أعود بذاكرتي للخلف وتحديداً إلى ما قبل أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001..
كان عدد من يدخلون الإسلام في شمال أميركا كبيراً جداً ، خصوصاً بين جيل الشباب من طلاب الجامعات تحديداً .. كانت هذه مشكلة عند كثير من الأهل يثيرونها في ندوات ويطرحونها طلباً للحل في عدد غير قليل من الكنائس ، فالشعوب الأميركية ( كندا وأميركا ) من الجنس الأبيض ، يختلفون من هذه الناحية عن نظرائهم الأوروبيين ، والإلحاد هنا ليس متفشياً كما هو عليه في أوروبا..
منطق الإسلام كان يقنع عقولهم ويحترمها ويروي في آن أرواحهم العطشى...
صحيح أني كنت أسمع من بعض الشابات والشباب ، ما يفعله بعض زملائهم في المدارس من الشباب العربي والمسلم مما يخيفهم ويرهبهم..
كنت أصطدم بشخصيات كثيرة محسوبة على العرب والإسلام تسيء للإسلام بسلوكها وفهمها الخاطئ لدينها وتسيء لقوميتها ..
سمعت بصبر ما يقوله السيخ عن أحد ساداتهم من السبعة المقدسة ، وعرفت أن سبب عدم قص شعر رؤوسهم ولحاهم وطقوسهم للفها بأناة حول رؤوسهم ، كما يدعون هو "الحزن على الإسلام" وفق عقيدتهم التي يلخصونها بعبارة : (( أعظم دين هو الإسلام وأسوأ مؤمنين هم المسلمون إلخ.. ))
كثير من القصص والحوادث السلبية التي كانت تسيء للإسلام تحصل بين فينة وأخرى ، ولكن..!
بين الأمس واليوم فرق شاسع ..
بدأت أسمع في الآونة الأخيرة عن أشخاص ارتدّوا عن الإسلام - وأعلم يقيناً - أن من يرتد لا يفهم الدين الإسلامي بشكل صحيح !..
بدأت من جهة أخرى أرى عنصرية عند البعض أكثر بكثير مما كان الحال عليه!..
بالأمس تحديداً زميلة كنت أعتبرها صديقتي ، عرضتني لصدمة حين طلبت مني ألاّ أخبر أحداً أنها عربية الأصل .. حتى أن نقاشنا احتد..!
قالت أنها باتت تخجل من أصلها العربي ، وبإصرار وتحد أضاقت: (( لا أريد أن أنتمي لمن أخجل منهم .. أأنتمي للمجرمين القتلة أو للرجعيين الخونة الجهلة وأهل السفه؟ ))
قلت لها: ولماذا تنتمين أساساً لمن لا يمثلون شعوبهم ؟
سألَت: (( أي شعب.. وهل أنتمي لمن طلبوا يد إيفانكا ترامب أو الذين ألفوا فيها أشعاراً أو من قاموا بعمرة عن ترامب أثناء وصوله لحائط البراق ومن يبحثون عن صداقة مع الصهاينة؟؟!! ))
قلت لها: (( الأجدر أن نفخر بالانتماء إلى المعتصمين الأبطال في زنازين الصهاينة المضربون عن الطعام .. إلى المناضل البطل مروان البرغوثي .. إلى أهل غزة والمتضامنين في الضفة .. إلى شهداء وسجناء الرأي والحرية في زنازين المعتقلات العربية .. إلى الفلاح البسيط وعرق العامل وربّ الأسرة المكافح الذي لم يغرق في الفساد .. إلى الأم المجاهدة .. إلى الأستاذ الذي لم يزل يغرس القيم الصحيحة والمبادئ الإنسانية السليمة في عقول طلابه.. إلى من لم يزل يتحرى لقمة الحلال .. إلى الصحفي الشريف والأديب المتمسك بأهداب انتمائه .. إلى الطفولة العربية البريئة التي تحتاج من يأخذ بيدها إلى غد أفضل...... ))
أصرّت أن تكفر بعروبتها وكنت أكثر إصراراً أن أحافظ على انتمائي العربي ولا أكفر به أبداً ....