عرض مشاركة واحدة
قديم 07 / 10 / 2008, 07 : 03 AM   رقم المشاركة : [1]
عماد رجب
ضيف
 


حين يكون الالم سيد الموقف

عماد رجب
قالت هل لك ان تحدثني عن السعادة التي ارها مرسومه علي وجنتيك وفي ابتسامتك , هل لي ان اعرف ما الذى يجعلك تشعر بالسعادة وتقدر علي الضحك من قلبك , حتى تدمع عيناك من فرط الضحك , في ظل كل تلك الظروف المهينة لكرامة الانسان ومعني الانسانية.

في الحقيقة لم يكن ذلك السؤال مفاجاة لي , بل كنت انتظره من فترة طويلة ,وكنت اتعجب من ان احدا منهم لم يسألنى عن تلك الضحكة, فضحكتي المميزة , والتي ربما تحدي بها بعض من اعرفهم الحزاني والموجوعين , واكدوا لهم ان ابتسامتي قادره علي اخراجهم من ميلودارماهم, وكنت دوما لا اخذلهم , برغم اننى لم اتعود مطلقا علي تدخين اى انواع المخدرات الا انها كما يقول اصحابي "دماغ طبيعي" , ولم اكن يوما شخصية هزليه وانما مظهري يختلف كليا عن انفعالات سعادتى المكذوبة , التى لم يشعر بعدم اكتمالها الا واحد فقط , هو الذى كان يعى جيدا , كم الهم والغم الذى تخفيه اضلاعي.

الا ان ما لم يلاحظة الا ذلك الشخص ايضا , تلك الجمل التي ارددها هنا او هناك وتدل علي مرارة العجز والشعور بالقهر ,فكنت الجأ كما كان يلجا المتنبي ,للمعاريض, فهي مندوحة عن الكذب, اي قريبة منه لكنها ليست كذبا , وفيها اوجه رسائلي عبر تلغرافي الساخر الي من كان له قلب او القي السمع فتفكر.

و الابتسامات المرسومة هي سمت معظم كتاب الادب الساخر , فهم اكثر الناس شعورا بالمشاكل ,وقد تجمع بعض كلمات الساخرين معاني متناقضة في مكان واحد , فتجعلك تريد الضحك علي الكلمات , تريد البكاء علي المعاني , وفي رأيي ان الاديب الساخر هو اكثر الناس حساسية ,’ لانه لا يعبر مهما عبر , فما يشعر به اكثر بكثير مما قد تصفه حروفة , فالاديب الساخر مخزن من المشاعر , وبركان من الاحاسيس , لذا تجدون حالات متكررة لادباء ساخرين ماتوا وقد هدهم الحزن

امثال نجيب سرور ذلك الشاعر المبدع وصلاح جاهين الفيلسوف العاشق , وسيد حجاب مسحراتي القرن العشرين صاحب ارق كلمات الغناء الصوفية

لذا يخطىء من يري ان الاديب الساخر يعيش سعادة, لكنني اجزم انه يمتلك قلبا لا يضاهيه قلب انسان في رقته وعذوبته واحساسة بالاخر , وبلادنا تحتاج الي امثال هذه العينات من البشر , التي تعطي اكثر مما تاخذ , وعندما تعطي لا تفكر متي ستأخذ, فالعطاء عندها غالية , والحب لقلبها دواء.

وكلما كان الانسان حساسا كان بعيدا عن السعادة لان الرضي سبب من اسباب السعادة والرضا لا يتأتي الا لشخصين
الاول رجل قلبه معلق بربه , لا يضره ما هو كائن فالله تعالي حسبه , والثاني رجل تبلد ولم يعد هناك فارق ما بين حتي ولو " فالامور كلها سواسية "
واجمل تلك القلوب قلب جمع مع بين حب الله ونفس ساخرة , تحاول ايجاد حلول عبر متناقضات الضحك والبكاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتب وشاعر مصري

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس