رد: طوق الحمامة
حدثني أبو موسى هارون بن موسى الطبيب قال: رأيت شابا حسن الوجه من أهل قرطبة قد تعبد ورفض الدنيا، وكان له أخ في الله قد سقطت بينهما مؤونة التحفظ ، فزاره ذات ليلة وعزم على المبيت عنده، فعرضت لصاحب المنزل حاجة إلى بعض معارفه بالبعد عن منزله، فنهض لها على أن ينصرف مسرعا. ونزل الشاب في داره مع امرأته، وكانت غاية في الحسن وتربا للضيف في الصبى فأطال رب المنزل المقام إلى أن مشى العسس ولم يمكنه الانصراف إلى منزله، فلما علمت المرأة بفوات الوقت وأن زوجها لا يمكنه المجيء تلك الليلة تاقت نفسها إلى ذلك الفتى فبرزت إليه ودعته إلى نفسها، ولا ثالث لهما إلا الله عزوجل، فهم بها، ثم ثاب إليه عقله وفكر في الله عز وجل فوضع إصبعه على السراج فتفقع ثم قال: يانفس، ذوقي هذا وأين هذا من نار جهنم. فهال المرأة ما رأت [...] فانبلج الصباح وسبابته قد اصطلمتها النار.
أفتظن بلغ هذا من نفسه هذا المبلغ إلا لفرط شهوة قد كلبت عليه؟ أوترى أن الله تعالى يضيع له المقام؟ كلا إنه لأكرم من ذلك وأعلم.
ولقد حدثتني امرأة أثق بها أنها علقها فتى مثلها من الحسن وعلقته وشاع القول عليهما، فاجتمعا يوما خاليين فقال: هلمي نحقق ما يقال فينا. فقالت: لاوالله لا كان هذا أبدا. وأنا أقرأ قول الله: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}. قالت : فما مضى قليل حتى اجتمعا في حلال
|