عرض مشاركة واحدة
قديم 20 / 01 / 2018, 44 : 09 AM   رقم المشاركة : [1]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

Lightbulb مشرط الجرّاح ورحلة الموت المؤقت / هدى الخطيب

في الصباح رأيتني على ناقلة تجرها الممرضة الكيبيكية الفرنسية الشقراء، لا يسترني سوى ذلك الرداء الأزرق الخفيف ، صاعدة بي إلى طابق العمليات .. سَرَت في جسدي قشعريرة ..
في ممر طويل شديد البرودة اختلط عليّ الأمر حتى ظننتني في ثلاجة الموتى.. كل الوجوة التي مرّت بي وأنا ما زلت أُسْحَبْ ، بدت لي شديدة الشحوب وكأنها وجوه موتى أو أشباح أجسادهم .. بل هي كذلك..!
كدتُ أسألني أو سألتني : " لماذا نقلوكِ يا أنا وقلبك لم يزل ينبض إلى ثلاجة الموتى ؟!
ناقلات على طول الممر ، فوقها أجساد شمعية شاحبة بلا ظل تنتظر التشريح .. أنا أيضاً سيقومون بتشريح جسدي – قلتُ لي – كان جسدي مستسلماً وعقلي يعمل كما يعمل عقل فأر صغير وقع في مصيدة!..
أوقفتْ الممرضة الناقلة إلى جانب الجدار وتناولت الملف المرفق بعربتي .. سألتها بالفرنسية قبل أن تبتعد قليلاً لتُدخِل الملف:
هل أستطيع الهرب؟
ابتسمت بخبث أشباح الثلج وأجابتني بعربية مصرية : " كان غيرك أشطر " ..!
على الناقلة المحاذية ، التفت إلى أقرب الأموات مني وسألتها: " أين نحن؟ "
كان شبح العجوز جامداً .. خرج طقم أسنانها من بين شفتيها واقترب مني موشوشاً :
" في براد المسلخ البشري.. قليلاً ويدخلونك إلى الجزار ليقطِّع أوصالك ويقيمون حفل زار على شرايين الدم فوق جسدك !.. صرخت .. لكن صوتي ضاع في صمتي ؛ وعواء أحد الموتى على الطرف الآخر يصمّ آذان الأحياء والأموات..!
جاء ممرض وقذف بي إلى داخل أحد الأبواب بعربتي لتقف وسط مجموعة من الأشباح المخمرة بالأبيض يدورون حولي في رقصة زار وهم ينقلوني إلى طاولة التشريح بينما خلف سياج النافذة فوق كومة من الثلج يقف هرٌ كبير أعور أو نمر مسخ ..!
أحضر أحد الأشباح حقنة كبيرة وبدأ يغرسها في قلبي – قلت انتظر – أريد أن أزور حيفا قبل أن أغادر هذا العالم – قال - سيزورها هذا الهر بدلاً عنك فأنت لا تجيدين اللغة العبرية .. انقضى الأمر.. استسلمي..!
لحظات وشقّ بطني وبدأ يقطّع في احشائي ويرميها إلى النافذة للهر الذي كان يبتلعها واحدة تلو الأخرى .. ثم عاد إلى ما تبقى من أشلائي وأخذ يخيطها داخل قفص عظامي بعناية ؛ والهر المسخ يموء معترضاً يطلب المزيد مدعياً أن كل لحمي حقه الأزلي..!
توقف قلبي فأسعفوه .. أدخلوني العناية الفائقة أربعة أيام تجلدني المحاليل والأجهزة التي نصبت لي محكمة بعدما وجدوا الهر ميتاً وقد تسمم بلحمي ..!
وقفت رئتاي محاميَ دفاع وأخبرتهم في مرافعتها أن الذنب ليس ذنبي بل ذنب الهر القتيل وذنب من أعطاه لحمي ليأكله؛ فلحمي عربي مر ودمي علقم..
بعد أربعة أيام حكمت أجهزة العناية المشددة ببراءتي من التهم المنسوبة إليّ وفك أسري فأعادوني إلى إحدى غرف المستشفى لتعود لي الحياة قبل أن يطمروا جيفة الهر المسخ في مزبلة التاريخ والجغرافيا.. صفقت عهد التميمي من محبسها وابتسمت ..
أنا مجدداً على قيد الحياة وغداً.. ربما غداً أرى حيفا وأصلي صلاة الشكر في المسجد الأقصى....

مونتريال 19 / 1 / 2018


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس