| رئيس القسم الشعري 
 | 
				
				غالب الغول/ مختصر الضرورات الشعرية
			 
 [frame="1 98"] غالب الغول / مختصر الضرورات الشعرية
   الأخ العزيز الأستاذ محمد الصالح الجزائري .
   كم أنا الآن في غبطة وسرور , حينما طلبت منك نقد قصيدتي , والتي ظهر بها ثلاث هنات , كانت للضرورات الوزنية , وتقولون بأنها خفيفة , وبفضل نوجيهاتكم السامية , ركزت على دراسة الضرورات الشعرية للإلمام بها جيداً , فوجدتها كثيرة جداً, ولكن عدم التصريح بها سيكون هو الأفضل , ورغبت أن أخدم القراء بما درسته منذ يومين فقط , وأرجو أن يكون ذلك مقبولاً لديكم ولدي السادة الشعراء فأقول :
   إن الذهب النقي هو الأفضل , وللذهب عيارات ومقاييس , ولا يتقنها إلا من مارس مهنة الصياغة , والصياغة الشعرية تشبه صياغة الذهب والمعادن الثمينة .
   يتحدث النقاد كثيراً عن العيوب الشعرية , وعن الضرورات لصالح الوزن , وأنا متأكد من قولي , بأن فطاحل الشعراء في جاهليتهم وما بعدها ولهذا اليوم لا تسلم قصائدهم من الهنات مهما حاول الشاعر اجتنابها , والسبب في ذلك هو :
   1 ــ النحو وقواعده والصرف وقواعده , واللغة العربية ودقتها , وعندما نضع هذه المقاييس الدقيقة أمام الإيقاع الشعري الموسيقي  بشكل خاص , فلا بد من أن تتداخل الأمور وتتزاحم الأولويات في النسج اللغوي مع النسج الشعري , وكل من النحو وإلإيقاع يريد إبراز قوته وإثبات وجوده , ولما كانت اللغة مرنه إلى حد ما , وكان الإيقاع بالوزن الشعري أكثر صرامة وأكثر دقة ــ والأستاذ محمد الصالح يدرك ذلك ــ فلا بد من أن نرجح كفة الإيقاع الشعري وما يتطلبه من مقاطع عروضية , على حساب القواعد العربية صرفها ونحوها ونطقها واختلاس بعض حروفها أو زيادة بعض مقاطع كلماتها , لأن الشعر أرقى من النثر وبه حساسية أعمق . فماذا ينبغي للشعراء فعله ؟
   فما عليهم إلا أن يستمروا على قرضه لينعم الإنسان بلحن قادر على جلب السرور لقلوب المستمعين , وذلك بضبط الوزن على حساب النحو والصرف .
   ولكنهم يقولون ( الشعر ديوان العرب ) فكيف يصح كسر اللغة نحوها وصرفها , ؟ أليس بهذا إلحاق بضرر اللغة ؟
   نعم , لذا عند استعمال الضرورات الشعرية , فيتجنب الشاعر الماهر والقدير جميع أنواع الضرورات التي أثبتت لدى الدارسين , ليكون صياغة الشعر من العيار الثقيل , وإن اضطر للضرورة الوزنية فعليه أن يختار ما اختاره الأولون والمحدثون مما يلي بيانه :
   نظم لنا الزمخشري البيتين الآتيين . وبهما بعض الضرورات الشعرية يقول فيهما :
 ضرورة الشعر عشرٌ عدّ جملتها ـ قطعٌ ووصلٌ وتخفيفٌ وتشديدُ
 مدّ وقصرٌ وإسكانْ وتحركة ـ........ ومنعُ صرف وصرفٌ تم تعديدُ
ولاختاصر الشرح نقلنا لكم هذه الابيات الشعرية , والمشار إلى كلمات الضرورة بالخط الأحمر :
 1 ـ القطع: جعل همزة القطع وصلاً , ومثاله:
 قال الفرزدق : 
 وكيف يؤم الناس من كانت امهُ* تدينُ بأن الله ليس بواحد ِ 
 2 ــ الوصل: جعل همزة الوصل قطعاً :
 قال عبدالرحمن بن حسان بن ثابت:
 فلذا أغتربتُ في الشام حتى * ظن أهلي مرجماتُ الظنون ِ 
 3 ــ التخفيف : تخفيف الحرف المشدد :
 تخفيف الحرف المشدّد : ويكثر استخدامه في روي القوافي المقيدة ( المنتهية بحرف صحيح ساكن )
ولم يجيزوه ويستسيغوه في حشو البيت الشعري , ومثاله:
 قول أمرئ القيس :
يُعل ّ به بردُ أنيابها * إذا النجم وسط السماء استقلْ
فقد خفف التشديد في (استقلّ)
 4 ــ والتشديد 
 * تشديد الحرف المخفـّف : وغالباً ما يستخدم ذلك في كلمتي (دم و فم) ، ومثاله قول الشاعر :
أهان دمّك فرغاً بعد عزّ ته ِ * يا عمرو بغيك إصراراً على الحسد ِ 
فقد شدّد كلمة (دم) وهي مخففةٌ أصلاً .
