14 / 01 / 2020, 02 : 11 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
بمداد الروح لبهية عمري - سلسلة من الرسائل إلى أمي – هدى الخطيب
13 كانون الثاني 2015 - 13 كانون الثاني 2020
خمس سنوات مرّت يا بهية عمري وروحي ووجهك الأحب والأغلى غائب عني..!
الدموع التي نواريها عن الأنظار.. اليقين والإدراك .. ولا تنسال على صفحات الوجه لهيب نصله يقطع شرايين القلب
كل ألمٍ يفوق طاقة احتمالي تعود عقلي الباطن على رفض تصديقه .. هكذا ومنذ طفولتي الأولى عشت أحمي نفسي ..أنفصل عن الواقع لفترة طويلة ..!
خمس سنوات انقضت وما زلت أهرب من جواب السؤال:
هل ماتت أمّي ؟
منذ سنوات طويلة لم ننعم بالانترنت ولا المسنجر والواتساب وكانت فاتورة الهاتف تقصم ظهري لأفاجأ في نهاية الشهر بستمئة دولار وأحياناً أكثر ؛ وأنا بالكاد أبلّ ريقي ولا أرتوي..!
كنت في كندا وكانت أمي في لبنان .. كانت المسافات لم تزل بعيدة .. كانت وكنت مثل كل الناس نستعين أحياناً بأشرطة نسجلها بأصواتنا ونرسلها مع المسافرين .. كانت الغربة موحشة مرعبة وانقطاعاً فعلياً، وكان لهيب الشوق لا يجد الماء الذي يروي منه بعض الظمأ ..!
أرسلت لأمي شريطا بصوتي غنيت لها فيه قصيدة محمود درويش كما غناها مرسيل خليفة: (( أحنّ إلى خبز أمّي وقهوة أميّ ..... وأعشق عمري لأني إذا متّ أخجل من دمع أمي ...)) ولم يأتِ على خاطري حينها أنّ هذه القصيدة ستدخلها غيبوبة بحالة طوارئ إلى المستشفى من شدة الألم..!!
هي أمّي .. عشقي الأول والأكبر .. من أخذت دور الأم والأب الذي رحل في طفولتي الأولى .. ومع هذا عرفَتْ دائماً وفي كل مرحلة من مراحل عمري كيف تكون صديقتي والأقرب من كل لداتي..
هي أجمل امرأة رأتها عيناي .. مجرد النظر إلى وجهها دائماً كان متعة وراحة ..
ستّ الحبايب .. حين أكون بقربها لا أعرفني سوى ملكة متوجة .. تحت جناحيها لم تترك القدر يشعرني باليتم .. يتيمة القدر ربما لا لطيمة – ما أشدّ بلاغة اللغة العربية - فالإنسان بلا أم "لطيم "حتى وإن فارقته أمّه كبيراً ..
لأنها بهية عمري وروحي لم أشأ أن أصدّق انها رحلت وأن جسدها هذا الذي دفن في تراب غريب حقاً لم يعد ..!
كان من الصعب أن أكتب لها ما دمت لا أقرّ برحيلها .. أو حتى فناء جسدها .. وكان يغيظني حد الغضب من يقول لي: (( لا تحزني فالجسد فقط هو الذي رحل.! ))
ومن قال أن الجسد لا يعنيني فراقه وخسارته .. عيناها الأجمل التي كانت تنهمر منها الدموع لو أصابني خدش .. غمازات خديها التي كانت فرحتي وأماني.. لمسة من يديها التي كانت بلسم جراحي.. صوتها الشجي الحنون الذي كان يشعرني بالدفء ودعواته لي في جوف الليل؟ ؟! كيف لا يعنيني جسدها وأنا أحمل جسداً منها كان وتكون وتشكل داخل جسدها .. جسدها الذي احتواني وحماني وربّاني وغذاني وعمل وتعب من أجلي وسهر على راحتي!!..
إنها أمي.. أمي أنا.. باب الجنة الذي كان مفتوحا بوجودها وأوصد برحيلها
مشتاقة أنا لذلك الجسد وأنفاسه .. مشتاقة أن أبكي على صدرها وأضع رأسي في حجرها وتمسح بيدها على شعري ووجهي فيغدو الصعب سهلاً والخوف أماناً والعالم أمناً والدنيا أم حنون ..
قررت أن أبدأ الكتابة إلى أمي وقد غلبني الشوق وفاض بي طول الفراق
رسائل إلى أمي
هدى
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
التعديل الأخير تم بواسطة هدى نورالدين الخطيب ; 17 / 01 / 2020 الساعة 31 : 10 PM.
|
|
|