[frame="13 95"][align=justify]
أخي الغالي رشيد الميموني
أجمل تحية وسلام
لقد أصبت بيت القصيد.. عندما وضعت مهمة التربية وجعلتها من أساسيات مهنة التعليم..
على سبيل المثال فإن اسم الوزارة التي تشرف على مهمة التعليم في سوريا قد تغير عدة مرات فمن وزارة المعارف في البداية الى وزارة التربية والتعليم الى أن استقر الأسم أخيرا ومنذ عقود تحت أسم وزارة التربية فقط.. فإن دل هذا على شئ فإنما يدل على أن أحدى مهام عملية التربية هي مهمة التعليم.
نعم فالمعلم صاحب رسالة عظيمة ومقدسة من أشرف الرسالات، فهي مهنة اختص بها الرسل عليهم الصلاة والسلام .
المعلم يتحمل أمانة عظيمة وجليلة فهو صانع الحضارات وناقل للثقافات ومشارك فعال في إعداد رجال المستقبل .
وقدوة المعلم في التعليم المعلم الأول رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد كان يجيب على كل سائل بحسب دوافعه وحاجاته وميوله وقدراته وإمكاناته وسعة فهمه ومنزلته .
فالإخلاص والتقوى عاملان ضروريان لنجاح المعلم في أداء رسالته، فأساس النجاح في العمل التربوي تقوى الله، فما خرج من القلب وصل إلى القلب، وما خرج من اللسان لم يتجاوز الآذان.
وقال الإمام النووي: ((ويجب على المعلم أن يقصد بتعليمه وجه الله، وألا يجعله وسيلة إلى غرض دنيوي، فيستحضر المعلم في ذهنه كون التعليم آكد العبادات ليكون ذلك حاثاً له على تصحيح النية ومحرضاً له على صيانته من مكدراته ومن مكروهاته مخافة فوات هذا الفضل العظيم والخير الجسيم)).
إن مهنة التعليم ليست كسائر المهن والوظائف تنتهي بمجرد انتهاء دوام تلك المؤسسة أو الدائرة أو الوزارة، وإنما يمتد عمل المعلم خارج المدرسة، فالمعلم محط أنظار الجميع في سلوكه وتصرفاته وتجدك أحياناً تكون محرجاً أن تقول: إني معلم إذا كنت في موقف ما، فمثلاً إذا ارتكبت مخالفة ما!! وقلت أنا معلم فإن المجتمع سوف يستكبر ذلك منك لأنك أنت المربي والموجه والمرشد فكل من المهندس والطبيب والجندي وغيرهم قد قابلوا معلمين أثناء دراستهم فالمعلم قدوتهم ومثلهم الأعلى في جميع تصرفاتهم وأفعالهم .
وما أجمل أن يكسب المعلم طالباً من طلابه يحمل أفكاره وعلمه ويعرف قدره ومكانته .
ويوصيك بذلك ابن جماعة فيقول: ((واعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه، وأقرب أهله إليه ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الاجتهاد، لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم، ومن بعدهم، ولو لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى فإنه لا يصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به، إلا كان له نصيب من الأجر)).
إن المعلمين يخدمون البشرية جمعاء ويتركون بصماتهم واضحة على حياة المجتمعات التي يعملون فيها كما أن تأثيرهم على الأفراد ومستقبلهم يستمر مع هؤلاء الأفراد لسنوات قد تمتد معهم ما امتد بهم العمر .
إنهم يتدخلون في تشكيل حياة كل فرد مر من باب المدرسة ويشكلون شخصيات رجال المجتمع من سياسيين وعسكريين ومفكرين وعاملين في مجالات الحياة المختلفة.
أبَعْدَ هذا مكانة أعلى وأنبل من هذه المكانة التي يحتلها المعلم في مجتمعه، حتى حين يموت الإنسان ويفضي إلى ما قدم ينقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة جارية أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه من بعد موته)).
وماذا نقول بعد قول رسولنا الكريم صلوات الله عليه وآله وسلم.
فهنيئا لك أشرف مهنة وأعظم رسالة
والله من وراء القصد
[/align][/frame]