 5 ـ المدّ: مدّ المقصور : وهو أقل شيوعاً من قصر الممدود ، وغير محبذ في بعض الكلمات ، كقول الشاعر :
سيغنيني الذي أغناك عنـّي * فلا فقرٌ يدوم ُ ولا غناء ُ
يريد (ولا غنىً ) فمدّها فأصبحت (غناء )
 وكقول أم البرّاء بنت صفوان في مدح الامام علي 
حاشا النبيّ لقد هددت قواء نا * فالحقّ أصبح خاضعاً للباطل ِ
فقد مدّت( قوى) وجعلتها( قواء)
 6 ــ والقصر: ومثاله: يقول أبو نواس :
 لا قلتُ شعراً ولا سمعتُ غنا 
 ............ .ولا جرى في مفاصلي السكرُ
 7 ــ الإسكان : تسكين المتحرك : قال أبو العلاء المعري:
 وقد يقالُ عثار الرجْل ِ إن عثرت * ولا يقالُ عثار الرَجْل ِ إن عثرا
سكَن الجيم في كلمة ( الرّجُلِ) لضرورة الوزن
 ويكثر تسكين , هوَ وهيَ إذا سبقتا بحرف الواو لتصيران( هوْ وهيْ )
 فأخطأتهُ المنايا قِـيس َ أنملة ٍ * ولا تحرّزَ إلا وهْو مكتوبُ
 8 ــ والتحريك : وتحريك الساكن فهو كثير جداً ومنها :
 تباً لطالب دنياً لا بقاء َ لها * كأنما هيَ في تصريفها حُـلـُُمُ 
فقد حرك اللام في ( حلـْم ) الساكنة اصلاً .
 ومثال ذلك أيضاً قول المتنبي في رثاء جدته :
لئن لذ ّ يوم الشامتين بيومها * فقد ولدت مني لأنفهـِم ِ رغما 
فقد حرك ميم (أنفهم ) بالكسر
 امرئ القيس :
تطاول َ ليلك َ بالإثمد ِ * ونام َ الخلي ّ ولم ترقد ِ
فقد كسر دال ( ترقد ) وهو فعل مضارع مجزوم بحرف الجزم ( لم
 9 ــ الممنوع من الصرف:
 قال امرؤ القيس :
 ولمّا دخلت الخدر خدر عنيزة ٍ * فقالت لك الويلات إنّك فاضحي
 10ــ وصرف الممنوع :
 قال الشاعر: مقري الوحش:
 والروض جامعُ والأزاهرُ حوله ... 
 ............. وقناديل الإترنج لاحت في الغد
 ومن الضرورات الشعرية أيضاً ما يلي :
 *
 حذف الشرط وجواب الشرط : ومثاله قول الشاعر :رؤبة بن العجاج، أبو الجحاف
قالت بنات العمّ يا سلمى وإن * كان فقيراً معدماً قالت : وإنْ
فقد حذف فعل الشرط وجوابه من قوله ( وإن) بمعنى وإن كان فقيراً معدماً أرضى به .
وكقول إبراهيم بن هرمة :
احفظ وديعتك التي استُودعتها * يوم الأَعارب إن وُصلْت وإن لم ِ 
بمعنى وإن لم توصل فاحفظها، فحذف الفعل والجواب .
