أنين النفس
تتشابك الحوارات في ذهني...شفاهي مطبقة ولساني عاجز عن الكلام...في قلبي ألف حكاية وألف تساؤل...رأسي يكاد ينفجر من الضغط والتفكير...أريد الهروب من كل شيء...من الواقع والبشر والمسؤوليات والظروف...
لا أجد متنفسا لي بين الأصدقاء والخلان...الخوف والرهبة تسكناني،ولا أجد نفعا من هذه الحياة الكئيبة...فكلما بنيت قصورا وقلاعا في أحلامي إلا وأستفيق على وقع موجة هدت معالم ما شيدته في رمشة عين،فتبللني مياه البحر وتقذفني رياح اليأس بعيدا...أفتح عيني مجددا لأجدني ما زلت في مكاني وأن الزمان لم يتغير قيد أنملة...أحاول النهوض مسترجعا قواي...لكن بلا أمل...آنذاك يئست من عالمي ومن تحركه نحو الأفضل، فعرفت أنه يعاندني في كل شيء...فأفكر في شباك الموت التي لم تصطدني بعد لأرتاح...وفي ذاك الزائر الذي لا أعرف متى يزورني...!!!
عقارب الساعة تئن بقربي...وكل رنة منها تنقص من عمري...
عمري...ماذا جنيت منه؟؟أفكار تحاصرني...ففي صغري كنت أرى المستقبل مفروشا بالزهور...وكنت أتوق لأصبح رجلا مثل أبي وجدي...وعندما كبرت لف الغبار أنفاسي وعلا دخان كثيف سمائي، وعشت واقعا مريرا مليئا بالأسى والدموع...وتأرجحت مشاعري في أرجوحة الحياة...فتارة تنآى وأخرى تدنو...فاشتهيت أن أغادرها بسلام ما دام شجني دائم الشباب لا يشيخ.
سمعت كثيرا أن لطعم الحياة لذة...هل حقا هذا؟؟أنا لم أتذوقه قط.
رنا إلى مسمعي أن الحياة جميلة...والكل يرفع شعارات لها ...إلا أنا!!لا أعرف لها وصفا أو شعارا...تبدلت مفاهيمي كليا مع الوقت...فهل أنا أكبر متشائم أم أن لي أنصار؟؟
يا ألم...ألم تكتف؟؟مزقت شراييني..وأقبرت أحلامي...ودمرت كل بناياتي..وحطمت كل جسر حاولت مده...ومع ذلك لم تشبع، تلذذت بمعاناتي وببكائي...واستبحت غرس سكاكين الخيبة في أحشائي...فرفقا بأشلائي التي ماتت وهي على قيد الحياة...وترحم بهيكل نخر الحزن فيه وسكنه،وعشش في حنايا قلبه.
ينقبض صدري مجددا...وأنا تائه لا أعرف كنه هذه العيشة...أستلقي على سريري محاولا النوم دون جدوى...أتقلب يمنة ويسرة مناجيا غفوة تتسلل إلى قلبي قبل عيني، فتجافيني وأسرع إلى نافذتي...أرفع عيني للسماء مناشدا ضوء القمر:أما آن الأوان لترسم بسمة على شفتي يا قمري؟؟أناجيك فلا تخذلني فأنت الشاهد اليومي على تقلباتي.ألا تعين صديق ورفيق مسارك كل ليلة؟؟
يا نجوم أعينوني، خذوا بيدي للنجاة...وأنيروا لي الطريق إن غاب القمر...
هناك بعيدا ألمح نبراسا خافتا، أراقب بريقه من حين لآخر وكأنه يناديني...
ضائع أنا لا أعرف مرسى لأفكاري...ولا مرفأ يتسع لما في صدري من شجو وألم...
نفسي يا ملكتي ويا معذبتي...ألن تستكيني في سلام؟؟؟
الآن...سأعاندك أنا أيضا كما عاندتني مرارا...سأعلن التمرد والعصيان وسأناضل، فكما يقال:"في قمة اليأس يولد الأمل"سأثابر من أجل البقاء...ولن أستسلم وسأعمل على بناء ميناء يتسع لما يحويه رأسي من جدال وأفكار.
آمل أن أتفوق في تشييد هذا الصرح وأن أتقنه حتى لا يتصدع من جديد وسأتحصن بجرعات الأمل ...فربما يكون النجاح حليفي هذه المرة.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|