[ناز أحمد عزت العبدالله]

قلت يا جدي أبتاع لك العقال من محل مشهور فيقول لي بل من عند أبا محمد من سوق باب الجابية وأني لارجو الله أن يكون حي يرزق فقلت في نفسي يبدو أنه صديق قديم لجدي أو يعرفه يحب أن يعلم أخباره وعلى كل حال من عند أبا محمد سمعاً وطاعة.. فذهبت الى سوق باب الجابية وسألت عن محل بيع العقالات لأبا محمد حتى اهتديت لمحله الذي يكاد لايتسع لشخصين أمام منصب خشبي أدركت حينها انه يصنع العقال ساعة طلبه ولذلك حمّلني جدي العقال القديم ليضبط المقاس.. أخبرت الصانع العجوز طلبي بما أوصاني جدي .. عقال من الطراز الخشن فقال الصانع تفضل ساعة من الزمن، لأصنعه وجلس يجدل حبال العقال على القالب الخشبي وأنا جلست أنتظر لكنني لا أستطيع الصمت فرحت أفتتح الأحاديث مع العجوز وأخبره من الى عن على وأجرجر الحديث معه وهو صامت يعمل وكلما أنتهيت من قصة يقول لي (الدنيا فيها كل شيئ) وهكذا إلى أن انتهى من صنع العقال، وقال كم ثمنه فدفعت له وعدت أدراجي أحمل عقال جدي الى البيت وأعطيته إياه فوضعه مباشرة على رأسه فقلت له مبروك وقبلت يده وذهبت الى غرفتي حين من الوقت ثم عدت اليه فوجدته مازال يضع العقال الجديد على رأسه فبدا لي كالطفل الذي يفرح بلباس العيد وهو ينظر الي متبسماً كأن وجهه البدر المضيئ فقلت له مازحاً اتريد ان تنام والعقال على رأسك فقال لعلي أفعل يابني لقد أتيت من حلب خصيصا لأشتري العقال من عند ابا محمد لأن رأسي يؤلمني منذ مدة طويلة والأن أنا أشعر بأنني على أحسن حال والحمد لله، فأصابتني الدهشة ولم أفهم مايقول، فأذرك ذلك وقال يابني هذا الرجل يحفظه القرآن ويتلوه وهو يجدل العقال وهذا كفيل بأن يذهب الألم عن رأسي..
فقلت سبحان الله نحن معشر الشباب نرتدي قبعات أشكال وألوان ومطرز عليها نقوش ورسوم وتفانين عجيبة وننزعها عن رؤسنا إما نعلقها أو نرمي بها هنا وهناك، بينما أرى جدي يعلق عقاله تعليقاً وكانه مصحف شريف.. فتذكرت قول ابا محمد ( الدنيا فيها كل شيئ) وكنت أحسبه ينصت إلي ولحكاياتي التي سردتها له كي لا أشعر بالملل وأنا أنتظر..أكثر من ساعة..