عرض مشاركة واحدة
قديم 15 / 10 / 2017, 22 : 12 AM   رقم المشاركة : [1]
عبد الحافظ بخيت متولى
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية عبد الحافظ بخيت متولى
 





عبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

قراءة في قصيدة جسد علي الحجر لطلعت سقيرق

نص وقراءة

إلي الحبيب الحاضر دوما طلعت سقيرق في ذكراه سيظل الأدب يحيي الموتي في وقت يموت فيه الكثيرون دون أن نشعر بهم ، إليك هذه القراءة التي لا تليق بشعرك لكنها حبو الأعرج يا صديقي ، نم في سكون فأنت باقٍ وأبدا

( النص)

جسد على الحجر الأخير


شهدت على الرملِ الشواهدْ …
أفقٌ بعيدْ …
للريحِ أجنحةُ الغرابْ …
نعقتْ فكان الجرح فينا ..
ثمّ فينا …
آه يا زيتونةً مشطورةً والليل واحدْ ..
للجرح رائحة السنينْ
غرقتْ فكانَ الصمتُ دمْ
ما زالتِ الزيتونةُ الخضراءُ يطويها الحنينْ
وتنزّ من ألمٍ مرايا ..
هل غادر الشعراءُ ..
أم .. ما غادروا ..
كانتْ تشدّ الرملَ فانشطرت رمالْ ..
هبطت على الفجرِ النصالْ
ويقال إنّ البحرَ خبّأ ألف جرحٍ لا يقالْ
* * *

لم يشعل الليل الحقائب غير أني
بين الرصاصةِ .. والرصاصةِ .. والحريقْ
كانتْ مساحاتُ الهوى العذريِّ فينا
كانتْ .. وللجسدِ البعيدْ ..
سقطتْ .. ويحكى
كانَ اسمها يوماً .. سعادْ …
والآنَ لا يدري أحدْ ..
كانت بعمرِ الوردِ لكنْ ..
جرح على طول الجسدْ ..
كانتْ تحبُّ الشمسَ .. أوراقَ الشجرْ ..
وتلاحقُ الوعدَ المخبّأ في عيون البرتقالْ ..
سقطتْ ولم تكمل حكاياها انشطرنا ..
زمن من التعبِ المشظى بين قافيتينِ
تبتعدانِ ..
تبتعدان من لهبِ الطريقْ ..
* * *
جثثٌ وأشلاٌ .. ودمْ
موتٌ .. ورائحةٌ العدمْ
نتفٌ حطامْ ..
وضفيرة سمراء .. أو سمراء .. أو ..
مخلوعة من جذرها ..
ثديٌ عليه أصابع الطفل المدمّى
ما زال يعتصر الحليبْ ..
وفمٌ تناثرَ
حلمة ٌمقصوصة ٌ..
حبلى تشظى بطنها
رأسٌ تدحرجَ خارجاً من حلمهِ
وجه ٌتوزّعَ
طفلةٌ
جسدٌ على الحجر الأخيرْ
حجرٌ على طول الضميرْ
حجرٌ يمدّ ضلوعَهُ
ومن الكلامِ .. إلى الكلامِ ..
من السلامِ إلى السلامِ
قد ارتسمْ ..
صبرا .. وشاتيلا ..
* * *
كانتْ لنا يا أمّ في القلبِ الغزالهْ
وعلى الرصيفِ لنا الرصيفْ ..
لما اقتربنا لم نجد إلاّ براكيناً وسكيناً وأقنعةً
ونارْ ..
بينَ الرصاصةِ والرصاصةِ والنحيبْ
للجرحِ قافيةُ الضحايا ..
والضحايا للمرايا ..
تمتدّ في الأيام فينا
حين السكاكينُ انتشتْ
واللحم يقطر خصلةً وفماً وشيئاً من دوارْ
قال المعلم للصغارْ :
ماتت على الشفةِ الحكايا ..
قال الصغار :
ما جاء أحمد دافئاً من ليلهِ
ماتت على الخيلِ الخيولْ
لم يسمعِ الولدُ الصهيلْ
قال المعلم للكبار:
ما عاد للخيّال غير العرض في سوق البطالهْ
ما جاء أحمدُ
في منافيهِ اختنقْ
وعلى يديهِ من الرصيفِ إلى الرصيفْ
خيلٌ .. رجالٌ من ورقْ
ناداهمُ ..
دهمتهُ ألوانُ الغرقْ
قال الكبارْ :
خرقتهُ ألف رصاصةٍ في الصدر ما ماتَ
الصغيرْ ..
شطرتهُ ألفُ شظيّةٍ .. وقفَ الصغيرْ ..
ناداهمُ ..
صبرا وشاتيلا ودمْ ..
صفّوا الكؤوسَ على الكؤوسِ على
الجسدْ …
مات الولدْ ..
قال المعلم للمعلم : حين غابْ
بكتِ الخيولُ على الخيولِ .. وما أجابْ ..
* * *
كتبَ الحمام إلى السلامْ
كتبَ السلامُ إلى الحمامْ
صبرا وشاتيلا ..
* * *
يا أم وارتطمَ القمرْ
بملامح الطفلِ الموزّع جثّةً
كانتْ على خصلاتهِ قطراتُ ماءْ
جفتْ وغطتها الدماءْ ..
سقط القمرْ ..
لم يكملِ الطفلُ القراءهْ
لم يكملِ الطفلُ الطعامْ
هو جثةٌ مشطورة بين الحطامْ
سقطَ القمرْ ..
يا أمُّ وانتشرَ الظلامْ
* * *
كتبَ الحمامُ إلى السلامْ
كتبَ السلامُ إلى الحمامْ
صبرا وشاتيلا ..


