[align=justify]
توطئة:
الأديبة الشابة فاطمة البشر ، تكتب بصدق من أعماق قلبها فتدخل نصوها قلوبنا.. وردة في رقّتها ورهافة أحاسيسها... تتسلق قوس قزح برقّة المشاعر وفرح الأطفال:
(( أفقتُ ذات يوم فائق الجمالْ وإلى قوس قزح شددت الرحالْ همستُ له بحنان ٍو غبطة تعال و لوّن حياتي بفرحة))
ومع الروح تحلّق:
((تأتي كحورية كما في الأساطير . تنثر شعاعها السحري لتتفتح زهرة ، وتطير فراشة ، وتكتمل قبلة))
.
بين رقّة ورق الورد وحدّة أشواكه .. بين عطره ونصل حرابه يكمن السر وينضح أريج الإبداع قي نصوص أديبتنا الشابة...
هي وردة فلسطينية معطرة برحيق هذا الوطن.. لينة في الحب والإنسانية والخير لين ترابه.. معطاءة عطاء ينابيعه.. صلبة تجاه من يحاول اقتلاعها من جذورها صلابة صخوره .. ودائماً مبدعة شامخة شموخ جباله ! ..
ورق الورد مخملي ناعم – للورد أشواك – وأشواك الورد سياج شموخه وسلاح رقّته...
مع هذا النص الذي نحن بصدده تكتمل قامة الوردة الفلسطينية بصفحاتها المخملية وشذاها الطيّب وأوراقها وسياج أشواكها..
انتفاضة السكاكين في نص أديبتنا الشابّة:
((لماذا سكّين ؟! ))
السكين هنا رمز .. جرّاح يداويها بالتي كانت هي الداء..
في نصها تخبرنا عن هؤلاء الغزاة اللذين يأتون بسكاكينهم الصدئة الحاقدة لفصل الجذور عن الفروع .. سكاينهم الغادرة التي تعمل لقطع سلسال يمتد آلاف السنين.. سلخ هوية التربة والأشجار ورفاة الأجداد .. بصمة الصخور .. لغة الطبيعة الفلسطينية..!
السكين الفلسطينية جاءت في نص فاطمة.. مبضع جراح لا ينقصه عدل ولا تعيبه قسوة نصل.. في عيني السارق القاتل الزجاجيتان تنظر.. تنقل له الموت الذي أتى يحمله لشعب مسالم مضياف..!
نجدها.. تكرر السؤال وتجيبنا عن كل ما يتبادر لأذهاننا.. لماذا سكين؟!
ترينا شموخ السكين الفلسطيني حين يعري المعتدي ويجعله على حقيقته قزماً ..
لماذا سكّين؟!..
المنتفض يقترب.. يلامس المعتدي ينظر السارق في عمق عيني الفلسطيني ليرى لأول مرة صورة الوطن الحقيقية ومعناه..
تخبرنا كيف للسكّين الفلسطينية أن تجبر الغازي على الندم لغزوه.. في لحظة.. كيف تهزم جيشاًَ مدرعاً بالأسلحة..صدر عاري يهزم مدججاً .. تقذف الرعب في قلوبهم..تتحرر روح المقاوم في قمّة شموخها.. تتحول السكّين لمرشد ومعلّم في النضال وهادي على درب تحرير الأرض والمقدسات.. رداً على وحشية الغزاة وقذارة الانتهاكات من تكسير العظام والاعتداء على الماجدات وصولاً لحرق أطفال فلسطين أحياء.....
في هذا النص المحفز المقاوم بامتياز ومداده الطاهر طهر دم الأبطال، تفوقت أديبتنا برسمها لنا لوحة مضيئة من لوحات المقاومة الفلسطينية الشامخة.. تحفز ضمائرنا وتربطنا مجدداً بالعهد والوعد والميثاق.. تجعلنا نتعرف ونفهم أكثر معنى انتفاضة السكاكين ورمزيتها !..
لم تشأ أديبتنا الشابة أن تجعلنا مجرد متفرجين على اللوحة .. أخذتنا بأيدينا إلى داخل المشهد في عمق اللوحة ننصهر ونتشكل سكّيناً وعينا وأصابع مقاوم فدائي بطل!!...
ما أود الإشارة إليه هنا، أن النص الذي يتحدث عن المقاومة والسكّين وقتل المعتدي والإستشهاد لم أجد فيه صورة مغايرة للأديبة كاتبة النص عن فاطمة التي تتسلق قوس قزح وتتسامر مع النجوم وتناجي الروح؛ أراها كتبته بذات الشفافية التي هي ديدنها:
((تجعله ينظر إلى عينيك اللتين تحملان في بحرهما وطناً أجمل))
((لأنّ بالسّكين لا تُعتقل روحك ، بل ترتقي عند بارئها بطهر المقدسات))
((ينثر حُبّ تراب هذا الوطن بين أبناء شعبك))
إذاً.. استطاعت الأديبة فاطمة البشر برهافة أحاسيسها أن تحملنا على ورق الورد فلا نصطدم بالأشواك رغم نصل السكاكين وغصّة استشهاد المقاوم وارتقاءه روحاً، فجاء شعاع السكّين يشبه شعاع قوس قزح في نصوصها الأخرى.
النص قوي سلس منسجم مع المعنى والهدف منه ؛ لغته سليمة سلسة واضحة.
كلمة أخيرة..
الأدب الحقيقي الجيد هو الذي يستطيع أن يأخذنا إليه .. يهزنا.. يستفزنا.. يترك فينا اثراً لا ننساه فور انتهاءنا من قراءته.. وهذا النص استطاع بجدارة أن يأخذني ويهزني بعمق ويستفزني.
نعم.. نعم..تراني أردد معها: لأنهم لا يستحقون أكثر من سكّين!
عاشت فلسطين بمقاوميها حرّة أبية ولا بدّ من يوم تكنس الغزاة الصهاينة ككل من غزاها من قبل.
هدى نور الدين الخطيب[/align]