المثقفون بين المطرقة والسندان !!..
[align=justify]
إن أكثر وأخطر ما يؤثر في آلية الحوار عندنا ، أقصد الآلية المريضة ، تنشأ من اهتزاز وعدم توازن في ذهنية المثقف خاصة التابع لجهة أو حزب أو فكرة محددة ، فكل حواراته تنطلق من إيمانه بما يتبع له ، لذلك يدافع دفاع المستميت عن أقواله وأفعاله ومعتقداته التي هي في الأساس نتاج منظومة وضعية تتبع لجهة أو حزب أو غيرهما ..لكن لماذا كان الأمر كذلك وما هي مرجعياته ؟؟..
سنجد عند البحث أننا ما زلنا ننطلق من نظام قبلي لم يتغير ولم يتبدل ولم يحدث فيه أي تجديد ..ونخطئ كثيرا حين نحمل الإسلام تبعية هذه الأحادية في التفكير أو وجهة النظر الواحدة في الحوار ..فالإسلام حاول أن يطمس ويمحو ويغير مفهوم العصبية القبلية مركزا على ضرورة التعدد في الرأي وهو ما كان بعد مجهود جبار لا مثيل له كانت نتائجه الباهرة فيما تبع من ازدهار في عصور لاحقة .. لكن للأسف عادت العصبية القبلية لتتسلل محاولة الهيمنة على الخطاب الإسلامي والحكم وغيرهما وهو ما جر الكثير من الكوارث التي تنسب إلى الإسلام مع أنّ الإسلام منها براء ..وسبب الخلط قائم ببساطة على أننا ما عدنا نفرق بين العقيدة التي أساسها الدين والمعتقد وشبيهه مما هو نتاج المجتمع ..وطبيعي أن يسر ذلك من يقفون بالمرصاد للدين الإسلامي مع أنهم أول من يعرف أنّ هناك ركاما هائلا من الهيمنة المجتمعية أو القبلية قد سيطرت على الخطاب مدعية انه الخطاب الديني ..
لكن ما علاقة ذلك بالحزب أو الجهة أو المنظمة أو الفكرة ولماذا نختلف في ذلك عن الغرب مثلا في أحزابه وتنظيماته وما إلى ذلك ؟؟..
وقع المثقف عندنا في مسار القبلية حتى في الحزب أو المنظمة وسواهما ، فصارت الأولوية للحزب أو المنظمة .. بل صار الحزب أكبر من الوطن وهنا المصيبة ..وعلى هذا المنوال أو المثال تشكلت العقول التي تحاور وتناقش وتؤسس لنهضة نحلم بها ..وأقول نحلم بها لأنّ التناحر والظن بأن هذه الجهة تنطلق من مفهوم صحيح بينما الجهة الأخرى تنطلق من مفهوم خطأ لن يصل بنا إلى بناء خطوة واحدة تسير إلى الأمام .. والشيء الخطير أو الغريب أنّ العقول المفكرة أو المثقفة هي التي تحمل هذا المفهوم أو هذا الفكر .. مما يجعلنا أمام تنافر أفكار وليس تلاقح أو تلاقي .. ولنحاول مجرد محاولة أن نضع مثقفين من حزبين مختلفين أمام فكرة واحدة ، سنجد العجب العجاب ، فالحوار الدائر سيكون حوار كسر عظام وليس حوار مفاهيم وأفكار وما إلى ذلك ..
مفكرنا أو مثقفنا يحفظ " كليشات " جاهزة ومناسبة لكل وقت وكل حوار وعقله لا يريد أن يستوعب أنّ في المقابل فكرة أخرى مناقضة أو مختلفة قد تكون هي الصحيحة بينما تكون فكرته هي الخطأ .. كما قد تكون الفكرتان صحيحتين وتتسع لهما الذائقة والذاكرة والعقل دون حاجة إلى محاولة نسف الآخر لإلغاء فكرته والإجهاز عليها ..
هل يعي مثقفنا ذلك ويرضى بأنه مرض موجود ؟؟.. للأسف لا .. لأنه لو اعترف ورضي لقطع نصف الطريق إلى الشفاء من هذه العلة المزمنة ..لكن توقف العقل وجموده عند أشياء محددة يضع المثقف بين المطرقة والسندان وهو لا يدري !!.. وحين يدري فسيعود للمهاجمة لا للحوار الهادئ .. فما هو الحل ؟؟..
[/align]