، ومثال ذلك قول الشاعر أبي ذؤيب الهذلي :
فقلت: تَحَمَّلْ فوق طوقك إِنها* مطَّبعة من يأْتها لا يضيرها
فقد حذف الفاء من (إنها) الواجب اقترانها بالفاء لأنها جملة اسمية ، ومن (لا يضيرها ) لانها جملة فعلية منفية . 
ومثال الثاني قول الشاعر محمدعباس الدراجي :
أما بنوها الطاهرون صحائفٌ* لولا كتاب الله كادت ترفع ُ 
فقد حذف الفاء من جواب (أما) الواجب اقترانها بالفاء وهي (صحائفٌ) .
 * تنوين المنادى المبني على الضم : ومثال ذلك قول جميل بثينة :
ليت التحية كانت لي فأشكرها * مكانَ يا جملٌ حيّيت يا رجلُ
فقد نون (جمل ) وهو منادى مبني على الضم لأنه نكرة مقصودة .
وكقول الشاعر :
سلامُ الله يا مطرٌ عليها * وليس عليك يا مطر ُ السلام ُ
فقد نون( مطر ) وهو منادى مبني على الضم لأنه علم .
وقد ينون المنادى المبني على الضم تنوين فتح ٍ ، كقول عدي بن أبي ربيعة ( المهلهل ) :
ضربتْ صدرَها إِليَّ وقالت: * يا عديّاً لقد وقتْك الأَواقي
فقد نون (عدي ) تنوين فتح وهو منادى مبني على الضم لأنه علم .
 * حذف نون التوكيد الخفيفة : كقول الشاعر :
يميناً لأُبغضُ كلّ امرىءٍ * يزخرفُ قولاً ولا يفعل ُ
فقد حذف نون التوكيد من الفعل (أبغض ) الواجب تأكيده بها لأنه جوابُ قسم ٍ ، مثبتٌ ، متصلٌ باللام ومستقبلٌ .
وقد تحذف نون التوكيد الخفيفة عند الوقف عليها وتستبدل بالف ، كقول الاعشى :
وإياك والميتاتِ لا تقربَنَّها * ولا تعبدِ الشيطان، والله فاعبدا
فقد حذف النون من (فاعبدن) وعوض بدلها (الفاً)
وكقول مساور بن هند العبسي : 
يحسبه الجاهل ما لم يعلما* شيخاً على كرسيه معمّما
فقد حذف النون من (يعلمن) وعوض بدلها (الفاً) .
 * الجزم بأداة الشرط (إذا) : وهي أداة جزم غير عاملة ، فلا تجزم فعل الشرط وجوابه ، وتعامل كأداة جازمة ٍ في الشعر ، كقول عبد الرحمن بن حسان :
استغن ما أَغناك ربك بالغنى * وإذا تصبْك َ خصاصة ٌ فتجمّل ِ
فقد جزم بإذا فعل الشرط (تصبْ)
 .
وأما الضرورات القبيحة :
 1-ترخيم المنادى : إذا كان علماً غير مركب ٍ ، زائداً على ثلاثة احرف ٍ كقول زهير بن ابي سلمى :
يا حارِ لا أُرْمَيَنْ منكم بداهية * لم يَلْقَها سُوقةٌ قبلي ولا ملِكُ
فقد رخم (حارث ) وهومنادى علم غير مركب ، زائد على ثلاثة أحرف فصار (حار (
وكقول الشاعر :
يا مروَُ إِنّ مطيتي محبوسة ٌ * ترجو الحِباءَ وربُّها لم ييأَس ِ
فأصل (مرو ) قبل الترخيم (مروة) .
