رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني
مما استيقظ ، فوق وسائد الذاكرة ،
ليلة السفر الأخيرة
أذكر جوارك ، دوامة اغتراب عن ذاتي ، إبتلعتني أغرقتني بين الوعي ، واللاوعي بين الإقدام ، والإحجام ، أأبقى بجوار طفولتي ؟؟ أم أرحل عنها ؟؟ وإلى جانبك الحوض تتوضأ ، وتخاطبني ، بلهجة المحزون ، ونبراتك تتلبدها غيوم البكاء ، وحروفك تخرج موافقة لرعشة صوتك ، وهي تقاوم الدموع : -(يابنتي ربما لا تتقابل الوجوه مرة أخرى ، فانصتي لي جيدا ، واحفظي عني هذه الكلمات ) ..، حاضرا يا أبتي .. وبلهجتنا العامية قال مرتعش الصوت يكتم أحزانه : ( متسمعيش للناس اللي بيقولوا ، البلد اللي محدش يعرفك فيها ، أعمل اللي على كيفك فيها ..لا أحنا بنقول البلد اللي محدش يعرفك فيها إحسن أدبك فيها..، والبعد عن الناس في زماننا غنيمة .. حافظي على نفسك ، وأولادك وأطيعي زوجك إلا أن يأمرك بإثم .. كوني له أمة يكن لك عبدا .. لقد أطعمتكم حلالا فلا تقبلي إلاه ..
ولو عرضت عليك الدنيا ، وما فيها ..فما عند الله خير وأبقى .. واكبري ..
كانت نبراته ، ملبدة بالغيوم ، غير أن المطر كان من نصيب سجادة الغرفة ، والفراش ووسادتي البيضاء ..فما لبثت أن أنهى حديثه ، وذهب يصلي .. إلا وسارع الدمع ، يتطاير في الهواء يمنة ، ويسرة !! وأنا أتظاهر بالإنشغال ، حتى لا يشعر بي أحد ..،
يتردى فؤادي .. والحب سحائب في أقصى عنان
وانتحار الورد محتوم .. .. لو يفارق الماء الجنان
مغلولة بأشواكي رحيلا .. مغصوبة العود والبنان
ليت ماكانت الوردة ، أغرقني الحزن الطوفان
ليتها حلم في جفن لوحة ، أو هاجس بخيال فنان
ليت ما كبرت الوردة .. ما تاقت الوردة
ما صعدت الوردة ، فوق أكتاف البنفسج
، وما هوت من شرفات الزمان
كل ما قاله في ميزان..، و(ربما لا تتقابل الوجوه ) في ميزان أخر لتطيش كفة الحزن والوداع ، والخوف ، والمجهول . لتودع أيامي ، ولتنعي أحزاني في ذاك الحضن طفولتي .. يبدو أنني كبرت للدرجة التي تجرأت الحياة أن تحيك ثوبا من الغربة ، لتلبسني إياه ، وتزفني إلى رحيل طويل ، تشيب به الروح وحشة ، وتصنع مني الغريب .. يا أبت حرصت أن ألزم وصاياك ، إلا قليل .. أحسنت ، وحافظت ، وأطعت ، وعزفت ، لكن الطفلة حتى بعد اليتم أبت أن تكبر !! .
|