رد: الوطن..عمر الفرا
وطني! فيم هذا الحنين إليك، كلما نويت الرحيل عنك؟ ماسر هذه الدمعة يندى بها جفني حين تخفى عني مشارفك؟ لكأني بم لا تني عن شد نياط قلبي بحبال، فكلما نأيت عن أرضك، وهى مني القلب وتضعضع.
ماأنت أيها الوطن؟ وماذا فيك من سر يهيج كوامن الشجن؟ وهل أنت أولا وأخيرا إلا أرض وماء؟ وهل الدنيا على رحبها واختلاف بقاعها إلا مثلك: بر وبحر؟.. حقا أنت قبضة من تراب، وغرفة تمتزج بها دماء الروح، فيهما تثوي البذرة الأولى لشخصيتنا المتميزة، وعليهما يتجلى الطابع الأصيل لتاريخنا المجيد.
ماأنت أيها الوطن إلا أنا في أجل المعاني وأرحبها، وما أنا إلا أنت أيها الوطن في أدق تلك المعاني وأضيقها ... لست أنا إلا قطعة منك، انفصلت عنك، ولكنها تدور في فلكك بجاذبيتك، وستظل في مدارها، حتي يحين الحين، فتفنى فيك. منك انبثقت، وإليك أعود، لا مفاصلة بيننا ولا انفصام...
محمود درويش
|