رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني
شيمتك التسامح
فليس أكثر من يطعنك أحدهم ، من ذوات الأرحام ، بسكين حقيقية !! وتظل بين الحياة ، والموت ، في رحلة عذاب بالمشفى ، وعندما تتعافى ، وتستعيدك الحياة ، تسامح من كاد بك ليقتلك ، لمجرد مجلس يعقده كبراء القبيلة ، ويجمعا الخصمين للتصالح !! كل هذه البساطة !! أن تتغاضى عن مكر أحاط بك السوء ، وكاد أن يذهب بحياتك في لحظات ، ليصبح الكائد ولي حميم !! علمني والدي أنه ، يستطيع قلب الإنسان ، أن يسع تسامحه أشد الأذى ، وحتى أقبح تصرفات البشر ، منذ ذلك اليوم إلى أن فارق والدي الحياة لم أجده لهؤلاء ، إلا محسنا .. وقياسا بهذا كان سمته بين الناس فرحمة الله عليه.
شيمتك النبل
لم أكن أعرف ، إلى تلك اللحظات العصيبة التي كنت أودع فيها والدي ، وأستقبل فيه العزاء من محبيه القريبين ، ومن فروع قبيلته البعيدين جدا ، الذين لم أعرفهم طيلة حياته ، أو حتى أسمع عنهم ، المعنى الحقيقي المتجسد في كلمة (نبيل) .
تضافرت ظروف حياتنا قبل أكثر من خمس وعشرون عاما ، بخمس وعشرون عاما أخرين ، أن تصنع أناسا أكثر نبلا وشرفا ، ممن هم يسيرون فوق آثار أطلالهم ، ويسكنون ديارهم ، ويملكون تركاتهم اليوم ، ولم يبلغ مسيرهم أشبارا معدودة من الأخلاق ، في رحلة أميال هؤلاء ، أللهم إلا ثلة منثورة في الورى ، لا يعلم مستقرها ، ومستودعها إلا الله ، لكنني عثرت على أحدهم ، ولكن بكل أسف في اللحظات الأولى عقب رحيله ، نعم لم يخطر ببالي أن والدي من هؤلاء ، الذين كانت تروي جدتي أساطيرهم ، وإن صح القول ، هم اؤلئك الذين بكت عليهم السموات ، والأرض ، أذكر أنني عقب انتهائي من نوبة بكاء حارة ، كانت تراودني من حين إلى أخر في ذلك اليوم ، لقد كنت أذهب ، وأؤوب في حرملك نسائي مكدس ، وإذا بإمرأة تمسك يدي ، وتبادرني بسؤال : هل أنت إبنته قلت نعم ، قالت : من أنت فيهم ، قلت : الكبرى ، قالت أنت الأكثر شبها به ، طأطأت رأسي حزنا في صمت ودموع ، قالت نصا : إن والدك كان كافلا للأرامل ، واليتامى ، وأشارت بيدها إلى امرأة شابة لتقترب منا ، لكي تعرفني بها ، وأخبرتني هي الأخرى أن والدي هو من تكفل بتجهيزها كاملا للزواج هي ، وأختها ، لم يدهشني ذلك ، بل أعرف كرم والدي ، ولكن الذي أدهشني حقا !! وجعل رأسي يدور ، هو أنهما ابنتا ألد خصيم له !! كان شديد البخل على زوجته ، وأولاده ، كنت ولأول مرة في حياتي أسمع منهما ، ما لم يخبرنا به والدي قط ، وحين انفض الجمع الغفير ، وانفردت بأمي سألتها عما سمعت ، وكانت الدهشة الكبرى !! أنها هي الأخرى للمرة الأولى يمر عليها الخبر !! إلى هذه الدرجة كنت نبيلا !! كم كان يسوءني أن رحلت عني ، دون أن أستفيض في تقبيل قدميك ، ويديك المباركتين ، فخرا لي أن كان والدي نبيلا ، وما أندر النبلاء .
يتبع
|