10 / 10 / 2016, 10 : 01 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب
|
حمار الحكيم يتنبَّأُ بواقعنا الراهن..!
[align=justify]أعادتني تطورات الأحداث الجارية على أرض راهننا العربي، ونتائجها المأساوية التي تزداد فداحة، يوماً بعد يوم، إلى تَذكُّر كتابَي توفيق الحكيم الرائعَين اللذين أدخلَ (الحمار) في تركيب عنوانيهما، وهما: (حمار الحكيم) و(حماري قال لي)..
ولم تَعُدْ بي الذاكرة إلى هذين الكتابين بسبب الرغبة في استعادة طرافة مضمونهما فحسب، بل لأنَّ الكثيرَ مِمَّا بَثَّه مؤلفُهما، في ثنايا ذلك المضمون، يكاد يكون نبوءة مبكرة لما نشهدُه من أحداث تبتعد عن تاريخ صدورهما بأكثر من نصف قرن..؛ فأحببتُ أن أستجلي تلك النبوءة، وأرى مدى صدقها بعرض مضمونها على مجريات واقعنا الراهن..
حكمة حمار...![/align]
[align=justify]صَدَّرَ توفيق الحكيم كتابه (حمار الحكيم) ونهايته، بقولً للحكيم (توما) جاء فيه: [/align]
[align=justify](متى ينصف الزمان فأركب، فأنا جاهل بسيط، أما صاحبي فجاهل مركب)! [/align]
[align=justify]وعندما سُئل الحكيم (توما) عن الفرق بين الجاهل البسيط والجاهل المركب، قال: (الجاهل البسيط هو من يعلم أنَّه جاهل، أمَّا الجاهل المركب فهو من يجهل أنَّه جاهل).
ولإعجابي بهذه المقولة، رأيتُ إعادة صياغتها بما يُشبه الشعر، فصارت كما يلي:[/align]
[align=justify]تَكَلَّمَ الحمار مرةً واحدة في تاريخه، فنطقَ شعراً، فقال:[/align]
أيها الزمانُ.. أيها الزمانْ..
متى تُنصِف فأركبْ
فأنا حمارٌ بسيط،
وراكِبِي حمارٌ مُركَّب...!
[align=justify]أردتُ البدء بنصِّ هذه المقولة القديمة، كما سمَّاها الحكيم، لتكونَ مُدخَلاً لحديثي عن كتابه الآخر (حماري قال لي) الذي ضمَّنَه مجموعةَ حوارات لطيفة خفيفة الظلِّ، أجراها مع حماره، على المستوى الفني طبعاً؛ أمَّا على مستوى الواقع، فهي حوارات بين الحكيم ونفسه، أو بين الحكيم وما يراهُ عَالَماً للقيم النبيلة التي بدأت تَنْطَفِئ وتتلاشى، منذ زمن موغل في البعد عن راهننا.. قِيَمٌ صار التمسك بها والإصرار على انتهاجها في الحياة كافيَين لوصف صاحبها بالغباء والسذاجة وغيرها من الأوصاف التي تُلَخِّصُها، في عُرْفِنا الشعبي الراهن، كلمةُ (حمار) التي صارت، بدورها، مُعادِلاً رمزيّاً للغباء المطلق، حتَّى صار مُجرَد إطلاقها صفةً على أحد، أيِّ أحد، شتيمةً جارحة.
وفي وهمي، تجلَّتْ عبقريةُ الحكيم، في كِتَابَيْه آنِفَي الذكر، بقَلْبِ هذا المدلول السائد لكلمة حمار، عن طريق سلسلة من الحوارات اللطيفة، يظهر فيها هذا المخلوق المُحْتَقَر في العُرْفِ الشعبي، مثالاً للتفكير العميق، والمنطق المتزن، والأخلاق الحميدة التي لم بات وجودُها، في مجتمعاتنا، اليوم نادراً نُدرةَ الماء في الصحراء، وذلك من مثل: (الصدق والأمانة والإيثار والصبر والتسامح والصمت العميق ومحبة الآخر) وغيرها من صفات ظلَّتْ تُعَدُّ، لقرون خَلَت، صفاتَ الحكماء.
