رد: بمداد الروح لبهية عمري - سلسلة من الرسائل إلى أمي – هدى الخطيب
الأديبة الغالية وابنة حيفاي القديرة , إن مصابك لا يختلف عن مصيبتي بفقد أمي أيضاً , وكلانا بكفة ميزان واحد , فلو وضعنا الأم بكفة , ووضعنا جمال الدنيا وزخارفها بكفة أخرى , لرجحت كفة الأم آلاف المرات عن غيرها , لأنها الرحمة , لأنها العطف , لأنها الجسد والروح , لأنها الدمعة التي تفيض شفقة على ابنتها أو ابنها لو أصابته شوكة ضعيفة , لأنها الأم ,لأنها نور الحياة تطل علينا من مشكاة الأمل كشروق الشمس التي تفرش أشعتها على القلوب الهادئة المطمئنة , بحنانها وعطفها بقلبها وعقلها , . رحم الله أمك وأمي , وأسكنهما الله جنة الفردوس , وأهدي أمك هذه القصيدة التي أهديتها إلى أمي وهي بين رمس قبرها فأقول:
أُمّاهُ إنكِ عزّتي وَوَقــــــــاري
بلْ أنتِ رُوحي حيثُ كانَ مَســـاري
وَكساكِ ربّي الطـُهرَ منقوشاً على
كفـّيكِ رِسْم القدسِ ِ والأسْوار ِ
ما كنتِ يا أمـّاهُ إلا ّ قصّة ً
ترْوي حِكاية َما جَنَتْ أسْفاري
ظلمٌ وتشريدٌ ودمعةُ ُلاجئ ٍ
طافتْ فـَيافي عالمَ الأمْصار ِ
ولقدْ فقدنا ما يشوق تـُراثـُنا
كالثوبِ والمنديلِ ِ والزّ ُنـّار ِ
وفقدْتُ هـَمسَكِ مثلَ دفئكِ بلسَما
كانتْ تـُسامرني وتؤنسُ داري
وفقدْتُ سُـبـْحتـَكِ التي أرنو لها
شُحِنتْ بطيبِ اليدّ منْ عطـّار ِ
أوَ لمْ يكُ (الطابون ) أو نار القـِرى
جود اليدينِ ِ لكلِّ طاو ٍ ساري
كمْ كـُنتِ تشْتاقين تقبيل الوِرى
كالبنت والأبناء والشُّــطُّّـار ِ
أمّاهُ هاتي ما لديكِ من الرضا
ليضيءَ ليلي مثلَ ضوءِ نهــــاري
هلْ كانَ غـْيرُكِ شافياَ لمصائبي
أمْ كانَ غيرُك مَنْ يشــــــدّ إزاري
منْ كانَ يحْمي غـَضّ جسْمي مِنْ لظى
حرّ النـّهار وقـِـرّةِ الإعصـــــــار ِ
مـُدّي يديكِ لكيْ أقبّلَ عـِطـْرَها
منْ عَسْجدِ الكفين كانَ فخــاري
ما كـُنتِ يا أمّاهُ إلاّ نغمةًً ً
تشْدو إليّ بأحسن الأشــــــــعار ِ
أينَ الطريقُ لنبع ِ عطفكِ قدْ سَجا
لأكونَ عندكِ أوّلَ الأطـْيـــــــــار ِ
هل أنتِ في سفر ٍ يطولُ إلى المَدى
أمْ أنتِ بين َ الرّ مْسِ ِ والأزهار
يا ربِّ إنْ تـَرِِني بشَاشَة َوجْهها
أرجو بـِفضلكَ أن تكونَ جـــواري
أنا بضْعةٌ مـِنْها وإنّ حنـَانـَها
يلـِجُ الفؤادَ برقـّةِ الأنـــْـــــــــوار ِ
أبكيكِ يا أمـّاهُ حـَسْرةَ عاشق ٍ
فقدَ الحبيبَ وتاهَ في الأقطار ِ
يا ربِّ أكرمْ دارَها ومقرّها
واجعلْ ثـَراها باهرَ الأنوار ِ
يا بسمة ً في القلبِ يا أملَ اللقا
في الخـُلدِ أنتِ بجنّــــــــة الأبـْرار
غالب أحمد الغول
|