( القراءة)
يبدو أن الشاعر هنا يتجاوز ذاته بوصفه إنسانا عاديا ويتكشف – عبر النص – بوصفه شخصية إشكالية تتخذ موقفا من الزمن الذى تحيا فيه باعتباره زمنا رديئا لا يشكل فضاء للفعل الإنساني السامي ، بل يصبح مرهونا بالدمار والخراب وتهديم العالم ويدفع لفقدان الهوية الإنسانية بشكل عام ، وبرغم أن النص هنا يرصد ذلك الصراع الدموى الذى يلقاه الإنسان تحت مظلة الغاصب المحتل إلا أن حضور الزمن هنا يشير إلي اندفاع المخيلة الشعرية نحو الزمن كوعاء جمالي يرصد من خلاله الشاعر هزيمة الإنسان برغبة منه في تسكين الزمن عند محطات محددة تتفجر فيها الدلالات الشعرية بوعي شديد بدءا من توظيف الفعل وما يصاحبه من معطيات دالة وانتهاء بتوظيف الدال الزمنى المجرد
فلم يكن عملا مجانيا أن تكون الفاتحة النصية هنا معتمدة علي الفعل بمعناه الزمني كشاهد يؤكد علي ضبابية الحدث واشتعاله في نفس الوقت
شهدت على الرملِ الشواهدْ …
أفقٌ بعيدْ …
للريحِ أجنحةُ الغرابْ …
نعقتْ فكان الجرح فينا ..
فالفعل " شهد" ينطلق من دور الماضى ليؤكد علي فعل الحاضر والنص هنا يُسكِّن هذا الفعل ويجعله تأسيسا قويا للمخيلة الشعرية التي بني عليها متن نصه ، وكانت هذه البداية الزمنية تشبه النواة المخصبة التي يتولد منها النص والذى يشير إلي مخططات وعي الشاعر الزمنية وكيفية توزيعها ، فالرمل دلالة علي مكان محدد يتماهي مع الأفق والرمل شاهد وجود الريح التي تحولت إلي غراب ناعق تنعق الجرح ، مما جعل الزمن هنا يشكل أول منافي المعني الإنساني ، ذلك المنفي القدري للحظات الوجود التي تنسحب في استمرارية لا تنقطع عن دورة الحياة في السيرورة اللانهائية للزمن وهذا الانسحاب هو أول محنة الوعي الإنساني الذى يتفتح علي انشطار العالم تحت مظلة القهر ، لذلك يصبح للجرح رائحة السنين ويصبح الصمت دما، ويتحول هنا في إطار الزمن الفاعل كل سكون إلي هيجان وكل جمال إلي اشتعال ناري
كانتْ تشدّ الرملَ فانشطرت رمالْ ..
هبطت على الفجرِ النصالْ
انشطار الرمال ،تمزق الأشياء، والفجر الوديع الساكن تمزقه النصال ، قمة المأساة مع هذه التحولات في أصل الأشياء والتي تعمل علي توهج النص واشتعال اللغة بقدر اشتعال الواقع ، لذلك فبغية قراءة النص هو الكوجيتو الزمني بباطن النص والوقوف علي الغايات العميقة لحركة الوعي الشعري الذى يفجر الأشياء من خلال الزمن
كانتْ لنا يا أمّ في القلبِ الغزالهْ
وعلى الرصيفِ لنا الرصيفْ ..
لما اقتربنا لم نجد إلاّ براكيناً وسكيناً وأقنعةً
ونارْ ..
بينَ الرصاصةِ والرصاصةِ والنحيبْ
للجرحِ قافيةُ الضحايا ..
والضحايا للمرايا ..
تمتدّ في الأيام فينا
حين السكاكينُ انتشتْ
واللحم يقطر خصلةً وفماً وشيئاً من دوارْ