ولعلَّ السؤالَين المفتاحيَّين لدراسة هذين الكتابين وفَهْمِ المقصِدِ الحقيقي لمؤلِّفِهما هما:
ماذا أراد توفيق الحكيم أن يقول لنا، من خلال شخصية الحمار/بطل هذين الكتابَين؟
ولماذا اختار الحمار، من بين كلِّ الحيوانات الأخرى، ليتحدثَ إلينا من خلاله؟
في السطور الأولى من كتابه (حمار الحكيم)، يُخبرنا توفيق الحكيم أنَّ للحمار في حياته شأنٌ وأيُّ شأن؛ ثم يمضي في إثارة المزيد من دهشتنا، حين يرفع شأنَ هذا المخلوق الذي يحتقره معظمُ الناس، إلى درجة التقديس، فيقول: (إنَّه عندي كائنٌ مقدس كما كان الجعران عند المصريين القدماء)..
وأمام هذا التوصيف لعلاقته بالحمار، نجد أنفسنا نتساءلُ: هل كان الحكيم يبحث، في توصيفه هذا، عن مجرد إثارة فضولنا، أم كان يُريدُ إثارة تعجُّبِنا وفضولنا معاً لنقرأ كتابَيه اللذين جعل الحمار جزءاً من عنوانيهما، أم كان هَمُّه إضحاكَنا والترويحَ عنَّا فقط لا غير، أم كان جادّاً في توصيف علاقته بهذا الحيوان، أم كان يريدُ كلَّ هذا مجتمعاً؟
يُخبرنا مضمون الكتابين أنَّ الحكيم كان يريدُ كلَّ هذا مجتمعاً، في آن واحد..، بدليل أنَّه لم يُخصِّص حماراً بعينه ليُحاورَه، بل عَمَّمَ وصْفَه للحمار الذي اختار الحوار معه فجعله ينطبق على (أيِّ حمار، رأيتُه أو لم أرَه.. مهما تكن ظروفُه ومصائره.. أيُّ حمار من تلك الحمير التي أعرف أو لا أعرف هو لي صديق.. أحبُّه وأحدِب عليه، وأفهم ما يجول في خاطره.. وأنظر إلى عينيه، وأُصغي إليه، فيُخَيَّل إليّ أنَّ صمتَه الطويل قد انفرجَ عن حديث مُؤْنِسٍ يُدلِي به إليّ، وأسئلةٍ طريفة يُلقيها عليّ)..
ربَّما يعرف كثيرون منَّا أنَّ الحكيم كان ميَّالاً للسخرية، في كتاباته كلِّها، لكنَّ ما لا يعرفُه إلَّا قليلون هو أنَّ سخريتَه لم تكون مجانيةً أبداً؛ أي لم تكن مثلَ كوميديا هذه الأيام التي صارت مجرد تهريج يُبكي أكثر مما يُضحك؛ بل كانت سخريةً مُوظفةً هادفةً على الدوام.. وبالتالي، كان اختيارُ الحيوان لبناء هذه السخرية جزءاً من وظيفتها..
صحيحٌ أنَّ الحكيم لم يكن أوَّلَ من ابتدعَ اختيار الحيوان لتأدية وظيفة تعبيرية مُحَدَّدة غايتُها إيصال رسالة فكرية وتربوية إلى قرائه، بأسلوب رمزي غير مباشر، بل سبقه إلى انتهاج هذا الأسلوب عديدون، لعلَّ من أشهرهم (ابن المقفع)، في كتابه الشهير (كليلة ودمنة)؛ لكنَّه ربَّما يكون من النادرين الذين صاغوا رسالتهم الحكيمة تلك بأسلوب ساخر خفيف الظلّ والروح، يُمسك بتلابيب اهتمام القارئ وفضوله، ولا يتركه حتى يُتمَّ الكتاب إلى نهايته..
ولعل اللافتَ أكثر، في هذين الكتابين، أنهما يُلامسان، فيما يُشبه النبوءة، سلبيات الظروف التي كان يعيشها الإنسان العربي، عند صدورهما، والتي تضخَّمت اليوم إلى حدٍّ مذهل، أظنُّ لو أنَّ توفيق الحكيم عاصرَها، لكانت درجة سخريته منها قد تضاعَفَت أكثر وأكثر، خصوصاً وأن اللامعقول ومسرح العبث صارا واقع َ العرب اليوم؛ وإلا كيف يُمكن أنْ نُفسرَ صيرورة المقاومة والمطالبة بالحرية إرهاباً، وصيرورة قَتْلِ الأطفال والنساء والشيوخ وهدم بيوتهم فوق رؤوسهم مكافحة للإرهاب؟!
وبعد، فلاشكَّ أن من الصعوبة، في مقالة محدودة الحجم كهذه، استعراض كامل مضمون هذين الكتابين الرائعين، ولذلك سأتوقف عن أبرز ما جاء في أحدهما، وهو (حماري قال لي) الذي صدرت طبعتَه الأولى عام 1945، لكونه مجموعة حوارات وظيفية ساخرة تعكس جانباً من فكر الحكيم الاجتماعي والفلسفي من جهة، ويحمل بعضها، في ثناياه، ما يُشبه النبوءة المبكرة بما يشهده واقعنا المعاصر من أهوال وتداعيات مرعبة من جهة أخرى.. [/align]
الحمار يُنقذ إبليس من الغرق في طوفان نوح!
[align=justify]لعل من الطريف والمثير، في آنٍ معاً، أن يبدأ الحكيم حواره مع حماره، في هذا الكتاب، بحادثة طوفان نوح التي تُعَدُّ البدايةَ الثانية للبشرية، مُحَمِّلاً الحمار الذي نجا بركوب سفينة نوح مسؤوليةَ نجاة إبليس من الطوفان..، لأنَّ إبليس لم يجد حيواناً أطيب منه قلباً يتعلَّق بذَنَبِه للتسلُّل إلى سفينة نوح.
ومن الطريف أيضاً أن يُدافع حمار الحكيم عن جدِّه الأوَّل/(حمار سفينة نوح) بأنَّه لم يُنقذ إبليس لغبائه، بل لطيبة قلبه! فإذا بالحكيم ينفذُ من هذا الدفاع نفسه ليبنيَ حكمتَه الأولى بضرورة نفي الثقة بين طرفَي المعادلَة التي صاغها من الحمار كرمز الطيبة، وإبليس كرمز الشر؛ ليُحَذِّرَ قُرَّاءه، بشكل غير مباشر، من أنَّ طيبة القلب غير المشفوعة بالفطنة من الأشرار ومكرهم، كثيراً ما تتحوَّل إلى طوق نجاة لهم من العقاب الذي يستحقونه..
وبذات البراعة في التعبير غير المباشر عن هذه الحقيقة/الحكمة، يَلْفِتُ الحكيمُ وحمارُه معاً، إلى استمرار هذين النقيضين في ممارسة هذه اللعبة، مع تغيير هام تَمَثَّلَ باستبدال طوفان الماء الذي حدث زمن نوح، بطوفان الدمِّ الذي بات يتجدَّد في كل عصر، إلى عصرنا الراهن هذا..، مع الانتباه أيضاً إلى أنَّ صانع طوفان الدمِّ ليس الله – سبحانه – بل الإنسان نفسه، ولسبب جوهري هو تَحَوُّلُ هذا الإنسان عن عبادة الله إلى عبادة آلهة أخرى غيره، تبدو الأصنام أهونَها، وتبدو الأَثَرَةُ والجشع والبغضاء وما شباهها أكثرَها أذى وظلماً..
