رئيس القسم الشعري
|
رد: النثعيرة بين الانحطاط الحداثوي والحداثة الانحطاطوية..
بسم الله الرحمن الرحيم في 26/10/2017
أشكرك أخي الدكتور محمد توفيق الصواف , على موضوعك القيم ,لغة وأسلوباً وأفكاراً بديعة وتفهماً لواقع الأدب ومسيرته , بالذي ابتدأت به , بما يسمي ( قصيدة النثر ) وكثرة تعداد مسمياتها مثل: ( خنثى, وشعر حر , والنثر المشعور , والشعر المنثور , والنثر الفني , والمأخوذة من الكلمة الإنجليزية ( poem prose) النثر الشعري , والنثر الشعري الرومانسي .
وقصيدة النثر : هو ذلك النص الأدبي الذي لا وزن له ولا قافية له , وبعضه ليس له شكل ولا مضمون ولا معنى , إلى أن تمخضت فكرتك بإطلاق مصطلح جديد لتسمية جديدة وهي : ( النثعيرة وما يشتق منها من أسماء _ أو ما يرادفها من ألقاب , مثل : نثعرة وبعثورة ونعثورة ونثاعير _ ذلك لأن لغتنا العربية اكتنزت مثل هذه الأسماء الثنائية لتجعل لها اسماً واحداً مثل : عبشمي , وحوقله وما إلى ذلك ) , إلى أن سجلت نثاعير المجددين وأفكارهم السخيفة وكلماتهم بهذيانهم مضحكة داعماً رأيك بنصوصهم السخيفة.
أعجبني هذا الموضوع , وسيعجب به كل من قرأه , لأنه يتضمن كل الحقائق , عن كون هذا النوع من الأدب ما هو إلا لوأد لغتنا العربية بلا كفن , ووأد شعرنا العربي بلا رحمة في قيعان الأودية المظلمة .
إن وأنصار قصيدة النثر ومبتكروها فقد اجتهدوا ودرسوا وفكروا وكتبوا ونشروا وترعرعت أفكارهم في أوكار الغرب من فرنسا وبريطانيا وغيرها من البلاد التي تضم كبار المفكرين المناوئين لتراثنا العربي جملة وتفصيلاً , أي أن كل كلمة يقولها هؤلاء , فهي موثوق بها , بل وكأنها خرجت من كتبهم المقدسة التي لا تبديل ولا تغيير بها . ومن أمثال هؤلاء : أدونيس وأنسي الحاج ومحمد الماغوط , ومحمد ياسر شرف , وجبرا إبراهيم جبرا , وتوفيق الصايغ وشوقي أبو شقرا, وسركون بولص , وبول شاؤول وغيرهم الكثير الكثير من الذين تبنوا أفكارهم على يد ( إليوت , وسوزان برنار الفرنسية .... وغيرهم من الغربيين الحاقدين على تراثنا العربي لهدم الإرث التاريخي .) فأنجبت أفكارهم رجالاً هم من جلدتنا لنضرب رأسنا بفأسنا ,يودون إظهار أنفسهم كمخترعين جدد ومجددين فطاحل في وسط غفوة عالمنا العربي ونأي المثقفين عن القراءة , وكف عقولهم عن التنقيب والتطور , أو عن الدفاع الجاد بجميع الوسائل _ كما فعلت أخي الدكتور في هذا المقال الجاد , والذي به عرفت رواد قصيدة النثر بأن لديهم الغرور الفاحش وتخبطهم الواهي , محاولين طمس ديوان العرب في لذة أشعاره وشموخ أهدافه .
لقد شجعوا المثقفين على تداول هذا النوع الأدبي من أبوين , فرنسي وإنجليزي وربيب بعض المثقفين المشهورين من العرب , وانتشرت كتاباتهم في كل مكان , ونقادهم يصفقون ويفرحون لأقوالهم الغامضة , حتى أن أحد أصدقائي الأطباء وهو شاعر معروف , كتب عبارات سخرية وغامضة جداً لا يفهمها هو ولا يفهم معناها أحد من الدارسين , ثم نشرها , فلقيت إعجاباً كبيراً من مؤيدي قصيدة النثر بالمدح والثناء والتفسيرات التي لم تخطر على فكر كاتبها . لأن نقادهم مشجعون لكل من يكتب قصيدة النثر مهما كان شكلها أو مضمونها أو غموضها ,
من هنا فنحن النقاد يجب علينا تشجيع جيلنا الصاعد على قرض الشعر , وأن ننقدهم بطريقة علمية ومهذبة كالأب لابنه , ليستمر في قرض الشعر ويصبح شاعراً قديراً بكل ما يتطلبه الشعر ,ولتكوين جيل قادر على التعبير اللغوي بثقة وبكلمات شاعرية موزونة ومقفية .