وهذا الكوجيتو الزمني كان مدفوعا إلي توظيف عنصر الحكاية حتي يتسع أفق النص لحالة الرصد المأسوية ، فمفردة "كان" تؤسس لعنصر الحكاية بفعل التصاقها تاريخيا بالحكي والسرد وعلي هذا التأسيس تشتعل المفارقة صانعة المأساة بين ما كان وما أصبح ، فالغزالة التي كانت والرصيف الذي كان تحولا إلي براكين ونار ورصاص ، والمسافة بين ما كان وما أصبح تكشف سلطة الوعي العميق لدي الشاعر بتوظيف الزمن علي مستوي الشعر والسرد معا وخلق عناصر الدراما الشعرية داخل النص ليتحول النص نفسه إلي رصاص مشتعل في وجه من تسببوا في القهر وسلب الإرادة الإنسانية وقهر القصيدة والذات معا ، وهذا يبرر لنا قلق السؤال "هل غادر الشعراء أم غادروا؟" ، فالشعر في وعي طلعت سقيرق ليس إلا انفجار ولم يعد هناك مكان للشعر الحالم
ويستمر عنصر الحكاية مؤطرا لانفعالات الذات الشاعر وحدها في اطار دلالات الاحباط الكبري ، لذلك لم تعد المفردات المختزنة في الذاكرة تعبر عن ماهيتها بالنسبة للشاعر ،فالأم هنا المروي لها غير تلك الأم التي تمكن في وعينا الإنساني إنها ام النار واللهب ومتكأ الحكي عن ارتطام القمر وتوزع جثث الأطفال وفقدان البراءة
يا أم وارتطمَ القمرْ
بملامح الطفلِ الموزّع جثّةً
كانتْ على خصلاتهِ قطراتُ ماءْ
جفتْ وغطتها الدماءْ ..
سقط القمرْ ..
لم يكملِ الطفلُ القراءهْ
لم يكملِ الطفلُ الطعامْ
هو جثةٌ مشطورة بين الحطامْ
سقطَ القمرْ ..
يا أمُّ وانتشرَ الظلامْ
لذلك فالشاعر هنا ينزل عميقا إلي الطبقات والأغوار البعيدة في الذات اللاواعية حريصا علي إخراج تلك الثوابت من ماهياتها الأزلية ومنحها ماهيات أخري تناسب طبيعة اللحظة الزمنية والوجود الحي و معطيات تحولات اللغة الشعرية، فهو يخلق حضورا في مواجهة غياب ليجعل النص طازجا واللغة في النص حية متحركة كأننا نقرأها للمرة الأولي أو كأنها خلقت للتو
وإذا كانت الفاتحة النصية اعتمدت الزمن كتأسيس جمالي ودلالي للنص في توظيف الفعل " شهد" فإن خاتمة النص اتكأت بشكل فيه إصرار علي الزمن أيضا في الفعل " كتب" وإذا كان الفعل شهد شاهدا علي التمزق والضبابية فإن الفعل " كتب" شاهد علي تبادل الأدوار بين الحمام والسلام كنوع من التفاؤل في المستقبل وأن القبح لايدوم لأن الجمال أصل الخلق والقبح طارئ عليه
كتبَ الحمامُ إلى السلامْ
كتبَ السلامُ إلى الحمامْ
صبرا وشاتيلا ..
وأدهشني جدا في هذا النص تلك القافية الساكنة وكأنما الشاعر عمد إلي أن يكون الإطار الموسيقي مصاحبا لانفجار الزمن وعنصر الحكاية ليشكل دلالة داعمة فكل قافية ساكنة هي صوت سكون الطلقة في مستقرها وكأنه السكون الذى يسبق العاصفة ، هكذا يكون الوعي الشعري العميق في خلق نصوص تحقق أدبية الأدب وتمنح نفسها صفة الخلود





نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عبد الحافظ بخيت متولى غير متصل   رد مع اقتباس