[align=justify]الأديب العزيز أستاذ نبيل تحياتي لك..
بالإضافة لأهمية نصك التوثيقي في مسيرة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ، وأهمية توثيق الأغاني والأهازيج الشعبية في شتّى المناسبات الدينية والوطنية.. استوقفني بعض العبارات التي تدلّ على اللحمة الوطنية وعدم التفريق والتمييز بين مسلم ومسيحي في شتّى المناسبات، وهذا يثبت أن كل التفريق طارئ ومستحدث و: " خلف الأكّمة ما خلفها" كما يقال ، نعود بالتاريخ آلاف السنين للخلف " وأنا المتخصصة في التاريخ " فلا نجد تعصب وتمييز في فلسطين خاصة وفي بلاد الشام عامة، ولم يكن شعبنا يعرف عنه شيئاً...
تعود بي الذاكرة معك هنا ، إلى إحدى القرى في شمال لبنان واسمها " عاصون " وهي قرية سكانها من المسلمين والمسيحيين وفيها مسجد عمر وكنيسة السيّدة ، حيث كنا نقضي ثلاثة أشهر عطلة الصيف من كل عام ، كما كنا نقضي عطلات فصل الشتاء للتمتع بالثلج واللعب والتزلج...
وفي ذاكرتي رغم مرور الحرب الأهلية التي لم تطلها، ذكريات بديعة عن ذلك التعايش والانصهار الفطري البديع ..
أذكر احتفال " عيد السيّدة " في 15 آب من كل عام ، وكيف كان يقوم شباب وصبايا الضيعة بلا تمييز ، بغسل الكنيسة بشكل كامل ، وتحضير أطيب المأكولات والحلويات كضيافة للزوار الكثر من مختلف الأنحاء في هذه المناسبة ، أذكر ليلة العيد وحلقات الدبكة في باحة الكنيسة وأذكر " أحمد " الذي كان دائماً - يمسك على الأول - وفق تعبير رواد الدبكة .. أذكر أيضاً الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف والزينة الممتدة في كل الأنحاء والأحياء والبيوت مسلمين ومسيحيين ، وذات الاحتفال وحلقات الدبكة في الساحة الرئيسية للقرية .. أذكر الأفراح والأحزان التي كانت تعم وتشارك بها كل البيوت بلا استثناء .. تذكرت "الشيخة " كما يلقبونها ( زوجة الشيخ ) وتذكرت ( الخورية ) زوجة الخوري ، حين كانت تفرد الكشك الذي تصنعه كي يجف على سطح المسجد ، وقضيب الخوري الرفيع، الذي يضرب به الأولاد الذين يسبّون الدين وهم يلعبون ... أذكر وأذكر وأذكر العيش الحقيقي الفطري ، عيش الأهل ...
أزعم .. مؤامرة ما خلف ما نعشه اليوم من تعصب وتفريق ، هل هي يد خفية تثبت مشروعها بتفريق الناس وشرذمتهم إلى عصبيات دينية ومذهبية ؟؟!!..
تقبل عميق تقديري واحترامي[/align]