الجميع من الإفطار ، انطلقت سالي إلى غرفة الضيوف تعيد ترتيبها، وتؤكد تنسيقها ، بينما انطلق وليد بالسيارة متجها إلى المطار لاستقبال خالته، وبناتها في الوقت المناسب لهبوط الطائرة.

وأما الأم فقامت تجر أحزانها، وملامحها المكسورة وبعض آثار الدموع التي تسقط ما بين الحين والأخر إلى المطبخ لتقوم بتجهيز مبدئي لطعام الغداء .

في الطريق وبسيارة وليد سقط الكثير من الدموع من قبل خالته، وابنتها الكبرى نهى أثناء حديث وليد عن ظروف موت والده، وثرد كلماته الأخيرة وبعض وصاياه المكتوبة التي عثروا عليها في حقيبته الدبلوماسية ومدى الأحزان التي خيمت عليهم عقب ذلك الحدث الأليم .
سلين تنطوي على أحزانها، فقد جعلتها تتخبط بين جدارين من الأسى ، حبيبها الذي أطفأت الأحداث قلبه وغلفت الدموع فرحته بها ، وفرحتها التي احترقت امام عينيها ولم تقوم للسعادة قائمة إلى اليوم .. مكالمات هاتفية كانت تستمر ل خمس إلى سبع ساعات يوميا، تقلصت حتى وصلت ل ألا تتعدى الربع من ساعة الألم، ونهر الكلمات الذي جف نبعه، والصمت المباغت بين الجمل، منذ لحظة ألوو في بداية المكالمة، وحتى لحظة سلام في نهايتها، وما بينهما لا تتعدى الحروف أكثر من ثلاث إلى أربع جمل .. جلست وقد امتلأت عينيها دمعا بعد غلق هاتفها على أخر كلمات أجابها بها خالد عن عودته من المهمة وهو يقصر الحديث، ويقتصر على كلمتي لا أدري، ومن ثم يبادر بالإعتذار عن إكمال المكالمة بحجة أنه مشغول .
في بيت العائلة الفاقدة وصلت سميرة الخالة، والأخت الكبرى لوالدة خالد، وبناتها، ومعهم وليد يحمل الحقائب التي ترفض بشده أن يحملها، فتسقط الواحده تلو الأخرى معاندة له، كلما قام بحمل الحقائب معا، لا تكاد تستقر في يده بدءا من باب السيارةإلى أن وصل غرفة الضيوف، وهو ، والحقائب في نزاع مستمر ما بين القبض، والرفض، وأخيرا قام بإلقائهم بحنق داخل الغرفة ، وهو ينظر ورائه في خفة مخافة ان تراه خالته، أو ابنتها أماني التي يبدو عليه علامات الإستلطاف نحوها.. مصافحات حارة، تختلط بالدموع، ما بين الأختين، وبنات الخالة سالي، نهى، وأماني واللاتي لم يحدث بينهن لقاء قط، منذ ميلادهن جميعا. [/align]
يتبع
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس