رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني
حدثتك مرات ، ومرات عديدة ، عن ذلك الرجل الذي أحبه ، وأطلقت صدقي في عنانك ، لأنني أعلم أنك سماء صافية ، شفوقة ، حانية البنان ، على أطرافها تتناثر أمنياتي ، تلملم أصابعي عقب الصمت ، وتسطع بنجوم الصبر تسليني ، كم كنت أفرد تلقائك ، جميع الصفات ، التي لم أتردد لمحة في الإفصاح عنها إليك ، ألم تعلم !؟ ألم أقل لك !؟ ألم تذكرك شدة التشابه بينكما بشئ !؟ قد ضربت عنه صفحا بعيدا ، لشدة حيائي أن أعترف أنه أنت ذلك كذلك ، بل أنت ذلك العزيز المتوج فوق عروش الكرامات تتربع ، وفوق عرش ذلك القلب الحزين ، المثخن بلوعة فراقك ، التي لم تجد سوى ذلك الركن المفتت لتتكأ فيه ، دائما كان أمري مرجوعا إلي ، كصدى الكلمات حين ترتد بلا فائدة ، فلا جواز لصمتنا الخروج عما ألف ، ولا يجوز في دستور قيمنا أن نتكلم ، كل ما هنالك من مسموح ، كان زاحفا ، حذرا ، دابا على بطنة ، يتحرك في حدود صرخة بكماء ، يتقطر عرقها من بين أهداب مطبقة ، ونرى الأيام تعدو .. لكم كنت ألمحك من طرف خفي ، وأسمع في صمتك كل الكلام ، وأقرأ ما لم تكتبه عيناك ، كانت خشيتك تحيط براءتي علما ، بكل ما كنت تخاف لأجلي ، وتحذر .. كنت أتحسس رفضك من قسمات وجهك ، وأركض في عينيك ، ألملم زهور محبتك ، وأضع بين يديك صمتي ، وضعفي ، وعنق أحلامي خاضعا لتآويلك .. والآن وقد مضيت بعيدا بعيدا ، كيف تضرب جسرا باعتراض طريقي !؟ وأراك في كل شيء عدا قامتك ، أرى ابتسامتك دون شفتيك ، وأسمع صوتك دون صوتك ، وأباشر تحركاتك هنا وهناك ، وأنت في سكونك تتمدد مطمئنا ، لكأنك مطبوعا في مقلتي ، أو أنك لم تترك منك سوى ظلك تعكسه الأشياء !!
كيف أهدهد ريحا تموج موجا ثائرا بأنحائي ؟تحمل العمر القديم ، فيركن إلى مرافئي شراع ماضينا ويرسو ، لكم كنت تغزل أصابع الحنان لي مهدا آمانا ، ولطالما أحرقت ابتسامتك بالصدر سهدا ، والآن تعبر في لحظ شرودي ، كالطيف يجول في تعاريج عمري وأزقة أحلامي ، يقص مصيرا صار بلا أنت ، يا لقسوة البرد في غربتي دونك ، وقد كنت المعطف الدافيء ، قبل صقيع الرحيل ، كما الشمس كنت ، في الشتاء حين ترحل .
|