الأديبة الفضلى صديقتي الغالية هدى الخطيب
أشكرك أولا على طرحك لمثل هذه المواضيع القيمة ، التي تحتاج وقفات مستفيضة ، ودراسات متعددة ، لأهميتها الشديدة ولحاجتنا إلى التذكير بأهمية الأخلاق في حياتنا ...
باقة تقدير لك مخضبة بندى المحبة
- سأبدأ بهذا التقديم الموجز .. ولي عودة إن شاء الله - للمتابعة وإتمام المقال ..
************************************************** ******************
إختلت القيم ، وضاع الفرد في تراكمات الانشغال والبحث والتنقيب عن الأصلح واللائق في عالم غلب عليه العبث ، فأضحى المرء يتحسر ألف مرة في اليوم جراء ما يشاهده من ضياع وانحراف وفساد وانجراف وراء فتنة شديدة اختلفت أشكالها وتنوعت ؛في حين ظل السبب الأساس هو إفلاس النفس من مكارم الأخلاق وفضائلها التي حث عليهما نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم .." إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
إفلاس مختلفٌ مترتبٌ عن شح وبخل في العلاقات الإنسانية وعن تقتير في تقديم صدقات أخلاقية كحسن الاستقبال ، والبشاشة والبشر ، وطلاقة الوجه، وإظهار الحبور والسرور
قال الرسول ﷺ " تبسمك في وجه أخیك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهیك عن المنكر صدقة، وارشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو اخیك صدقة، واماطة الأذى عن الطریق صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر صدقة، وأعظم الصدقة لقمة یضعها الرجل في فم زوجته" رواه الترمذي
صدقات بمفهوم إنساني شامل .. تجعل النفس زاهدة عن الغنى المادي تواقة إلى جنة المأوى. صدقات توطد العلاقات الإنسانية ، وتزرع الرحمة بين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجه ..
صدقات بها تكسب النفس وتغنى..
قال الرسولﷺ " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ،أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم "
شرط الإيمان حسن الخلق وجميل المعاملة وصدق المحبة .. وبذل المعروف وكف الأذى ..
شرط الإيمان إفشاء السلام حتى يعم التآخي والتسامح والتلاحم بين الناس ..
لكن كيف السبيل إلى ذلك والنفس لوامة ناكرة ، كيف السبيل إلى مكارم الأخلاق التي بعث لأجلها نبينا محمد ﷺ والفطرة أسيرة ملذات لذات جامحة جاحدة !!!
السبيل إلى ذلك بمجاهدة النفس ومحاسبتها والنظر إلى العيوب والتفكر فيها ، ومغالبتها والسعي إلى قمعها " من امتُحن بالعُجب ، فليفكر في عيوبه "
قال الرسول ﷺ" ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس "
قاعدة أخلاقية تحتاجها النفس البشرية في وقتنا الحاضر ، ومقياس سليم لإصلاح النفس وتهذيبها وتوجيهها الوجهة الصحيحة وهي المجبولة على حب الغنى ..
مقياس يزيح الغرائز الفطرية بقاعدة أساسية " غنى النفس " ، لكن للأسف أين نحن من غنى النفس .. !؟ فكل ما نطمح إليه هو الغنى المادي لا الغنى الروحي المعنوي ، إذ تجد المرء يرغب إلى المزيد من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ،والخيل المسومة وكل متاع الدنيا ،وبنفسه فاقة وحاجة شديدة إلى كل الفضائل والمكارم .. وحسن الأخلاق ..!!
أي غنى هذا ... وفي النفس افتقار إلى البر والإحسان والعفة والاستغناء والصبر والصدق ..؟!؟
هوغنى زائل زائف في ظل افتقار حقيقي .. افتقار يورث الضمير الغافل و الأنانية الظالمة والغلظة والشدة وقساوة القلب ..