رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني
تضيق بي ، وآتي إليك !! تغلق الحلق وتستحكم ، وآتي إليك !! وأعلم أنه لا يد لك تسمح بمصافحتي ، لكنه القلب كذلك يفعل ، وذلك العرفان ، عرفان الفنن للشجرة ، رغم الفناء ، فمنك أنا ، وإليك انتمائي ..
وأشكو إليك رياح الطريق
وغيم الخريف وصد الندى ،
لكم شبت في عروقي الحريق ،
وفي الصمت لا يرتد الصدى،
وهيهات مات الحبيب الصديق ،
فمن ذا سيسمع رجع الندا .
أنا يا أبت لا أبك الدنيا ، ولا ما فاتني فيها بل أبك الإنسان المزمن ، استخلفه الزمان على الأمكنة فما كان أهلا لها إلا قليلا ..
إنها تجاربنا وليس سوانا مقيد فيها ، محاكم بها ، تقصي من بريء مشاعرنا ، وتدنينا مما لا نبغي ، بأيدينا نحن وليس بأيديها .
أخبرته عن رجائي ، قلت له مادمت خلفك فأنا عمياء ، مكفوفة مسحوبة ، فلا تلفتني عن سواء السبيل ،عن سواء الإقامة وحتى الرحيل ، لا تقصي عنك إنسانيتك ، إلى مكان بعيد ، لكنه يا أبت استحب طبائع الوحوش !! فاستحالت مدينتنا الباسمة ، مدينة الحب والنقاء ، مدينة أخوتنا ، إلى بريتهم الظلماء !! إنهم يجدون لأنفسم مخدعا وثيرا .. يلقون عليه بضمائرهم ، لتكون أكثر راحة ، وأعمق نوما في نفوسهم ، وكيف لهم !! أعجب وحدي ! ولطالما تعجبنا سويا !! ولست أبك اليوم يا أبت .. كما أبكتني توافههم طويلا !! لكم استعظمت ممن أحببتهم كذاتي نواقصهم ، وليس لحجمها بل لعظم قيمتهم في نفسي !! لكن المطر الذي تمسكه السماء حين يشتد الغضب ، تجنيه قواحلهم جدبا وحسرة !! ما عادوا في مراعي ذلك القلب يلهون ، ما عادوا يركضون في مدائن شراييني ، ولا في خضم محبتي يسبحون ، وما بكي القلب إلا لفيض به .. من الحب والمودة ، ما لم يخفى عن العميان ، فما بالهم إذا اختفى !! فهل من حب يحتوي معايبهم بقدر ما احتوى ميزاتهم ، فلتجهد أقدامهم بحثا عن ومضة صدق في نفوس ذويهم ، كما كانت تسطع لهم فينا ، ولتبحث أكثر ، ولتبحث .. أتحدى !! والرهان عمري ، والبرهان رجل قد أوكله الزمان بنا ينام الآن في صدري .
|