عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 01 / 2017, 56 : 02 PM   رقم المشاركة : [1]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

إنسانيتنا وإنسانيتهم...

[align=justify]لعلَّ من أكثر الظواهر المعاصرة لفتاً للانتباه، وإثارة للاستغراب والأسف معاً، أن يصير أقصرَ الطرق إلى الشهرة والثراء المادي، التهجمُ على الإسلام وأتباعه القدامى والمحدثين، وذمُّه وإياهم، والافتراء عليه وعليهم، والسخرية به وبهم!
وعلى الرغم من أنَّ ناهجي هذه الطريق، لا يُقَدِّمون بين يَدَي اتهاماتهم للإسلام والمسلمين أيَّ دليل ماديٍّ ملموس، وإنْ فعلَ بعضُهم، تجدُ دليلَه ضعيفاً مُتهافتاً أو مُزَوَّراً أو مُلَفَّقاً، لا يَثْبُتُ لحقيقةٍ تاريخية أو لمُعطَى واقعي أو لمنطق عقلاني أو لإثباتٍ علمي أو موضوعي؛ فإنَّك، مع ذلك كلِّه، تجدُ وسائل الإعلام، على اختلافها وتَنَوُّعها وتَعَدُّدِ جنسياتها واللغات التي تَبُثُّ فيها، تُهلِّلُ لِمَن يتهَجَّمُ على الإسلام والمسلمين بمقالةٍ تافهة مليئة بالافتراءات، أو بقصيدة سخيفة لا طعم لها ولا معنى، أو برواية مليئة بالتلفيق والدَّسِّ وَكَيْلِ الاتهامات للإسلام بعبارات تفوح من بين كلماتها روائح العنصرية والكراهية والبغضاء..
والعجب العُجاب، أن تجدَ هذه الوسائل الإعلامية ذاتها تصرُّ على أن تصفَ نفسها بأنَّها مُستقِلَّة أُنشئت لتكون منابرَ لحرية الرأي وقول الحقيقة والدفاع عن حقوق الإنسان ورفضِ تَعَرُّضِه لأي اضطهاد أو سوءٍ ناتج عن موقف ديني أو طائفي أو مذهبي أو سياسي أو اجتماعي... لكن ما إنْ تُتابع ما تنشره هذه الوسائل، حتى تُصاب بالذهول والخيبة في آن معاً، إذ تجدُها تغضُّ الطرفَ عن أيِّ اضطهاد يتعرض له المسلمون وعن أيِّ قمع للحريات يُمارَس بحقهم شعوباً وأفراداً، وتظلُّ كذلك حتى يقوم أحد المسلمين المضطهَدين منتقِداً ممارسات الذين احتلوا وطنه أو اضطهدوا شعبه أو أبناء دينه؛ عندها فقط، تجد وسائل الإعلام (الحرة والإنسانية) تلك قد شمَّرت عن ساعديها لتُقيم الدنيا على رأس هذا المُنتَقِد ولا تُقعدها، واصفةً إياه بالكذب والافتراء والتلفيق، ثم داعيةً إلى ندوات يحضرها (كبار الكتاب والمفكرين) المأجورين أو المعادين للإسلام بدون أجر، ليُفَنِدوا انتقاد ذلك المسكين ويُكَذِّبوه ويكيلوا له الشتائم ويُطلقوا عليه العبارات الساخرة وغير ذلك..
بالمقابل، الويل كلُّ الويل لمسلم أو مسيحي أو غجري أو مجنون حتى، إذا ذكرَ اليهود أو الصهيونية أو إسرائيل بكلمة سوء، والويل أيضاً لمسلم ينتقد حضارة الغرب أو يرفض بعضاً من أخلاق أهله وسلوكياتهم، مهما كانت مخالفةً للإسلام.. فهنا تثور أجهزة التلفيق والكذب الإعلامي العالمية ثورتها الكبرى، تحت شعارات براقة ليس لها على أرض الممارسة الواقعية أيَّ رصيد، من مثل: الدفاع عن حقوق الإنسان (غير المسلم بالطبع)، وحرية الرأي والمعتقَد والسلوك للإنسان (غير المسلم بالتأكيد)، والحرب على التخلف والمتخلفين، (أي على الإسلام والمسلمين طبعاً)..
ويبلغ غضب المشرفين على محطات الكذب الإعلامي العالمية ذروته إذا انتقد عالمٌ أو مفكرٌ أو داعيةٌ مسلمٌ سلوكاً لم يُعجبه بين أتباع دين آخر، أو إذا تكلَّم مُدافعاً عن الإسلام ونبيِّه صلى الله عليه وسلم، أو مُعجَباً مادحاً بعض جوانب الشريعة الإسلامية التي يرفضها الغرب، وخصوصاً حجاب المرأة والجهاد.. عندها، يُصبح هذا العالِم أو المفكر عدواً للحضارة والتحضر وداعية للإرهاب ومتخلِّفاً عقلياً وفكرياً، حتى لو كان يحمل عشرات شهادات الدكتوراه ومن أكبر جامعات أوروبا وأمريكا نفسها..!
بالمقابل، ما إن يَقُم تافهٌ نكرةٌ من الذين لم يسمع بهم أحد في أيِّ نشاط اجتماعي أو فكري أو معرفي أو حضاري، بالتهجُّم على الإسلام أو السخرية بتعاليمه والهزء بنبيه صلى الله عليه وسلم، حتى يصمَّ المشرفون على محطات الكذب الإعلامي العالمية آذانَ مُتابعيها بتصفيقهم الحارّ لهذا النكرة، فرحاً به وتشجيعاً له على التمادي أكثر في هجومه على الإسلام والمسلمين.. بل ما تكاد تمرُّ أيامٌ، وأحياناً ساعات، حتى ترى المنتفعين من الكتَّاب المأجورين والحاقدين والعنصريين والموتورين يتدافعون على تلك المحطات بدعوة منها لهم، أو من تلقاء أنفسهم، ليحلُّوا ضيوفاً على موائد المديح الذي يكيلونه لذلك النكرة، محاولين رفعه إلى أعلى مقامات الفكر المعاصر، جزاء له ومرحى على ما كتبَه ضد الإسلام..، فيغدو المفكِّر والباحث الاستراتيجي والفيلسوف العبقري حتى ولو كانت مُخْطَتُه شاطَّة على فمه؛ أمَّا كتابته التي يعلمون حقَّ العلم أنها تافهة وكاذبة، فينهمكون في مناقشتها بأسلوبٍ يحاولون أن يُضفوا عليه سمة العلمية، وهو ليس من العلمية ولا حتى العلمانية في شيء، بل تظنُّهم أحياناً، وهم يُحللون كتابته، أنهم يتكلمون عن شكسبير عربي أو متنبي جديد أو عن أينشتاين وغيره من كبار العلماء والأدباء والمفكرين.. وكلُّ ذلك المديح وهذه الحظوة، استحقَّهما ذلك النكرة لأنَّه سبَّ الإسلام وشريعته ونبيه صلى الله عليه وسلم..
ولا يقف سيل الجوائز التي ينالها ذلك النكرة عند هذا الحدّ، بل ها هو، بعد أيام أو أشهر قليلة، تبدأ تنثال عليه ألقاب التعظيم واصفةً إياه بالتقدمية والعلمانية والتحضر والمدنية ونبذ التخلف والجهل؛ ثم تُدَبَّج بشخصه ومؤلفاته السخيفة مقالات الاستحسان والتأييد لما كتبه، فإذا بسخافاته تغدو ذروة ما بلغه العقل البشري من تطوُّر، لكنها على الرغم من عقلانيتها الصارخة تفيض بالمشاعر الرقيقة والعواطف المرهفة..! وثمة أوصاف أخرى كفيلة بأن تدير رأس جميع النكرات في جميع العصور، فكيف إذا أُضيفت لكلِّ هذا السيل من الغثِّ الشهرةُ والمال والنساء؟!..
