الموضوع: إمرأة ونافذة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07 / 09 / 2008, 28 : 05 AM   رقم المشاركة : [1]
جُمان يوسف
كاتب نور أدبي
 




جُمان يوسف is on a distinguished road

إمرأة ونافذة

إمرأة ونافذة



جلست على مقعدها بالقرب من المدفأة .. بدأت تراقب النار وهي تلف شالها الصوفي حول كتفيها لتحميهما من البرد ، فقد كان البرد في الخارح قارسا
كانت تنظر للحديقة من خلال الزجاج و تسمع صوت الريح وكأنه سيمفونية الفتها الطبيعة, والأشجار تتمايل يسرى ويمنى وكأنها تتراقص في ليلة حب هادئة

احست ببعض السعادة وانفترت شفتاها عن ابتسامة ناعمة لدى مراودتها هذا الشعور, وبدأت تتذكر ايام الشباب وكيف عاشت الحب والسعادة مع زوجها ، فنظرت اليه متمددا على كنبته المفضلة و هو يغط في نوم عميق .

ياااااااه .. ما اغرب الحياة !!
كيف كان شابا ممتلئا حيوية وكيف فعلت به الأيام ما فعلت .. انه رجل عظيم فعلا .. كان وما زال يحاول اسعادها ، ومع تقدم العمر بهما الا ان الحب ما زال يظلل حياتهما

تذكرت الأيام الجميلة
لم تحس يوما في شبابها بالوحدة .. لقد سافرت وزوجها الكثير من البلدان.. مرحا وسهرا معا
وفجأة غادرت البسمة شفتيها وحل محلها الحزن واغرورقت عيناها بدموع كانت تحاول ان تمنع نزولها .

وتساءلت ؟
أين انا الأن من ذلك الزمان؟ نحن الأن عجوزان وحيدان بلا رفيق ولا قريب يسأل عنا.

لو انصفتني الحياة .. اما كنا رزقنا اطفالاً !!
لكبروا الأن ولملأوا البيت حركة وضجيجا وسعادة ومرحا .. ولما كنا نجلس وحيدين.

عادت تراقب النافذة ورذاذ المطر الذي رسم لآلئه على الزجاج .. تبتسم للأشجار التي لم تتوقف عن الرقص بعد .. بدأ النعاس يغالبها وهي تقاوم .. فهي لا تريد اطفاء المدفأة ولا تريد ان تنام خشية ان تتوهج النار او يتصاعد منها الدخان وهي نائمة .. فزوجها نائم على الكنبة.

آآآآه لو كان لي اولاد ...... اكنت اخشى ما اخشاه الأن ؟
اما كان هناك من يرعانا ؟
وحين نغفو يضع علينا الغطاء ويحنو علينا لقاء ما اعطينا من حب ورعاية و سهر الليالي طوال السنين ؟
كم هي قاسية الحياة.
لا تعطينا ما نُريد .. بل ما تُريد .. تفرض علينا ان نقبل به, ولا نملك إلا الإستسلام للمكتوب

افكار و افكار ألَمَت برأسها فأثقلته ، وآلمت قلبها فأبكته .

اين هم الأحباب والأصحاب؟
اين الأقارب والجيران ؟

كلٌ انشغل بأمور دنياه .. نسونا ونسوا السنوات التي قضيناها معا .. نسوا الأجتماعات التي كانت تزين حياتنا .
لو كان بالأمكان ان اشتري السعادة .. لدفعت لها بكل ما املك وما استطيع جمعه .. لقاء إبن يحادثني .. يشاركني السهر امام المدفأة ، ونحتسي الشاي معاً.

قاسية هي الحياة وغير منصفة

كم تمنيت ان ارى شروق الشمس داخل بيتي حين يصحو ولدي ويبتسم .. احبه ويحبني نتجاذب اطراف الحديث .. انتظر عودته بفارغ الصبر لنجتمع معا حول مائدة الطعام .. واقلق عليه ولا اكف عن الذهاب والأياب بين النافذة والباب إن تأخر عن موعد العودة .. واطمئن وافرح حين يعود لي سالماً .

آآآه كم تمنيت هذا .. أن اراه شابا يافعاً يعيش الحب ويتزوج .. ينجب لي الأحفاد يلعبون من حولي .. احل مشاكلهم الصغيرة والبريئة , واروي لهم القصص والحكايا...

واستيقظت من احلامها وخيالاتها فجاءة على صوت !!!
هناك من يطرق الباب .. عجبا !!!
من يكون؟.

بهذه الساعة من الليل, وبمثل هذا الجو!!!

اللهم اجعله خيراً ..

نهضت لتفتح الباب وهي تمني النفس بزائر يخرجها من الملل اللذي تعيشه .. فوجدت امامها شابا .. يسأل ..

هل هذا بيت فلان؟
اجابته بصوت ضعيف خذلته الحياة .. لا يا بني انه يسكن بالبيت المجاور لنا .. شكرها وغادر .
وعادت لمقعدها وحيدة تراقب زوجها النائم حينا وتراقب المدفأة حينا آخر .. تتأمل الأشجار من خلف النافذة.

لا يؤنسها سوى صوت الريح وحفيف اوراق الشجر
إنها سيمفونية جميلة فعلاً الفتها الطبيعة .....

اغمضت عينيها وعادت لأحلامها وذكرياتها والبسمة ترتسم على وجهها تارة ، والحزن يكلله تارة اخرى.



محاولة قديمة ان تنال اعجابكم

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع جُمان يوسف
 
[bimg]http://img520.imageshack.us/img520/9695/3mra3amw4.jpg[/bimg]
جُمان يوسف غير متصل   رد مع اقتباس