وهنا، يعود الحكيم ليُفاجئنا على لسان حماره، وهو يُدافعُ عن جدِّه/(حمار السفينة)، بأنَّ الإنسان الذي تحوَّلَ عن عبادة الله إلى عبادة غيره من الآلهة أشدُّ غباء من الحمار، وذلك حين وضعَ الحكيم على لسان حماره السؤال التالي: (هل سمعتَ، منذ بدء التاريخ، أنَّ فصيلة الحمير عبدت أصناماً؟)! ولمَّا كان الجواب الحتمي هو: لا، فقد رفع الحكيم، بطرحِه هذا السؤال، الحمارَ إلى درجةٍ من النباهة والذكاء أعلى بكثير من الدرجة التي انحدرَ إليها الإنسان الذي مازال يتسبَّبُ في حدوث طوفان الدمِّ، في كل عصر، جرَّاء عبادته لذاته وشهواته وهواه..
ويمضي الحكيم في حواراته مع حماره حول أهمِّ رموز الشرِّ في العصر الحديث، مثل: هتلر وموسوليني وأمثالهما من الطغاة، وما أدَّت إليه عبادتهما لذاتيهما من كوارث عمَّت البشرية جمعاء، مع التَّنَبُّؤ باحتمال كوارث مماثلة أو أشدَّ هولاً، فيما لو سمح الإنسان لأمثالهما من الوصول إلى كراسي الحكم ثانية..
ثم يمتدُّ النقاش بين الحكيم وحماره إلى مؤتمر الصلح الذي عُقِدَ، بعد تَوَقُّفِ الحرب العالمية الثانية، والذي أراده عاقدوه أن يكون سفينةَ نوح معاصرة تُنقذُ إنسان المستقبل من الغرق في طوفانات الدمِّ المحتملَة؛ فإذا بسخرية الحكيم وحماره تَعمُّ المُعلنَ من غايات الذين عقدوا ذلك المؤتمر وأهدافهم على السواء.. [/align]
حزب الحمير...!
[align=justify]يصل الحكيم إلى قمة السخرية، في كتابه، أثناء حواره مع حماره حول صانعي سياسة عصره، عبر إبراز التناقض الصارخ بين شعاراتهم المعلَنة وسلوكياتهم على أرض الواقع، ثم عبر انقلاب المفاهيم والقيم، عند أولئك السياسيين، من النقيض إلى النقيض..
فحسب الحكيم، جاء حمارُه يوماً يُخبرُه بأنَّه يريد إنشاء حزب خاص بالحمير، يُسمِّيه (حزب الحمير)، ويُحظَّر على البشر الانتساب إليه، بعدما قرف الحمار من نفاقهم وكذبهم وشرورهم.. وحين اعترضَ الحكيم على مشروع حماره هذا، مضى الأخير في تحدِّيه له مُؤكِّداً أنَّ الحزب الذي يُزمعُ إنشاءه سيثبتُ أنَّ الحمار ليس ذلك المخلوق الغبيّ، كما يصفه الإنسان، بل هو مخلوق مُتفوِّقٌ، في أخلاقه وسلوكياته..
وعلى الرغم من خفَّة ظلِّ الحكيم في حواره الطريف هذا مع حماره، والذي اختار له عنواناً أكثر طرافة هو (حماري وحزبه)؛ وعلى الرغم مِمَّا تدفع إليه سخريتُه من ابتسام، فإنَّ ما وردَ، في ثنايا هذا الحوار، من إشارات رمزية لاذعة لسياسيي عصر الحكيم، يكاد يُشبه النبوءة، حين نسحب تلك الإشارات الساخرة على سياسيي عصرنا الراهن، وربَّما العصور القادمة أيضاً...
ولعلَّ أجمل اللقطات الساخرة في هذا الحوار، وأكثرها تعبيراً وشفافية رمزية، تلك التي يبدأُها الحمار بعرض المبادئ التي اختارها للحزب الذي يريد إنشاءه، من مثل: (الإخلاص والصبر والمحبة والصدق وإنكار المصلحة الشخصية مقابل التفاني في العمل لمصلحة الغير...).. فبعد أن انتهى الحمار من سردِ تلك المبادئ، إذا بالحكيم الذي كان يُنصتُ إليه مشدوهاً، يضحك، ثم يقول له ساخراً: (فعلاً هذه مبادئ حمير)! ثم يطلب منه تغييرها إلى النقيض، وخصوصاً الأخير منها..! وحين يسألُه الحمار عن السبب، مُتعجِّباً، يُجيبه الحكيم بما معناه أنَّ أحداً لم يَعُدْ يؤمن بهذه المبادئ أو يهتم بها.. وبالتالي، فإنَّ عليه، إذا أراد أن يُنشئَ حزباً ناجحاً، أو يشتغلَ بالسياسة، أن يتنكَّر لهذه المبادئ، لأنَّ الهدفَ الوحيد لساسة اليوم صار المصلحةَ الشخصية وليس إنكارها لصالح مصلحة الغير...
ثم يمضي الحكيم في سخريته أكثر، حين يُنبِّه حمارَه إلى عائقٍ أكبر يعترض طريق إنشائه لحزبه، وهذا العائق يتمثَّلُ بصعوبة، بل استحالة، العثور على أعضاء يقبلون الانتساب إلى مثل هذا الحزب، حتى لو غَيَّر مبادئه إلى النقيض.. وحين يسأله الحمار، مدهوشاً، لماذا؟ يُجيبه الحكيم ساخراً بسؤال مضاد: وأين يمكن أن تجدَ ذلك الحمار الذي يعترف بأنَّه حمار ليدخلَ في حزبك؟!
[/align]
وختاماً،
[align=justify]يتطرَّق الحكيم، في كتابَيه هذين، إلى موضوعات أخرى كثيرة، لم تقلّ أهميتُها، على الرغم من مُضي أكثر من نصف قرن على طرحها.. ومن أبرز هذه الموضوعات: (حرية المرأة، وعداوة الحكيم المزعومة لها، ورأيه في تَسَلُّمِها مناصبَ عليا، وتأثير أنوثتها على أدائها في هذه المناصب، وخصوصاً منصب القاضي)...، وغير ذلك من موضوعات ظلَّ الحكيمُ ينقلُنا، في حواراته مع حماره، من أحدها إلى الآخر، بخفَّة ظلٍّ وبراعة؛ فإذا بنا نمضي معه، مُستمتعين، من موضوع اجتماعي إلى آخر سياسي إلى ثالث نفسي إلى رابع وطني أو إنساني... الخ؛ دون أن يجعلَ استمتاعنا بعرضه لهذه الموضوعات يطغى على محاولته الغائية من عرضها، والمتمثِّلَة في إقناعَنا بأنَّ مجتمعاتنا المعاصرة له، على الصعيدين المحلي والإنساني، بحاجة إلى إصلاح شامل وسريع، وبأنَّ جذرَ هذا الإصلاح وجوهره الرئيس هو العودة إلى الأخلاق الحميدة والطيبة والحب ودفء العلاقات الإنسانية الحميمة وما شابه، ممَّا قضت عليه النزعة المادية الأنانية للعصر الحديث، وبأنَّ وسيلةَ هذا الإصلاح، بل الطريقة الوحيدة لتحقيقه، هي القضاء على المعايير الخاطئة التي سادت تلك المجتمعات، والتي قلبَتْ سًلَّمَ المفاهيم والقيم والمبادئ رأساً على عقب، حين صار أفرادُها يَعُدُّون من يتحلى بالأخلاق الحميدة والخصال الشريفة حماراً، قاصدين بذلك السخريةَ منه والحطَّ من شأنه وشأن ما يؤمن به..
ومن مجمل عرضه لكلِّ تلك الموضوعات، ينتهي بنا الحكيم وحماره إلى تلك النبوءة التي نشهد تحقُّقَها اليوم، والتي بدأها بتحذير قرائه، وخصوصاً الأجيال القادمة منهم، أي نحن، بأنَّهم إذا لم يُصحِّحوا تلك النظرة الخاطئة للأخلاق ومفهومها ومن يتحلَّى بها، فإنَّ طوفاناً من الدم إِثرَ طوفان، ينتظر البشرية ومجتمعاتها جميعاً.. ويبدو أنَّ تلك النبوءة الرهيبة قد صارت، للأسف، واقعاً نعيشُه!
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|