رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني
أخبرتني بموعد رحيلك كأنه ألقي في روعك ..وأعددت حقائب وصلك بالبعيد ،وإنقطاعك عني ، ورتبت ساعاتك المتنازلة حتى ساعة الصفر ، المعلقة بين عيني دموعا ، وألقيت الوصايا وأسهبت في عدالة التوزيع ، حتى أنا لم تترك لي مساحات غامضة ، أتردد فيها بين الشك ، واليقين بأنك أخبرت بذلك اليوم ، وجلست ترتقب ، ولم تخبرني ما الذي يمكنني في غيابك أن أفعله تلقاء ذاتي .. ما الذي أكذب به عليها ، أو أعتذر لها به عن مفاجأة رحيلك .. وعن طول غيابك ، الذي ستمضي في سبيله مكلومة ، مكبوتة مقتظة بك ، محبوس صوتي حدادا لإنقطاع صوتك ، من هلامية ذلك الفضاء الماكث في احتوائي ..وأنظر حولى فلا أكاد أرى سوى قبورا ناطقة باسم الحياة ، تغط في محاولات فاشلة لتصدق أنها فيما يدعى (حياة ) ، وقلم تعس يرجو السلوان ، في قلب ورقة بئيسة ستهترئ ذات يوم ، وكأنها لم تكن ، يظل بتعاسة نداءك يتقلب ، وذاكرة شابة ترتدي شفاف الثياب ، في شتى الإتجاهات تقفز ، تركض هنا ، وهناك تتلاعب برمال الحكايا ، تبني هاهنا ماض قريب ، وتهدم هناك ماض بعيد ، وتعيد بناءه ، تحطم لتبني ، وتبني لتحطم ، شابة تنزع إلى نزقها ، وحمق صباها ، ولا تعي ، بأي القلوب زرعها القدر ، وخلف السطور تجاعيد الذكريات كالجدة الرؤم تطل برأسها ترجف أجفانها تأسفا ، ولم تخبرني من أين آتي بالصبر ، ولم تنصب له أسواقا ، ولم نعرف بأي أرض نزرعه ، والأرض لازالت معي من فرط الفراق تبكي.
|