بالمقابل، إذا اعترض أحد المسلمين على ما قاله ذلك النكرة أو غيره، أو إذا فكَّر بالدفاع عن الإسلام، انبرى أعداء هذا الدين مدافعين عن نكرتهم بالقول: إنَّ شَتْمَه للإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، مشروعٌ لأنَّه من باب ممارسة حرية الرأي والتعبير..؛ لكنَّ هؤلاء المدافعين عن نَكِرَتِهم ينبرون مُهاجمين بعنف وحقد وغضب، إذا تجرَّأ مسلمٌ وسبَّ يهودياً عادياً أو مسيحياً، وليس موسى أو المسيح عليهما السلام، أو حتى إذا شتمَ عاهرةً غير مسلمة..؛ ففوراً يغدو في إعلام وسائل الإعلام (الحرة والنزيهة) أصولياً متطرفاً وإرهابياً مُتخلفاً وعنصرياً حاقداً..!
هكذا، وبفضل هذا الكيل بمكيالين حسب هوى أرباب الإعلام الحديث المعادي للإسلام والمسلمين، وبفضل تشجيعهم الواسع للمتهجِّمين على الإسلام، وذمِّهم وهجومهم على المُدافعين عنه، اتسعت دائرة المهاجمين له كثيراً، فصار كلُّ تافه يسعى إلى الشهرة، وهو خِلْوٌ من أسبابها، وإلى المال يريد الحصول عليه من أقصر طريق، ينخرط في جوقات شتمِ الإسلام، ليبدأ اتهامه بتُهمٍ شتَّى من أبرزها أنه (دين لا إنساني يأمر أصحابه بالقتل والسلب والتمثيل وما إلى ذلك من فظائع، ودين يضطهد المرأة ويحتقرها، ودين متخلف يمنع أتباعَه من اكتساب حضارة الغرب ومن التطور نحو الأفضل)، وما إلى ذلك من تُهَمٍ صارت مثل الكليشيهات الجاهزة والمحفوظة في وسائل إعلام المعادين للإسلام وأصحابه، في مختلف أنحاء العالم..
وليس من قبيل المبالغة أو الافتراء القول: إن من أبرز المُروِّجين لهذه الفرية على الإسلام هم اليهود وأعوانهم في العالم، على أمل أن ينجحوا في إبعاد الناس عن الإسلام وقرآنه الذي عَرَّى نفسياتهم وفضح مفاسدهم وسلبياتهم ماضياً وحاضراً، كما فضح عداءهم للمسلمين والناس أجمعين وما خططوا له ضد غير اليهود من خطط الأذى.. ووراء اليهود، اصطفَ مَن اشتروهم بمالهم من أصحاب الأقلام الرخيصة، وكثير من النكرات الذين نفخ الإعلام الغربي في مواهبهم الضئيلة أو المعدومة أحياناً فجعلهم مشهورين، وغَيَّب بنفس المال اليهودي الكثير من أصحاب المواهب الحقيقيين، لسبب واحد هو أنهم مسلمون أو مدافعون عن الإسلام، كما غَيَّب أصحاب مواهب آخرين لم يكونوا مسلمين بل كانوا كارهين لليهود وإسرائيل، أو كانوا مجرد مُنصفين للعرب والمسلمين في كتاباتهم على اختلافها..
وإن تَعجَب، فعجبٌ اتهام أصحاب وسائل الإعلام تلك وأذنابها للإسلام والمسلمين اليوم بالإرهاب افتراءً وكذباً، وتغاضيهم عن إرهاب اليهود وأوروبا المسيحية والملحدة على السواء.. فلا نقدَ لإرهاب هؤلاء وأولئك ولا حديث عن فظائعهم في كتب التاريخ الإنساني القديم، ولا حتى تلك التي ارتكبوها في التاريخ الحديث والمعاصر، أو التي مازالوا يُنَفَّذُونها بأبشع الوسائل، في بعض البلدان الإسلامية، على أرض الواقع عياناً، وينقل ما يُفْتَضَحُ منها إلى القراء أو المشاهدين أو المستمعين، لكن مشفوعةً بسيول من التبريرات المُسوِّغَة لارتكابها.. فأيُّنا الإرهابي، في الحقيقة والواقع، وأيُّنا الإنساني؟
إذا انطلقنا من الماضي السحيق، فسنجد كُتبَ التاريخ ووثائقه تُخبرنا عن فظائع الروم والفرس في حروبهم، قبل الإسلام، سواء تلك التي خاضوها ضد بعضهم في سياق صراعهم الاستعماري الرامي إلى الهيمنة على شعوب الأرض، أو في حروبهم التي شنُّوها ضد تلك الشعوب حتى تمكنوا من قهرِها واحتلال أراضيها عنوة ثم جعْلِها تابعةً لهم، تبعية العبد لسيده..
وتذكر كتب التاريخ العربية وغير العربية، دون أي لبس أو مداورة، كيف كانت جيوش الغزاة اليهود والصليبيين تقتل النساء والشيوخ والأطفال وتحرق المدن بما فيها، ثم تسوق من تبقَّى حيّاً من أهلها أسرى ليتمَّ تحويلهم، فيما بعد، إلى عبيد أرقاء يباعون ويشرون في أسواق النخاسة التي كانت رائجة آنذاك؛ وكذلك يتم تحويل من بقيَ في المدن المغتصبة إلى عبيد أيضاً، ولكن في بلادهم، يُكْرَهون على القيام بأعمال الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها، ثم على إرسال حصيلة تعبهم إلى غزاة وطنهم ومحتليه، فإن لم يفعلوا كان الاضطهاد والقهر والقتل عقابهم!..
وليس من قبيل المبالغة أو الافتراء القول أن اليهود من أكثر الذين تشهد لهم صفحات التاريخ القديم بالقسوة واللاإنسانية وارتكاب الفظاعات والأعمال المشينة. وربَّما للدلالة على صحة هذا الوصف، يكفي مَثَلٌ واحد ذكرَتْه توراتهم ذاتها، في سياق حديثها عما فعلوه بمدينة أريحا وشعبها حين فتحوها في الزمن الماضي.. فحسب التوراة، قتلوا كلَّ أهلها في مذابح جماعية مروعة، ولم يَنْجُ من بطشهم حتى الحيوانات العجماء، ولا حتى الشجر الذي اقتلعوه وأحرقوه..
ومرت الأيام على تلك المذابح الرهيبة، ثم عَلَتْ شمس الإسلام مشرقةً على العالم القديم، وخرج المسلمون من بلادهم فاتحين البلد تِلوَ البلد، لنشر دعوة الحق والخير والعدل والمساواة بين جميع الناس، دعوة السماء إلى الأرض، وليس من أجل السلب والنهب والاستعمار وإذلال الشعوب التي فتحوا بلدانها.. فلم يُؤْثَر عنهم، في كل الفتوحات التي قاموا بها، أنَّهم اعتدوا على أبرياء عُزَل أو أحرقوا مدينة أو قرية أو أذلُّوا شعباً من الشعوب أو هتكوا عرضاً أو سرقوا مالاً.. بل حتى الذين رفضوا الدخول في الإسلام، من أبناء البلدان التي فتحوها، لم يغصبوه ولم يؤذوه ولم يميتوه جوعاً وعطشاً، بل اكتفوا بأخذ الجزية منه وكفلوا له مقابل دفعها حرية ممارسة شعائر دينه، والدفاع عن حياته وممتلكاته وأماكن عبادته، كما حفظوا له حقه كمواطن في أرض وطنه له ما للمسلمين فيها وعليه ما عليهم. لهذا كله شهدت كتب الأقدمين، على اختلافها، بأن التاريخ لم يعرف فاتحاً أرحمَ من المسلمين..