تنبيه :
 يجب الانتباه الى أنّ ترخيم المنادى المختوم بالتاء جائزٌ وكثيرٌ جداً ولم يميزوه عن مقصودهم من الضرورة القبيحة، ومثاله قول امرئ القيس :
أفاطمُ مهلاً بعض هذا التدلـّل ِ * وإن كنت قد أزمعت هجري فأجملي
وقول جميل بثينة :
ألا ليت أيام الصفاء ِ جديدُ * ودهراً تولى يا بثينَ يعودُ 
وقول كثيـّر عزة :
وقد زعمت أنـّي تغيـّرت بعدها * ومن ذا الذي يا عزّ ُلا يتغيـّرُ 
حذف حرف من كلمة ٍ أو حذف كلمة ٍ بأكملها : كحذف نون (لكن ، اللذان ، اللتان ) 
 واذا الفتى طرح الكلامَ معرّضاً * في مجلس ٍ أخذ الكلامَ اللذ ْ عنى 
فقد حذف الياء من (اللذي) فصارت (اللذ ) ، وربما حذف أكثر 
 ، وربما حذفت كلمة أو أكثر من البيت الشعري ، كقول المتنبي :
فقلْ في حاجة ٍ لم أقضِ ِ منها * على شغفي بها شروى نقير ِ
فأصل الكلام ( فقل ما شئت َ) وحذف الكلمتين لضيق المقام . 
 3-إشباع حركة حرف صحيح ٍ في الحشو : كقول الشاعر :
أخاك أخاك إنّ من لا أخا لهُ * كساع ٍ الى الهيجا بغير سلاح ِ
فقد أشبع فتحة الخاء في (أخ ) في (لا أخا) فصارت (اخا) .
وفي رأيي أن ( أخا ) هنا منصوبة بتنوين الفتح ( لا أخاً ) لأنه يجوز تنوين اسم لا النافية للجنس 
كقولهم (لا أباً لكم ) وليس في البيت شاهد ٌ .
أما اشباع الهاء في الرفع والجر فكثيرٌ ولا عيب فيه ، ومثاله في البيت السابق (لهُ) فهي بمثابة (لهو ) عروضياً . 
واشباع حرف الرويّ أيضاً مما لا اشكال فيه ، وهنا فقط يجوز اشباع الحرف الصحيح في نظري 
ولا يجوز في الحشو مطلقاً لأنه يسبب كسر الكلام ونبوّه ِ ، ومثاله في البيت السابق ( سلاح ِ ) فهي بمثابة ( سلاحي ) عروضياً .
 وهذا بيت للشاعر إبراهيم بن علي ابن الهرمة يقول :
 وأنت من الغوائل حين ترمي... ومن ذمّ الرجال بمنتزاحِ
 والشاعر هنا يريد القول ( بمنتزحٍ ) دون الألف , ولم تألف العرب قلب الحركة مداً بل حافظت على الحركة اللغوية دائماً , ولكن للضرورة الشعرية , أباح لنفسه هذا التغيير .
 وأخذتُ من الكتاب النحوي للعلامة عمر بن ثابت الثمانيني هذا البيت صفحة 233 ,:
 محمد تفدِ نفسك كل نفسٍ .. إذا ما خفت من شيء نبالا
 فلام الأمر قد حذفت في كلمة ( تفد) والأصل (لتفد) مثل ( ليضرب زيدٌ عمراً ) ولا يجوز نحوياً أن نسقط اللام , ولو قلت لغير الضرورة الشعرية ( زيدٌ عمراً ) لم يجز , لكن تقويم الوزن الشعري اضطره إلى ذلك .
 ثم الإخلال بالتركيب الصرفي كقول الشاعر :
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ** نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
فالصحيح (( الدراهم )) و (( الصيارف ))
 وختاماً أقول إن المثل القائل : ( يحق للشاعر ما لا يحق لغيره ) هو قول سديد , ولكن بالمعقول الذي إن نفع فلا يضر بسلامة اللغة والنحو والعروض )
المراجع :
   نقلت ونسقت وجمعت بتصرف , واعتمدت على كتاب عمر الثمانيني في النحو , وعلى كتب العروض وبالأخص كتاب النظرية الحديثة للنبر الشعري,غالب الغول/ وكتاب الكافي في العروض والقوافي ,وبعض أساتذة النحو والعروض ومنهم الأستاذ شاكر الغزي , وركزت على معلومات وتطبيقات شعرية, فلعلها تفيد الدارس  والمهتم ,
   القصيدة:http://www.nooreladab.com/vb/showthr...483#post221483
 غالب الغول 24/12/2016 [/frame]نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
 |