الموضوع: بائعة الصبار
عرض مشاركة واحدة
قديم 10 / 08 / 2016, 56 : 09 PM   رقم المشاركة : [1]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

بائعة الصبار

[align=justify]بائعة الصبار

عدت إلى الشاطئ بعد غياب دام عدة سنوات . وقفت أتأمل المكان . لا شيء تغير . هنا كنت أجلس تحت مظلتي أكتب تارة وأتأمل تارة أخرى مرتشفا قهوتي على مهل . وهناك عن يميني يجثم قارب يشبه ذاك الذي ألهمني رحلة حلم بحرفه الأنثوي الجميل . وهناك على مقربة منه ، توقفت قبالتي في صباح يوم مشمس زاه صبية أهديتها قلم حبر وذقت من يدها ألذ تينة .
لا أدري لم استوقفت اليوم بائعة صبار وهي تمر قرب مسكني بخطى وئيدة تنوء بعبء ما تحمله من دلاء . تأملتها فبدت لي غادة لم يزدها لفح الشمس إلا بهاء رغم مسحة الحزن التي علت محياها . رجعت دون وعي بذاكرتي إلى تلك الصبية وصرت اقارن بينها وبين هذه الواقفة أمامي في استحياء وخجل .
نسيت إن كنت اشتريت منها صبارا أم أني اكتفيت فقط بالسؤال عن الثمن وربما عن المنطقة تصرفات بعض المصطافين البعيدة عن كل لباقة وتحضر . وتعمدت أن أذكر المدرسة . المحاذية لسكناي لعلي أنعش ذاكرتها .. لكن الأكيد أني شعرت ما يشبه وميضا خاطفا في عينيها النجلاوين وشبه ابتسامة على شفتيها ثم بضع كلمات تشبه الهمهمة .
كانت رغبتي جامحة في أن أسألها :" أهذه أنت ؟" .. لكن شيئا ما كان يعقل لساني ويكبح جماح نفسي عن السؤال رغم أني كنت ألمس من وميض عينيها نفس اللهفة ونفس السؤال :" أهذا أنت ؟"
- هل تبيعين التين أحيانا ؟
- نعم لكن "الباكور" فقط الناضج الآن ..
لم يخب وهج الوميض من عينيها .. تعمدت أن أسألها وأنا أعبث بقلم حبر لا يفارقني صباح مساء حتى أدون ما تجود به قريحتي .. فهالني طيف بسمة حملت من المرارة والسخرية الشيء الكثير .. بل ومن الخيبة وأنا أشير إلى المدرسة وقد تآكلت جدرانها حتى صارت كأطلال ثكنة عسكرية ، مما جلعني أتأكد أنها هي..الآن تجلى لي كل شيء .. كل ما فيها يؤكد لي أني أحدث الصبية التي أهديتها القلم الزاهي الألوان .. لكن شتان ما بين نظرة الأولى المفعمة لهفة وحماسا وبين هذه المترعة خيبة ومرارة .
لبثت لحظات مفكرا ساهما ولم أنتبه لانصرافها ، فوجدت نفسي أقتفي أثرها وأستسلم لخطواتي وقد شملني حزن دفين .كانت آثار أقدامها لا تزال مرتسمة على الرمال المبللة وقد انمحى بعضها . آثار أقدام تتجه نحو الموج وليس نحو الصخور مثل المرة الماضية . فهل تكون الغادة التي لقيتها منذ قليل حورية من حوريات البحر، تغادره ليلا لتعود إليه عند طلوع النهار ؟
ندمت على عدم سؤالها ولبثت هناك أتطلع إلى عرض البحر لعله ينفرج عن بائعة الصبار .. بائعة التين . وصارت عادتي كل صباح أن أقف على الرمال وأنظر إلى الأفق الأزرق البهيج فأتخيل أشياء تقفز وتغوص ولا أملك إلا أن أشير بيدي وأعدو كالمجنون على طول الشاطئ المترامي الأطراف . [/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس