الموضوع
:
كيف أحلل نصا شعريا ..؟؟ د . رجاء بنحيدا
عرض مشاركة واحدة
26 / 01 / 2020, 57 : 10 PM
رقم المشاركة : [
14
]
داوداوه مولاي أحمد
كاتب نور أدبي
بيانات موقعي
اصدار المنتدى
: الجزائر
رد: كيف أحلل نصا شعريا ..؟؟ د . رجاء بنحيدا
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. رجاء بنحيدا
كيف أحلل هذا النص الذي بين يدي ، كيف أتمكن من سبر أغواره ، وهل أحتاج إلى آليات ومقاييس ثابتة تصلح لكل النصوص الأخرى ، أم أن كل نص يقتضي منهجا ومنهجية تختلف عن الأخرى ..؟؟
لا شك هي تساؤلات تحوم فكرك وأنت مقبل على مقاربة نص شعري ، ضمن تساؤلات أخرى أكبر وأوسع ، تجعلك حائرا بين معادلة قراءة النص وإسقاط المنهج ..
وبعيدا عن شائك القول ونحن نتحدث عن تعدد المناهج ومدى قدسيتها ومدى نجاعتها .. ارتأيت أن أضع بعض المبادئ الإجرائية التي تسيج كل المقاربات ، وتستفيد ما أمكن من جميع القراءات وأدواتها ونظرياتها .. بشرط أن نترك للنص هويته وحقيقته وحياته .. دون تحريف أو تعديل ..
حتى يظل سيد التحليل ينطلق منه القارئ النموذجي ويغوص في أعماقه ويجول بين مستوياته و دلالاته عبر آليات فرضها النص وأملاها على دارسه،وفق شرط أساسي فحواه أن المعنى هو شيء في النص ، وهو أيضاً من فعل القارئ ، يدركه ويلتقطه من داخل نسيج النص .. وليس من خارجه ..
بعد مرحلة
الملاحظة
كخطوة أولى لتحديد ملامح النص والتقاط خصوصيته ومساءلته ، يبرز ذاك النص الموجز "العنوان" الذي يوجه لنا الدعوة لاقتحام النص ، والتماهي مع معناه ، باعتباره نافذة مفتوحة لولوج عوالم النص ، والاقتراب من فهمه، انطلاقا من قراءته دلاليا وتركيبيا ، بل هو أيقونة
دالة محفزة يكتمل به العمل الأدبي على حد تعبير ميشيل بوتور m.butor : " إن كل عمل أدبي يتشكل من نصين مشتركين ، الجسد ( رواية ، عمل درامي ، قطعة شعرية ...) وعنوانه ، فهما قطبان أساسيان يمر بينهما تيار كهربائي من المعاني ، غير أن أحدهما موجزٌ وقصيرٌ ، والآخر طويل
العنوان
هو العتبة الأولى لاقتحام النص الشعري من أجل جس نبضه وتشريح مكنوناته الدلالية الخفية المتجلية في مستواه المعجمي الذي يعتبر من أهم المفاتيح التي تساعد على فك شفرات كلماته وعلاماته اللغوية المنطوية على فائدة في المعنى للبلوغ إلى جوهر النص ، وإلى الحقيقة القابعة في عمق الكلمات المتراصة المنتظمة في نسيج لغوي محكم.
حين نقبل على دراسة
المستوى المعجمي
.. نكون أمام عملية وصف وجرد لكل العناصر اللغوية والمفردات والكلمات باعتبارها علامات لغوية مشحونة بدلالات تقود القارئ إلى تصنيف وتوزيع وتفكيك بنيات النص الدالة ..
بمعنى لا يمكن أن ينماز التحليل دون الإحصاء الدلالي لمكونات الخطاب الشعري وعليه فإن دراسة المستوى المعجمي يفتح باب فهم دلالات النص ومقاصد الشاعر في سياق محدد،لرصد طبيعة الحقول الدلالية التي تنتظم داخلها ألفاظ القصيدة وتحديد المعجم المرتبط بها
مع استخلاص العلاقات القائمة بينها وربط دلالة المعجم بالخطاب الذي يمثله النص الشعري والذي يتشكل من نسيج علاقات تتكون بين الرؤى الحاملة لسيول دلالية متعددة .
كما أن الحديث عن النسيج اللغوي لا يتوقف عند المستوى المعجمي الذي يتشكل من مفردات وجمل مشحونة بالدلالات،
بل يتعداه إلى
المستوى التركيبي
( التركيب النحوي والبلاغي) الذي هو عبارة عن علاقات تلحم أجزاء الكلم ، وتفسر خواصّ التركيب اللغوي ،وأنساق تشكيله وتفتح باب التساؤل حول طبيعة بناء الجمل ودور كل جزء فى هذا البناء، وعلاقة أجزاء الجملة بعضها ببعض، وأثر كل جزء فى الآخر مع العناية بالعلامة الإعرابية والأساليب المستعملة ،و بنية الضمائر ووظيفتها،
في المستوى التركيبي يقوم القارئ بدراسة وصفية لعناصر الجملة وإبراز ما هو خفي إنطلاقامن اللغة والتراكيب ، والتمعن في الظواهر اللغويةكالتراكيب المخالفة/ المطابقة للقواعد النحوية ، أو الاشتقاقات المخالفة / الموافقة للميزان الصرفي .. إلى غير ذلك من الظواهراللغوية التي تتضافر في تحقيق أدبية الخطاب الشعري كالتقديم والتأخير والحذف والقلب ، فلا وجود لشعر خارج قانون النظم الذي ينبني على أساس قواعد النحو وطرائق العرب في إجراء كلامها "
ولا وجود لشعر فارغ من التركيب البلاغي البياني المكمل للجانب النحوي ،، وما يتصل به من صور بيانية -تشبيه واستعارة وكناية ومجاز-
بالتركيب البلاغي
ينحو التحليل نحو الاكتمال لأنه واسطة الشعر وجوهره لما يشمله من أدوات تعبيرية بلاغية ( بيان وبديع ومعاني)وتقنيات لغوية أسلوبية وصور شعرية تشكل منظورا متماسكا يحتاج قراءة واعية معمقة في كيفية اشتغال هذه الآليات وأهم الأغراض التي تؤديها داخل السياق الشعري ،كما تتطلب إلماما بعلوم الآلة وغيرها من المرجعيات التاريخية والنفسية والاجتماعية التي تفيد في سبر كوامن النص وأغواره .
فالشعر تواصل بالكلمات بالتراكيب ،تواصل بالإيقاع والنغمات ،ودراسة
المستوى الإيقاعي
للنص الشعري يقتضي الوقوف عند المستوى العروضي ( الوزن والقافية ) وتقطيع الوزن للكشف عن الجزئيات الصغرى لهذا البناء العروضي والمستوى اللغوي الذي يقوم على أساس أنواع الجرس الذي يُغني الجانب الإيقاعي والمستوى الصوتي بما يحفل به من توازيات بين مخارج الأصوات وصفاتها ومواقعها داخل النص..
إن الغرض من تقديم هذه المنهجية في تحليل النص الشعري هو تجاوز ذاك الموقف السلبي في قراءة النص وخوض غمار مواجهته والانفعال به وإعطائه حقه في التعدد والانفتاح .. وفهم بواعثه وتحليل أنساقه وبنياته ورموزه. ومحاورته حوارا واعيا مع إتقان ثقافة طرح السؤال وتعميق اتجاه الائتلاف المنهجي في ذات القارئ على اعتبار النص الشعري " كبئر غزيرة الماء ، كلما مُتح منها نشطت عروقها، وتدفقت روافدها، وتجددت مياهها، وهو أمر يكشف الإمكانات غير المحدودة من الإيحاءات التي تصدر عن النصوص ويفضي إلى تعدد في إمكانات التحليل والاستنطاق " 1-
************************************************** ******************************************
1- عبد الله إبراهيم . صالح هويدي : تحليل النصوص الأدبية - دار الكتاب الجديد بيروت - ط 1
ص
9
شكرا جزيلا سعادة د. رجاء بنحيدا على هذه المقاربة النقدية في قراءة النص الشعري، فهي في نظري تذيب جليد التعامل مع النص الشعري قراءة و تحليلا. بارك الله جهودكم الطيبة
توقيع
داوداوه مولاي أحمد
[gdwl]صديق الحرف يقول لك: شكرا لأنك رائع(ة)[/gdwl]
داوداوه مولاي أحمد
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات داوداوه مولاي أحمد