عرض مشاركة واحدة
قديم 12 / 11 / 2017, 48 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
عمر الريسوني
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية عمر الريسوني
 




عمر الريسوني is on a distinguished road

معارج الهمم الوالهة في معرفة الله

معارج الهمم الوالهة في معرفة الله

حارت العقول في فهم مجد عظمة الله وتاهت الأفكار في لجي غوامض أسراره ، وهو المنزه بذاته عن رؤية كل رائي ومعرفة كل عارف وتوحيد كل موحد وعبادة كل عابد وجحود كل جاحد وجهل كل جاهل ووصف كل واصف فكلهم في نكرة النكرة معزولون من حقيقة معرفته وجعلهم بعيدين كل البعد عن إدراك حقائق نعوته وصفاته بالحواس، وقد امتنع الحق بصمديته عن وقوف العقول عليه ومن جلي حكمته أنه سبحانه كاشف الوالهين بقوله تعالى هو وكاشف الموحدين بقوله تعالى الله وكاشف العارفين بقوله تعالى أحد وكاشف العلماء بقوله تعالى الصمد وكاشف العقلاء بقوله تعالى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، ولقد عجز الواصفون عن الوصف فلم يصلوا إلى الموصوف فاحتجبوا بالغيب وانصرفوا حيارى عطاشا غير مدركين كنه هذه الحقائق العظيمة في هذا العرفان واعترفوا بالعجز عن الإدراك وإدراك الإدراك ولما عجزهم حقيقة هويته تجلى لهم بنعوت الجمال لطفا وترحما من لباس الأفعال فهاموا بحبه في بيداء أنوار جماله وجلاله وكماله، ولكي نستشف عمق هذه الحقائق التي ترتقيها هممنا حبا ومعرفة، فالله تعالى خلق مداركنا وهيئها بعلمه وحكمته لترتقي آفاقا معرفية كبرى، ومواهبنا تتقبل هذه الأنوار العرفانية بما رزق الواهب الحكيم، والحكمة الربانية تقتضي أن نعي بحزم وعزم هذا العرفان بعد طول تأمل وتدبر عن حب مغروس فينا بعناية فائقة، والمخلوق ليس له إلا أن يعرف خالقه الذي أكرمه ومن عليه من فضله وعطاءه، وأول ما يتبادر إلينا في باب هذا العرفان الأعظم أن الله تعالى بخلاف كل الأشياء المخلوقة ولا تخضع معرفته لأي تصور أو نظرية أو وهم أو خيال فليس الله يعرف بالأشياء ما دامت مخلوقة لذا كان التنزيه المحكم للخالق وتنزهه عن كل الأشياء المخلوقة وهو خالقها وموجدها ، وكل الأشياء المخلوقة تعرف به سبحانه وتعالى، فالعقول المدركة تعطي دوما تصورا عن نموذج محدود المعالم والمسطر لها بعناية ربانية حتى يرتقي الفهم وفق مدارج المعارج نحو تصور أكبر يفوق ما تمثله المخلوقية ففي قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) الآية، هذه الآية الكريمة تجعل فهمنا وتصورنا يرتقي لما هو أكبر في هذا العرفان الأعظم، حيث ترسم لنا معالما كبرى تتسع بآفاقها الحكيمة كقوله تعالى في محكم كتابه العزيز (لاتدركه الأبصار ) الآية، فالأبصار خلقت لترى وفق النموذج البشري المعد لها بعناية ورحمة ، والآية الكريمة لا تشير إلى الرؤية بل الإدراك وبتأمل حصيف فالمخلوق لا يمكن أن يدرك ما وراء أبعاد حدوده الإدراكية والحكمة المراد منها أن نفقه أن الخالق بخلاف المخلوق من الأشياء وأن الخالق سبحانه وتعالى أظهر من المخلوقين بوجوده وحضوره ومعيته ، وهو سبحانه ليس بحاجة أن يكون شيئا أو جسما حتى يكون مرئيا بالإبصار ، فمعرفته سبحانه بما ارتقى فهمنا وأحكمنا تصورنا ، فكم هي عظيمة هذه الحقائق ببساطتها وإنها لتتجلى روحا في القلوب التي نهلت وارتقت في عرش أنوار هذه الحقائق فتعيها كشفا الهمم المحبة الوالهة، لذا كان التنزيه والتوحيد مبني على نفي كل ما لا يوصل إليه فترتقي بذلك مداركنا لتصور أكبر يليق بما نزه الله به نفسه بما يستحق من جلال وجمال وكمال.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع عمر الريسوني
 
لو أن الله تعالى فوض أمر خلقه الى أحد
من عباده ومكنه وكان خيرا غنيا لأزال
العذاب عنهم وهذا الراحم أنا وأمثالي
وهو أرحم الراحمين
عمر الريسوني غير متصل   رد مع اقتباس