16 / 10 / 2016, 03 : 08 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
رحلة الموت والحياة وما بعد الحياة / هدى الخطيب
[align=justify] جالسة تتنازعني الأفكار .. يغتالني الزمن! ..
لا تستغربوا!..
جميعنا.. يغتالنا الزمن كلّ يوم.. كلّ ساعة .. كلّ دقيقة وكلّ ثانية..
إن لم يمتنا الهمّ العربي بذبحة صدرية .. سكتة قلبية .. دماغية .. انفجار أو قصف.. غرق في البحر.. في المعتقلات.. تجارة بيع الأعضاء.. حادث سيّارة.. طائرة!!...
تبدأ رحلتنا مع الموت منذ أن نولد!..
يتسلل الزمن وتقطع الدقائق والأيام شرايين الحياة فينا رويداً رويداً.. ليصفّى إكسير الحياة قطرة قطرة....
بعد ألف سنة من الآن ستحصل أعجوبة يبثها الإعلام حسب شكله وآليته حينها.. سيكتشفون جمجمتي.. هيكلي العظمي في بقعة مظلمة حبست عن الأوكسجين.. يعبثون بها.. يجرون عليها تجاربهم وأبحاثهم واختباراتهم.. ثم يغلفونها بمواد حافظة ويعرضونها في متحف الجماجم للزوار!...
سيقول شاب لحبيبته ممازحاً:
(( انظري لهذه الجمجمة كم تشبهك .. هههه.. ))
ستغضب منه مزمجرة قائلة: (( بل هذه الجمجمة العفنة القبيحة تشبهك أنت))
فتاة أخرى تخاف.. وتفرّ هاربة.. وثالثة تخاف الوحام ووحماته على جنينها.. خرج ومرج وسخرية!..
فجأة تنتصب جمجمتي مستنكرة وتصرخ بهم:
(( يا سادة يا كرام.. أنا كنت ذات يوم فتاة جميلة يتخاصم الشبان لأجل نظرة من عينيّ وكنت أسير بشموخ واعتزاز وشيئ من الغرور.. كنت امرأة رائعة المبسم دقيقة الأنف واسعة العينين ساحرة بهية القامة متميزة بين لداتي ، ربما أجمل منكنّ جميعاً.. كنت ذكية مثقفة لبقة أجيد عدداً من اللغات وأعرف الكثير عن مختلف أصناف العلوم والآداب .. ولكن.. أنا كنت إنسانة عربية في زمن القهر والهوان العربي.. متّ مقهورة .. جريحة راجية الإنصاف وإن بعد ألف عام! )).
في ذلك اليوم تقرر مملكة المستقبل طحن جمجمتي الناطقة وتوزيع دقيقها على كل حدائق المدينة بين الورد الجوري والنرجس...
كان.. كنتُ .. كنتِ .. كنّا..
كلّنا سنموت ويمتصنا التراب ويمحو ملامحنا .. ولكن.. من قال أن الموت عدم وانتهاء؟!...
حين يموت الإنسان يخلع جسده كما يخلع المرء منا ثوبه!..
يرانا .. لا جسد يرتديه لنتمكن من رؤيته.. يحدثنا ولا حنجرة تتفاعل أوتار قيثارها لتنقل لنا صوته يحاول أن يمسح دمعنا لكن يده الشفافّة كالماء الممتدة كالهواء المتصلة بالفراغ فراغاً أرقّ وأشفّ من أن تمسح دمعة من دموعنا العربية الغزيرة... وقد يغني لنا ويتفاعل مع أوجاعنا وأحزاننا.. وقد.. ولكن!..
ها الأسمر اللون .. الأسمراني.. تعبان يا قلب خيته .. هواك رماني..
هنا صوتُ العرب:
منيرة وسميرة تطمئنان شقيهما جميل ووالدتهما الحاجة أم جميل.. طمئنونا عنكم!..
صوت العرب !.. كأني سمعت بهذا الاسم من قبل.. حدثتني عنه أمّي.. ولكن.. هل بقي للعرب صوت؟!..
الحمد لله لم يزل صوت فيروز يصدح منذ أيام المذياع وصوت العرب ممتداً إلى زمن يوتيوب والحرب على الإرهاب، تغني:
قالوا لي كِنْ وأنا رايح أجن .. أحبابي يُمى يا يُمى راحوا بعيد وتركوني ..
يُمى .. أمي حبيبتي الأغلى من الحياة أيضاً تركتني..
فكرت وسط هذا الكَم من الجنون .. جنوني ..
لن أنتظر الموت .. لأعيش.. لا بدّ أن أجد وسيلة ما تصلني بهم؟؟!!.....
يا سيّدي الصيني المحترف.. يا سيّدي الياباني الخلاّق.. الهندي المتميز في عالم التقنيات..
أبحث عن آلية شديدة الحساسية تستطيع نقل وتكبير وشوشة الأرواح خارج أجسادهم ؟؟!!...
جربت كل الآليات والتقنيات الحديثة والأحدث.. ولم أنجح..
نمتُ وأنا أحلم.. خرجتُ من جسدي .. عدتُ؟؟!!..
بدأت أتدرب على آلية الخروج من الجسد والعودة إليه مرة تلو المرة دون أن أعثر على أحبتي!..
مرهقةٌ أنا جسدياً وروحياً .. مرهقةٌ مسارب روحي...
كنتُ أهيمُ كغمامة تسبح فوق الجبال والتلال ؛
فوق المدن والقرى ،
تخترقني القنابل وقذائف الطائرات ؛
كراتٌ من النار واللهب تهبط وكرات من النور والضياء تصعد وتتلألأ..
وحيدة.. شرديدة ..
كلّ يوم أغادرُ جسدي وأعود له خالية الوفاض ؛
في يوم هناك سمعته بوضوح.. ميزت صوته..
كان يدقّ على باب عمره
طلعت.. هل الموتُ حقاً طواك؟!..
---------- البداية في ذكرى رحيله الخامس---------
كان الخطاب وبداية الرحلة.. الحوار الشعري مع أديبنا الموسوعي وشاعرنا الغالي الأستاذ طلعت سقيرق
كيف وأين؟؟
نحاوره ويحاورنا من خلال اقتباس شعره فقط ؛ أما المكان فهو في الصالون الأدبي...
أرجو الانضمام لنبدأ الحوار
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|