الموضوع: وعد الصغار...
عرض مشاركة واحدة
قديم 12 / 01 / 2019, 07 : 04 PM   رقم المشاركة : [1]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

وعد الصغار...

وعد الصغار..

فوق ربى أرض الأجداد يلهون...متشابكو الأيدي يحلقون...ويرددون أناشيد الطفولة...يركضون فوق التلال...ووراء الأشجار يختبئون...أطفال جمعهم حب اللعب وقضاء لحظات متعة مع بعض...
عند المساء...يتسلق الشباب أشجار الفواكه التي تصادف طريق عودتهم...يأكلون ما طاب لهم من ثمارها...
تسلق حسام شجرة التين الضخمة... قطف أينع ثمرة...وأهداها لمحبوبته وبنت خاله ليلى ...يمدها لها قائلا: أفضل فاكهة هذه الشجرة أضعها بين شفتيك...تتورد وجنتاها خجلا.. تستطعم الحبة وعيون الأخريات تراقب حبهما الطفولي.. ويتمنين لو كنا مكانها.
بعيد الغروب...يطرق الأطفال الصغار بيت الجد الذي ضمهم جميعا في هذا الصيف الحار.. تبادر هند بالشكوى: جدي ...حسام لم يعطني ولا ثمرة تين...كل ما جناه أهداه لليلى.
يعاتب الجد حسام مازحا: ألا تخجل من صنيعك يا فتى..؟؟ هند بنت خالتك وزوجتك المستقبلية.
كلمات سمعها حسام مرارا من أفواه الكثيرين...يلتفت لليلى التي أدارت بوجهها بعيدا... خيط رفيع من الأسى جرح حنجرتها... وعينا المسكين تتناوبان التحديق إلى البنتين.
يضم الجد حفيدته الصغيرة إليه، وتنطلق ليلى خارجا إلى حديقة البيت...يلحق بها حسام لتهدئة روعها.. برنة أسى عميقة وغصة في الحلق يحاول أن يهدهد غضبها..ويؤكد لها أنها الوحيدة التي تتربع على عرش قلبه...طوقها بذراعيه الفتيتين وهمس في أذنها: أتعلمين ياليلى ..ستكونين لي زوجة...لن أرض بهند مهما قالوا...عندما أكبر...سأهاجر ولن أعود إلا بعد زواجها لنحتفل نحن الاثنين بزفافنا....ثم أردف قائلا: أعدك حبيبتي...يبتسم الاثنان ويضمها مجددا إليه بقوة...
ما أجمل حب الأبرياء الصغار وأحلامهم!!!
كم هو ممتع دخولهم عالم الكبار قسرا...!!
لا براءة تعادل تقليدهم للكبار خفية...ولا لذة تعادل إحساسهم بأنهم قد كبروا وأحبوا وأخلصوا...
كبر الصغار ...
هاجر حسام وتاه في أزقة الغربة المترامية في مجاهل بلاد الاندلس ...وتزوجت هند
بعده بسنوات...
علمت ليلى بخبر زواج حسام من إسبانية لتسوية وضعيته....فباءت كل محاولاتها بالفشل لستر حزنها...ورغبتها الكبيرة في البكاء كلما ذكر اسمه.
مات الجد.. فقدت الأم بصرها من كثرة بكائها على حسام...وقلب ليلى لم تندمل جروحه..ومأساة الهجرة التي لا يعرف أحد ذيولها تعتصر رئتها.
كثيرا ما تتذكره...وتتذكر كلماته لها ونظراته وهو يغالب دمعه الذي غلبه في نهاية المطاف وهو يودعها، لتتلاشى كل أحلامهما معا....
استجاب القدر لكلام حسام بدقة...فسح له مجال الهجرة.. وتزوجت هند كما تمنى...لكنه لم يعد لتنفيذ باقي فصول وعده.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس