عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 05 / 2018, 44 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

وفاء...الأمومة المغتصبة

بخطى واثقة يشق طريقه نحو أعلى الجبل...وهي تتبعه بخطى مضطربة متثاقلة أحيانا ومتعبة أحيانا أخرى بفعل حملها...تحت ظلال أشجار التين المتراصة تتوقف للاستراح قليلا...ثم تكمل سيرها وعالم من التساؤلات يراودها...
وصلا أخيرا...ترحيب كالعادة بالإبن وزوجته...كؤوس الشاي مصحوبة بقطع من الحلوى توزع على الحاضرين...لكن المسكينة لم تقو على الجلوس طويلا فأخلدت للنوم...
استيقظت صباحا لتجد الجو قد أعلن تجهمه وكأنه يشاطرها حزنها الدفين وقلقها الدائم...تقاطرت زخات المطر بشدة...زمجرت الرياح...ارتفع هزيم الرعد...مما زاد من فجوة خوفها...تطمئن نفسها بكلمات متلعثمة علها تبعد عنها وساوسها: هذه سمات فصل الشتاء...يا نفس لا تقلقي..
كل يوم...تجلس بالقرب من نافذة غرفتها المطلة على مروج القرية القاحلة والعطشى لهطول سيل المطر ...تراقب تراقص عباب الغيث يمينا ويسارا بفعل الرياح...تدمع عيناها للمشهد...ينمو قلقها وهي تحدث نفسها: يصعب العودة للمدينة في مثل هذه الأجواء...
كل يوم تهرع لرصد تمرد الجو...وكل مرة تجده أكثر عصيانا من قبل...فبدات جرعات الأمل تضمحل في مخيلتها وتسود القرية في عينيها الدامعتين...فلا أمل في تبسم الجو...وزاد من امتعاضها انكسار الجسر المؤدي للمدينة بسبب الأمطار الغزيرة... فأصبحت القرية في عزلة تامة.
استسلمت الزوجة للقدر وأيقنت ان مولودتها سترى النور قريبا هنا بالقرية فلا مناص من ذلك...ستلد بكريتها بعيدة عن والدتها...بلا رعاية طبية كافية لافتقار القرية لمستوصف...وبلا جرعة حقنة مهدئة لآلام الوضع..
كل صباح تسأل عن الجسر واصلاحه..لكن الجواب يكون دائما منافيا لرغبتها...كل هذه الأحداث زادت من انفجار كومة غضبها وقلقها...وتسببت في ولادة قبل الأوان.
ففي ليلة ماطرة هوجاء..أحست بألم الولادة..كابدت المسكينة آلامها التي أثخنت جسدها الغض...وأنهكت قواها ...وأتلفت جميع ملامحها...
وبعد معاناة...رزقت بطفلة جميلة أنستها كل آلامها واختارت لها من الأسماء وفاء...
بعد أيام...تماثل جسم الأم للشفاء وأصلح الجسر أخيرا.... فعاد الزوجان رفقة ضيفتهما الجديدة لمنزلهما...وكانت أولى خطوات الأم صوب مستشفى الأطفال لتطعيم الطفلة والاطمئنان على صحة ابنتها...ذهلت الممرضة من وزن وفاء ...فأكدت للأم أن مولودتها ولدت قبل الأوان بأسابيع مما قد يسبب لها مشاكل صحية ...ارتخت دمعة على وجنة الأم... وأبت الرضيعة إلا أن تزيد من تدفق عبرات الأم بمرضها المفاجئ... فاختطفت الرضيعة من بين أيدي أم طال انتظارها لصغيرتها...غادرت وفاء عالمنا بعدما ألفت الأم ضمها عند كل رضعة وعند بكاءها كل ليلة...رحلت وفاء بعدما رسمت الأم أحلاما وردية لم تكتمل...غابت وفاء مخلفة شرخا عميقا في القلب وكسرا غائرا في النفس ووجعا لم تمحه الأيام...وتفنن القدر في سحب سجادة الأمومة من تحت أقدام الأم ليسقطها في بئر الاكتئاب مجردة من أجمل الألقاب مكسورة القلب والفؤاد ...وبذلك أجهض حلم أمومتها في مهده.

❤❤لطيفة الميموني❤❤

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس