رد: قراءة في قصيدة (سيذكرني الناي) في الذكرى الخامسة لرحيل طلعت..
[align=justify]أختي الغالية الأستاذة هدى..
سَرَّني تعليقُكِ على قراءتي لقصيدة أخي طلعت، لكنِّي لا أَُخْفيكِ سرّاً أنَّه وَضَعَني بين متناقضين، بين الإحساس بالسرور لإعجابك بطريقة قراءتي هذه القصيدة، وبين الإحساس بالحزن جرَّاء إحباطك من سلوكِ مَن لم أعُد أهتم بسلوكهم، بل أَعجَبُ من أنَّ سلوكهم مازال يُزعجكِ إلى الآن.. وكيف لا أَعْجَبُ، وقد صار الوفاء، بين أهلِ زماننا، سجيَّةً نادرة وخُلُقاً مستحيلاً؟! فلا تَأْسَي على ما بَدَرَ من هؤلاء، ولا تحزني..
أمَّا ما سمَّيْتِهِ عيبَ طلعت الوحيد، فقد كنتُ وإياهُ شريكين فيه، كما كنا في كثير من أمور أخرى، ولذلك لم يَنَلْ كلانا ما يستحق، بل تجاوزتُه في سوء ما كُوفئ به عملي، فكان أن بقيتُ في الظلِّ، لأسباب كثيرة أبرزُها اضطراري للكتابة سنينَ عدداً دون اسم! لأنَّ كلَّ الجهات التي عملتُ بها، في فجر شبابي، كانت تشترط ألَّا أضعَ اسمي على ما كانت تنشرُه لي من مقالات ودراسات؛ وكان طلعت، رحمه الله، يُعنِّفني بين الفترة والأخرى، كلما رآني مستمراً في هذا الوضع غير السوي..! وكنتُ كلَّما عَنَّفَني، أَتَأَلَّمُ ثم أخبره أنْ لا حيلةَ لي، بسبب حاجتي إلى المال، فيصمتُ على مَضَضٍ، ثمَّ يتركني ويمضي حزيناً لأجلي..
كَمْ كان بَرّاً بأصدقائه، رحمه الله، وكم كان لهم محبّاً وعليهم عطوفاً... ولذلك عجبتُ، حين رأيتُهم يَنْسَوْنه، بعد سويعةٍ من رحيله، مثلما تعجبينَ وأكثر، ولم أُشْفَ من عجبي لإقدامهم على نسيانه راحلاً، إلا بعدما رأيتُ معظمَهم يتجاهلون بعضَهم وهم أحياء..!
وأمَّا بخصوص ما سألتِني أن أُشارك فيه، على شكل حوار مُستوحى من قصائد طلعت، فهل لي أن أسألكِ استبدالَه بالشروع في قراءةِ عددٍ من قصائده وقصصه القصيرة، الواحدة تلوَ الأخرى، على نحو ما تناولتُ قصيدته (سيذكرني الناي)؛ على أملِ أن أتمَكَّنَ من جمع قراءاتي لما أستطيعُ من أعماله، في كتاب يَضُمُّها منفصلةً، وكلُّ واحدة منها تتناولُ قصيدة أو قصة، عسايَ أنجح، في النهاية، بتحويل مجموعها إلى حزمة ضوء أُسلِّطُها على إبداعه المُتَمَيِّز، رغبةً منِّي في أنْ أُحقِّقَ له بنشرها بعضَ إنصافٍ يستحقُّه، بجدارة، كشاعر وقاص مُبدِع..؟
أنتظر رأيكِ..
رحمَ الله أخي طلعت، وأسكنه فسيح جناته، وأعانني على الوفاء لما كانه معي، أخاً ومحبّاً وصديقاً صدوقاً..
وتقبَّلي محبتي وتقديري..[/align]
|