ولكن لو فكرنا قليلاً في اسم قصيدة النثر , لوجدنا أن المسألة أقل مما نتصور , فالتسمية ظهرت وتغلغلت بقوة لأن الذي يدعمها هم كبار المفكرين الأجانب ومن يتبعهم من كبار المثقفين والفلاسفة العرب الذين تربوا على موائد الغرب وتعلموا في مدارسهم , وبحثوا في أبحاثهم وتلقوا الدعم المادي والمعنوي من أسيادهم ,
فلا غرو أن نجد في حومتهم من يصفق لهم , علماً أنهم لا يعرفون معنى التصفيق
إن أصحاب الحداثة مسلحون بسلاح الفلسفة العميقة , لتسميم الأفكار بطرق جهنمية , لقد فسروا الأيقاع الشعري تفسيرات لا تمت بصلة لما يعتمده الموسيقيون , لا من قريب ولا من بعيد , وصاحب هذه الفكرة هو ( كمال أبو ديب) الذي حاول وضع النبر الشعري على التفاعيل ليخلق إيقاعاً , وكأنه اخترق علوم الموسيقى وأصاب الهدف , لكنه كان قد أخطأ الهدف أمام من بحث بحقيقة الإيقاع , وأمام من بحث بالأوزان العروضية الخليلية التي ستبقى نبراساً يضيء طريق كل شاعر رائد .
وإن أصحاب الحداثة , برعوا في وصف علاج المرضى بالوصفات الطبية , والتي طبقوها على مرض العصر الثافي وبرروا ضرورة استعمالها ليبلغ الشاعر هدفه في حرية القول بلا قيود عروضية ولا وزن إيقاعي , وقد صاغوا للجيل هذه الأفكار ظناً منهم بأنهم هم سادة وقادة عصر الثقافة المعاصرة وما هم كذلك ,
لقد حاول ( كمال أبو ديب أن يخترع أنوية للتفاعيل , لتكون بديلاً لتفاعيل الخليل بن أحمد , ومثل النواه بالحرفين ( فا ) وبنواة أخرى وهي الوتد المجموع ( علن ) وادعى أن كل تفاعيل الخليل ليس لها ضرورة , وأن ( فا + علن ) تمثل كل التفاعيل جملة وتفصيلا , وكانت هذه الطامة الكبرى على رأسه , حين قمت بتأليف كتابي ( النظرية الحديثة للنبر الشعري )1997م وقد أبطلت __ بشكل علمي وموسيقي _ كل ما ذكره في كتابه ( في البنية الإيقاعية للشعر العربي .
وإني لست متخوفاً من ( قصيدة النثر ) وغيرها , بقدر ما أخشاه من وصولهم إلى آيات الله ليصفوها غير ما وصفها الله سبحانه.
ولو قرأت آراءهم لوجدتها مملوؤة بالفلسفة الغامضة والأفكار العلمية والموسيقية المضللة والتي لا يفهمها جيلنا المثقف ولا يعيها إلا من كانت دراسته تتفوق على دراستهم وهم قلة ولا تجد من يدعم أفكار الشعراء والنقاد مادياً أو معنوياً ,لينتصر الحق على الباطل ,بل سينتصر الفيلسوف منهم على المؤرخ والمحافظ والتقليدي , والصامت والمتهاون ...بسلاح الماسونية الحاقدة واليهودية البغيضة وأصحاب الأفكار السلبية.
وختاما : لك دكتور محمد توفيق الصواف أغلى تحية وأحر سلام راجياً أن توافينا بما تبقى من مواد أدبية لنستفيد منك أيها الأخ الوفي والصديق الحميم ,
غالب الغول
|