نظرة وداع- قصة قصيرة
[align=justify]طرَقت باب مكتبه وألقت رسالة وهربت مسرعة ..أسرعت السكرتيرة ولكن لم تنجح في التعرف عليها.. أخذت الرسالة ودخلت بها على الأستاذ وقصت عليه ما رأت .أخذ منها الرسالة وفتحها ..
لا تتعجب من فعلي ولكني أرغب في أن أراك قبل رحيلي من هذه الدنيا فأنا أسابق الموت.. وحجرتي 16/ أ الدور الثاني مستشفى الأمل بالاسكندرية خلف مكتبك تماما وستتعجب من رسالتي هذه فربما لا تتذكرني يوماً لأني كنت أخجل أن أراك وان انظر إليك وجها لوجه ولكني كنت ارقبك عن بعد وأبصرك عن يقين وأتابع خطواتك ومستقبلك الباهر., وكم تمنيت أن أحمل اسمك ولكن ماذا أصنع وأنت غير مكترث بي على الإطلاق!!
وأضافت: كنت أشعر بعطفك علي الذي كان يقتلني ويقتل الإحساس فيّ، ووحده كبريائي هو ما منعني ان أقف أمامك يوماً وأعترف بحبك، إذ لم يعرف قلبي حباً سواك ولكن لم أظهره لك و لا للأخرين - سكنت قلبي طيلة سنوات حياتي التي قاربت الخمسين، فرفضت الارتباط بآخر مدى حياتي وكنت أرسم لنفسي كل يوم لقاء معك أحاكيك فيه وأداعبك وأبتسم لك وأتزين لك في مرآتي ووسادتي.
عشقتك بكل معنى الكلمة وأحببتك حبا لا ولن يضاهيه حب في هذا العالم... أتابع نجاحك وخطواتك ومشوار عمرك .أحزن لحزنك وأفرح لفرحك وأسعد بنجاحك وتفوقك وأنت لاتعلم عني شيئا ولا حتى وجودي .تعرف الآن من أنا ..!؟ أعتقد لو راجعت قاموس حياتك ربما لن تصل لاسمي ولا حتى لملامحي .
لن أرهقك التفكير لإني أحبك وأخشى عليك من الإجهاد فأنت روحي ونفسي التي بين أضلعي. أنا هدير تلك التلميذه التي كانت تجلس في الصف الأمامي بجوارك في الصف الاول الابتدائي عام 63 في مدرسة أبوبكر الصديق الإبتدائية بنت الشهيد كمال عبد المنعم الذي استشهد عام 67. أتتذكر حين أخذتني على صدرك حين تلقينا نبأ استشهاد شخصين عزيزين علينا، والدي وعمك، حتى التقت دموعنا على خدينا.
كنت أنا حينها في الصف الخامس الإبتدائي، ومنذ ذاك الحين صرت تعطف علي كغيري من الزميلات اللاتي فقدن عائلهن وصرت أنت ترسل إلينا كل مانحتاج إليه، كاغيرنا من البشر المحتاجين ولما أخذت أتحدث عنك أمام الجميع نهروني، فمن أنتِ بالنسبة له ؟ واين أنت واين هو ؟ لاتنظري إلى أعلى حتى لايختل إتزانك وتهوي على الأرض وهنا لن تجدي من يمد لك يد العون ..قتلوا لديّ الإحساس والشعور.. وكبريائي منعني أن اقترب منك .وإستمرت الأيام حتى افترقنا وعدنا إلى حيث يقطن أهل أمي وكنت أرقبك عن بعد أعرف خطواتك الثابتة وحياتك التي رسمتها منذ البداية منذ أن كنت صحفياً بارعاً منذ نعومة اظافرك عندما توليت علينا الصحافة في الإذاعة المدرسية وكتاباتك للشعر والقصص في مجلة المدرسة ..كانت زميلتي سمر تقص علي كل يوم حكايتك حتى اليوم عندما أخذت هذه الرسالة وتركتها لك أمام باب مكتبك ..عرفت الأن من أنا ..!؟أنا واثقة بأنك لن تتذكرني ولن تستطيع رسم ملامحي ..كنت أغار عليك من الفتيات اللاتي يتطلعن إلى حبك وكان الألم يقتلني لمّا عرفت إنك دنجوان عصرك إلا أنا وكرهت إلهام رغم إني لم ألتق بها ولم أعرفها ولكن سمعت قصصاً وروايات عنها ومرضت لمرضك عندما فقدتها وكنت على وشك أن آتي إليك لأواسيك في محنتك ولكن خجلت من نفسي من أنا في صفحات مجلداتك.
ربما لم أذكر ولو سطراً فيه بل ولو مجرد كلمة أو اسم ..ثم تتبعت حياتك الجديدة وحبك الأخير وكأنه كُتب عليك ألا تظفر من تحب ولايظفر بك من يحبك .هكذا هي الحياة تعطي من لا يرغب وتمنع عمن يرغب. يكفيني أن أرحل عن هذا العالم وأنا أعترف لك بحبي وربما أراك وربما لاأراك وإن كنت أرغب وأتشوق وأتمنى ان أغمض عيني عليك وتصعد روحي إلى بارئها وأنت بجواري، فهل تتكرم وتعطف علي لتحقيق هذه الأمنية؟ .أنا في انتظارك يا من أحببتك عمري كله وأنت لا تعلم عنه شيئا ولاذنب لك.
حينها اغرورقت عيناه بالدموع وأسرع إليها كالبرق وما أن دخل حجرتها، اتجهت ببصرها نحوه ومدت يدها ولم تستطع الإمساك بأصابعه وصعدت روحها إلى بارئها مال عليها وبكى بكاء شديدا وكل من حولها لايعرف من هو ..[/align]