وبدلاً من أن يُقابل الغربُ سماحةَ المسلمين بمثلها، بعد أن دالت دولتهم القوية، وتمزَّق شملُها، إذا به يُمارس بحقهم، قديماً وحديثاً، أبشع أنواع القتل والتدمير، ولا يكفُّ عن إشعال الفتن بين مُكَوِّناتِ شعوبهم، لإضعافهم والاستمرار في نهب ثرواتهم وإذلالهم.. هذا ما تقوله وقائع الحروب الصليبية التي لم يَنْجُ من هجماتها المسعورة وإرهاب جنودها حتى المسيحيون العرب في فلسطين وغيرها، فقد ذُبح أولئك أيضاً كما ذُبح المسلمون؛ ومع ذلك، وحين نصرَ اللهُ المسلمين على الصليبيين، بعد أن سَخَّرَ لهم بطلاً كبيراً قادهم إلى ذلك النصر هو صلاح الدين الأيوبي، لم ينتقم صلاح الدين وأتباعُه من حَفَدَةِ الصليبيين الذين ولغوا في دماء المسلمين سابقاً، لأنَّ قناعته كمسلم أن من الأفضل له أن يُسامح ويعفو حين يقدر، على أمل أن يجذب عدوه إلى الإسلام، فإذا جذبه وأدخله فيه لم يُسامحْه فقط بل عَدَّه أخاً له وأحبَّه أيضاً.. ولهذا سمح صلاح الدين للصليبيين الذين انتصر عليهم في القدس، بعد أن فتحها الله على يديه، أن يخرجوا بما يستطيعون حمله من متاعهم آمنين مطمئنين، ومَن أسلم منهم صار أخاً لجميع المسلمين..
ومضت القرون بعد طرد الصليبيين من ديار المسلمين، وعاد المسلمون فصاروا سادة الدنيا آنذاك مرةً أخرى، وظلُّوا كذلك حتى جاء العصر الحديث، وبدأ زحف الاستعمار الأوروبي على بلادهم، لاحتلالها بلداً بلداً من جديد.. وإذا بجيوش ذلك الاستعمار تلتزم سُنَّةَ أجدادها الصليبيين؛ ففي كلِّ بلد كانت تدخله، كان جنودها وقادتُها يفعلون بأهله ما تقشعر له الأبدان.. أما أفاعيل أذناب الاستعمار الحديث، وأقصد اليهود في فلسطين، فتحتاج إلى بحث مُستقِلٍّ مُطوَّل لكثرتها..
ومع ذلك كله، تجد هذا الغرب الاستعماري نفسه الذي لم يتورَّع عن قتل المدنيين الأبرياء، في طول الأرض الإسلامية وعرضها، لا يتورَّع عن وصف نفسه بالإنسانية ووصف المسلمين بالإرهاب، لا لسبب بل لأن بعضهم يرفض الوجود الاستعماري على أرضه، ويطالب بحريته وحرية تلك الأرض.. والأغرب من هذا وذاك أن تجد بين العرب والمسلمين من يُطَبِّلُون لهذه الدعوات الرعناء المغرضة المعادية للإسلام ويُزمِّرون، واقفين معها، ومُشهِرِين سيوف ألسنتهم وأقلامهم للطعن بكلِّ مسلم يرفض الذلَّ والخضوع للمستعمر الأجنبي..
وآخر دعواهم، ابتداء من أول القرن الحالي، أن جعلوا للإرهابي زيّاً مخصصاً ومَظهَراً نمطياً مخصصاً لا ينطبق إلا على الإنسان المسلم وحده، هيئةً ولباساً.. فكلُّ من أطلقَ لحيته أو وضع عمامة أو صلى أو صام أو لبس جبة فهو إرهابي، وكذلك كلُّ مَن تتحجب أو تصلي أو ترفض ممارسة العهر صارت تُعدُّ متخلفةً وإرهابية..
لكن بالمقابل، ليس على اليهود والمسيحيين حرجٌ إذا أطالوا لحاهم أو لبسوا الجبة ووضعوا على رؤوسهم الطاقية اليهودية (الكيبَّا) أو أيِّ طاقية من التي يضعها الرهبان المسيحيون على رؤوسهم.. فهذا من حقِّ هؤلاء وأولئك، لأنَّ ارتداء الطرفين للأزياء التي يختارها كلٌّ منهم وتُعبِّر عن دينه أو ترمز لانتمائه إليه، هو من باب حرية الاعتقاد! وكذلك إذا ارتدت الراهبة المسيحية لباساً يُغَطِّي جسدها من الرأس حتى القدمين، فهذا من حرية الدين أيضاً.. لكن إذا ارتدى المسلمون ما يُميزهم وتحجَّبت نساؤهم صاروا إرهابيين!
هذه إنسانيتنا وتلك إنسانيتهم، فأيُّنا أحقُّ بلقب الإرهابي؟[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس