الأعمى والحب والمغفّل والبئر .....
الأعمى والحب والمغفّل والبئر....
أمحمد هو واحد من أفراد تلك القرية فَقَدَ بصره و والده و هو لم يبرح بعد عقده الأول.
تميز بقوة البنية و الشكيمة اللتان حلتا محل الشقاوة في مرحلتي الصبا والمراهقة
إضافة إلى هبة البصيرة التي استعاض بها عن البصر وجعلته يتفوق على الكثير من
سليمي العيون وكذا الذكاء الخارق و سرعة البديهة و الحفظ و طلاقة اللسان و حبه
الكبير للسفر فهو لا يكاد يعود من رحلة إلى داره إلا ليستعد لأخرى ما مكنّه من نسج
شبكة كبيرة من العلاقات مع الناس لا سيما العرب من البدو الرحّل أو فروعهم و
حواشيهم القاطنين بالمدن و القرى و حتى من الحضر أصلا الأمر الذي عجّل في نبوغه
في الشعر و الغناء و في الضرب على الدف و عزف الناي ( القصبة) رغم أصوله غير
العربية (الزناتية) حتى أصبح من أهل الحظوة و المقام المحترم فما من عرس يقام
لا سيما عند هؤلاء إلاّ و كان على رأس المدعوين إليه فتجدهم يحلقون حوله كالتلاميذ
يرددون خلفه و يشاركونه الضرب على الدف أو عزف الناي تحت قيادته أو كمستمعين.
و قد أهلته هذه الميزات مزادا إليها تفوقه في الكثير من جوانب الحياة للتكفل بشئون عائلته
الصغيرة المتكونة من أم و ثلاث أخوات رغم صعوبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية آنذاك؛
و من الأبواب التي وجد طرقها ميسرا لكسب الرزق باب التجارة عامة والجزارة على وجه
الخصوص كمتلازمة لعلاقاته الوطيدة بالبدو الرحل الذين يمارسون نشاط تربية المواشي.
يشتري من هذا شاة ومن ذاك جملا فيذبحهما في مسقط رأسه ثم يدفع ثمنهما للبائع أو يشتري
مع الدفع الفوري ثم يذبح ويبيع أو يبيع الحيوان حيا لمن له به حاجة كما يمتد نشاطه
إلى تجارة الأقمشة و المواد الغذائية وغيرها ....... يتبع
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|