عرض مشاركة واحدة
قديم 28 / 09 / 2008, 11 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
نزار ب. الزين
أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)

 الصورة الرمزية نزار ب. الزين
 





نزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to all

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريه

مملكة العجائب -قصة خيالية - نزار ب. الزين

مملكة العجائب


قصة خيالية


نزار ب. الزين*


*****



برج عالٍ يلفت نظري ...
أقترب منه ،
أقترب أكثر؛
أنا الآن بجوار البوابة الرئيسية ...
الحراس الأشداء لا يكتشفون وجودي ،
أتجرأ فأدخل بخطىً حذرة .
ألوف مؤلفة من المخلوقات تتحرك في كل إتجاه ...
أنفاق و دهاليز و شوارع عريضة أو ضيقة ، يتجه بعضها نحو الطبقات الدنيا في الأعماق و يتجه البعض الآخر نحو الطبقات العليا .
يزداد فضولي ، أحاول أن اسأل ، لا أحد يستجيب لتساؤلاتي ، لا أحد ينتبه إلى وجودي ، يصيبني الإرتباك ، تعتريني الدهشة ، و لكنني أتماسك و أبدأ بتركيز إنتباهي !..
*****
أتوجه بداية نحو الطبقات العليا
طبقة لثكنات الجند ،
تليها عدة طبقات يبدو أنها مزارع لتربية الفطر و أخرى لتربية الحشرات الداجنة ، حشرات عمياء تقوم المخلوقات إياها بتوجيهها نحو الغذاء أو تغذي بعضها فما لفم ، و تتناوب مخلوقات أخرى على حمايتها ، كما تقوم مجموعة ثالثة باستحلابها في إصطبلات تقع على الأطراف !
أعلى طابق بان لي – بداية - فارغا بلا هدف ، و لكن ما أن تنبهت إلى وجود فتحات صغيرة في سقفه و أخرى محفورة في جدارنه حتى أدركت أن هذا الطابق إن هو إلا رئة البرج ؛ فهو مخصص للتهوية ، حيث تتصل فتحات الجدران بأنفاق ضيقة تحيط ببناء المملكة كله من الداخل ، بينما تسمح فتحات السقف بدخول الأكسيجين و خروج الكربون المؤكسد ! ...
*****
عدت أدراجي باتجاه الأسفل...
ألوف من العاملات يخرجن في طابور منتظم خاليات الوفاض من البوابة الرئيسية ، و ألوف أخرى منهن يدخلن حاملات للمؤن و مستلزمات العيش المختلفة ، تتوجه كل مجموعة منهن نحو إحدى حجرات الطبقات السفلى لتخزينها و رصها هناك .
و في الطبقة السابعة تحت الأرض ، يلفت نظري كثرة الحرس بجوار أحد المداخل ؛ أتسلل إلى داخل الحجرة ...
يا لعجيب ما أرى !
إنها أنثى عملاقة ...لها نفس شكل مخلوقات المملكة الأخرى ، و لكن بطنها منتفخ كفقاعة ضخمة ، تحيط بها عاملات من كل صوب ، و كأنهن واقفات بانتظار حدث ما ..
فجأة تدب الحركة بينهن ...
فقد لفظت جلالتها كرة جديدة بيضاء ، ثم ما لبثت إثنتان من العاملات أن تعاونتا على حملها و الخروج بها من القاعة الملكية ...
تبعتهما ، فقادتاني – دون أن تشعرا – إلى حجرة رطبة مظلمة ، ما لبثت أن اكتشفت فيها عشرات من الكرات المماثلة ، و قد انتشرت بينها بعض العاملات بَدَوْنَ منهمكات بتقليبها أو تنظيفها .
هبطت طبقة أخرى ، و سرعانما تبين لي أنها مخصصة لتنشئة الصغار و العناية بهم .
*****
و على حين غرة ، يدب نشاط غير عادي ، تُهرع العاملات إلى إغلاق أبواب الحجرات كلها ، حجرات التخزين و حجرات الإباضة و حجرات التنشئة ، ثم يتوجهن إلى أعلى ..

<< لا بد أن أمرا ما بالغ الأهمية قد حدث >> قلت ذلك في سري ، ثم تبعت خطاهن .....

و قرب البوابة الرئيسية ، بدا لي ما يشبه الإستنفار ...

الجنود – إناثا و ذكورا – هبطوا من ثكناتهم ..

ثم ما لبثوا جميعا أن إندفعوا خارج البرج في صفوف متراصة ..



*****

خرجت أستطلع الأمر ...

يا للكارثة ...المملكة تتعرض للغزو ..العدو من ذوي الأطراف الثمانية ..

بدا هائل الحجم كجبل متحرك ، ينفث سمومه في كل اتجاه ؛ يتجندل الجند ، يشلهم السم ، ثم يمتد لسانه فيلتهمهم ...

يهاجمه ألوف الجند بشجاعة نادرة و إصرار ، غير هيابين أو آبهين لمئات الإصابات ، تدب بي الحميّة فأجد نفسي مشاركا في الهجوم غير هياب ؛ يفلح البعض بتسلق أطراف العدو ، يبلغ البعض صدره ، يتوجه البعض نحو رأسه ، يبدأ الجميع بلثغه في كل موضع من جسده ، نافثين في جسده الضخم سمومهم ، قليلة الكم هي و لكنها فعالة...!
قاذفات من طراز دبور 16 و قاذفات أخرى من طراز الخفاش الشبح ، و حوامات من طراز النحلة أباتشي ، تلقي على الحشود آلاف القنابل الكيماوية من كل الأوزان ، يصاب الكثيرون من جند المملكة بالشلل ؛ إلا أن الآخرين لا يأبهون و يستمرون بالقتال ...أفواجا وراء أفواج ..
ألوف أخرى من الجيل الأصغر سِنا ، تخرج الآن من البوابات السرية للبرج ، تتجه فورا نحو أرض المعركة ، و ألوف تخرج من فتحات التهوية العليا ، تفرد أجنحتها ، و تطير باتجاه القاذفات و الحوامات.. لتصطدم معها في معركة جوية شرسة .
تدمر طائرات العدو بعضهم ، و لكنهم يستمرون مندفعين باتجاهها بلا تردد أو وجل ؛ يقذفون الطائرات بكيماويات تندفع من بطونهم ،أو يتعمدون الإصطدام بها بأجساهم ،..فتسقط بعضها مهشمة ، و يفر بعضها الآخر .
أما العدو العملاق ذو الأطراف الثمانية فقد بدأ يضعف ثم أخذ يتهاوى ! ..
<< الكثرة تغلب القوة >> همست لذاتي مفتوناً بنشوة النصر !
يفقد العدو أربعة من أطرافه الثمانية ، و يبدأ بعض الجنود الأشاوس بالتهام رأسه ؛ أما انا ، فبدأت بالتهام طرفه الخامس ...!
*****
أخ ..
أسمع صياحا مألوفا ..
أفتح عيني ...
أجد أسناني و قد أمسكت بيد زوجتي ، و هي تصرخ مستغيثة !
أضحك ... و أضحك . .. و أضحك ......
تنظر إليَّ زوجتي مستغربة : << مزاحك ثقيل حتى و أنت نائم !! >> تقول لي ذلك مستاءة ، فأجيبها و أنا لا أزال أضحك : << أنا لم أكن أمزح يا عزيزتي .. أنا إنما كنت في زيارة لمملكة العجائب ، أجل لقد كنت نملة ، يا حياتي ، تصوري زوجك نملة ؟؟ ! >>
تلقي نظرة فوق خزانة الأدراج التي تجاورني ، تلمح عنوان الكتاب الذي كنت أقرأه قبل نومي ، فتنخرط بدورها في الضحك ..
كان عنوان الكتاب : << مملكة النمل أم مملكة العجائب ؟ ! >>



-----------------------------------
* نزار بهاء الدين الزينسوري مغتربعضوإتحاد كتاب الأنترنيت العربعضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العربArabWataالموقعwww.FreeArabi.com

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نزار ب. الزين غير متصل   رد مع اقتباس