الموضوع: درس من ابنتي....
عرض مشاركة واحدة
قديم 11 / 10 / 2018, 01 : 05 PM   رقم المشاركة : [1]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

درس من ابنتي....

كم كنت أفخر بطفولتي وأنا أحكي لأبنائي فصولا منها كلما صادفنا موقف أثار حنيني للماضي،فأبدأ بوصف التفاصيل بدقة متناهية وأنا أسترجع ذكريات طفولتي الجميلة بتحسر...وكنت كلما بدأت كلامي أتفنن في اختيار الكلمات التي مهما جاهدت لانتقائها إلا وأجدها غير كافية للتعبير عما يخالجني نحو تلك النوستالجيا الرائعة،فأكتفي بتعابير تعلو محياي وأنا أردد:إييييه...ياحسرة على تلك الأيام..!!!كم كانت رائعة..!!
كانت هذه عباراتي المألوفة ككل واحد أخذه الحنين لتلك الفترة العمرية.
مرة وانا أهم بسرد ما حوته ذاكرتي الطفولية...تنهدت كثيرا ثم بدأت أحكي لهما..نسجت لهما خيوط ذكرياتي كعقد لؤلؤي الأحجار...حياة بسيطة مليئة بالفرح والسعادة والرضا....ألعابنا بسيطة تُدخل السرور إلى قلوبنا الصغيرة...ألعاب اندثرت بسبب غزو الألعاب الإلكترونية التي استهوت عقليهما...كنا جيلا ذهبيا بمعنى الكلمة نصنع المتعة بأنفسنا لأنفسنا...حقا كانت فترة رائعة من عمرنا.
فجأة...تعالى صوت الصغيرة ذات الست سنوات قائلة:''أمي...قولي كعادتك آه...ياحسرة على أيام زمان.''أتمت كلماتها وملامح مبهمة تغزو وجهها الجميل:مزيج من الغضب مع محاولة لإخفائه.
تأملت وجه ابنتي قليلا...وفهمت من تعابيرها أنها بكلامي الدائم عن زمان وأيامه الجميلة تُحمِّل نفسها مسؤولية ذلك..وأنها هي من أفسدت متعتي الطفولية بتواجدها في حياتي..وكأنها وأدت بسمتي وفرحتي وطفولتي...فقبل وجودها كانت حياتي كلها سعادة ،أما الآن فلم يعد للأيام مذاق أو نكهة..هكذا عبرت عن إحساسها بتذكيري بمقولتي الشهيرة التي طالما رددتها...
اغرورقت عيناي دمعا وأنا أحضنها ،وجدت نفسي محاصرة....موقف لا أحسد عليه...
كيف أمتص غضبها وأقنعها بنقيض ما تتوهمه؟؟
كيف أكون حكيمة معها دون مس أحاسيسها المرهفة؟؟
وكيف أتجنب خدشا كهذا مستقبلا؟؟
دون كلل بحثت عن حل لاستفسارات عينيها النجلاوين ولكلامها البريء وشعورها الطفولي.
بصعوبة..تمكنت من إقناعها بأنها بسمة دنياي... وأجمل ما أملك...وأن تواجدها منحني أجمل الألقاب..وأن لكل زمان نكهته الخاصة.
بعد هذا الفصل المحرج من حياتي...فكرت كثيرا في كلامها،وكم وجدت لدرسها معنى دون أن تقصده..فكثيرا ما نجرح صغارنا بكلام قد يجدون له تفسيرا مغايرا لما نود إيصاله لهم...وتبادرت لذهني أسئلة جمة جعلتني أحتار حقا..
فهل ياترى كان ماضينا أحسن من حاضرنا؟؟
ولماذا نتحسر عليه دائما؟؟؟
وإن خُيِّرت بين الحاضر والماضي ...هل باستطاعتي العودة للعيش بين أحضان ماضٍ نقي مقابل التفريط فيما اكتسبته من حاضري..؟؟
أسئلة كثيرة جعلتني أستعيد وعيي وأقسم ألا أعيد تلك الجملة مجددا على مسامعها....
منذ ذلك اليوم أيقنت أنني لا أفقه شيئا عن سيكولوجية الطفل وفن التعامل معه... وأن من أبجديات الحياة ،تعلم هذه الأدبيات التي غابت عنا..كل هذا كان كفيلا بتلقين ابنتي لي درسا لن أنساه ما حييت.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس