الرغبة في تكوين أسرة؟!!!
كان شابا وسيما، طويل القامة، جميل المحيا، قوي البنية، تصاحب ابتسامته الدائمة نظرات تمنحه هيبة.. فيحترمه الكبير قبل الصغير.. وبتعامله معهم وإحسانه يزيد إعجابهم به واحترامهم له..
شعره الأشقر الناعم، وطول قامته مع لباسه الأنيق على الدوام، إضافة لعلبة السجائر الباهظة الثمن التي لا تفارق جيبه .. تجعل العديد من الفتيات يطمحن للتعرف عليه والتقرب منه ونيل حبه، ومن بينهن فرنسيات أيضا بنات المستعمر الذي استوطن البلاد فحاربه الشاب بكل ما يملك من قوة مع إخوته وأبناء الشعب جلهم، فالشاب وإخوته أغلبهم مارسوا الملاكمة ورياضات أخرى غيرها لذلك تراهم جميعا ببنية لا تختلف كثيرا مع أنهم ليسوا أشقاء.. ليسوا جميعا أبناء أم واحدة..
استطاع والدهم مع ذلك أن يؤلف قلوبهم، وينشئ بينهم حبا عظيما قد لا تجده بين عدد من الأشقاء.. خمس ذكور وبنتان، لكنك إن تعاملت معهم تشعر كأنهم جميعا بنات من فرط حنانهم، خاصة محنتهم التي تجمع بينهم ورأفتهم على بعض، وإن أذيت واحدا منهم فكلهم أسود لا تزأر فحسب وإنما قد تلتهم فريستها التهاما ...
...........................................
أحمد يكاد يكون أكثرهم حظا من حيث الوسامة التي وهبه الله تعالى، والأناقة التي تفتح أفواه المارين أمامه، بل وكذلك كان ذكيا يعرف كيف يمكن أن يكسب مالا وافرا فامتلك الأراضي والمباني بتجاراته المختلفة والمتعددة.. فهذه مقهى في موقع أثري يجلب السياح بها بدأ مشروع التجارة مع أحد أعمامه الذين كانوا من المناضلين أيضا..
لا أحد منهم جميعا حاول أن يحصل على مقابل تجاه خدمته للوطن ومحاربته للمستعمر.. لكن عمه " اتهامي" الذي كان كأخ أكبر لأبناء أخيهم لتقارب سنهم جميعا.. كان له نصيب من المقابل الذي منحته الدولة للبعض خاصة أولئك المتملصين الخوافين من ضوء البرق إن لاح..
حصل اتهامي على شيء بسيط جعله يبدأ في إنشاء مشروع المقهى الأثري بمساعدة ابن أخيه، وحز في نفسه أن من لا يستحقون مراتب عليا بعد الاستقلال قد نالوها دون أي شعور بحب للوطن.. فكأننا أمام قولة " عبد الله العروي" : " مغرب الشيوخ"
اتهامي لم يتحمل الأمر وما استطاع أن ير الأنذال يستغلون مناصب جليلة و كثيرون من المناضلين وأبناء شهداء الوطن ظلوا قابعين في بيوتهم الحقيرة، بما يملكون من خير زهيد... لعزة نفس وأنف وشموخ..
من أجل ذلك قرر اتهامي أن يعاقب نفسه على حبه للوطن.. فهاجر نحو بلاد المستعمر بلا عودة.. بعد أن ساعده ابن أخيه الذي تشارك معه المقهى في ذلك..
وهكذا ظلت المقهى للشاب الوسيم " احمد" فكانت له نعم العمل لما درت عليه من أرباح خاصة وأن أغلب روادها سياح أجانب.. ويرغبون في إيجاد أنواع الخمور بأصنافها..
فلم لا يفعل أحمد ذلك مادامت المسألة فيها أموال كثيرة.. وأرباح؟!!
يزهو بكل انتشاء وفخر والفتيات تحطن به من كل حدب وصوب وهو كالطاوس بينهن.. كهارون الرشيد المسجل بكتب التاريخ التي قيل إنها مزيفة..
لم يكن يميل إلى أي منهن.. عربية كانت ام غير عربية! لكن كل من رأته تعجب به وتتمنى أن تستحوذ عليه.. كذلك كان الأمر بالنسبة لعائشة ابنة العسكري الذي زرع الرعب في قلوب أسرته من فرط ما يمارس عمله العسكري حتى في بيته.. حتى إن بناته جميعا كن يملكن قلبا من حجر صلب لا يتفتت.. أما الأبناء الذكور فحدث ولا حرج..
أيمكن للمرء أن يمارس سلطته بالعمل في بيته أيضا ويكون متسلطا لدرجة أن يصبح الأب صورة للغول؟
كانت أم عائشة تعرف آل أحمد وأحيانا ترسل ابنتها عند أم أحمد لمساعدتها في البيت بعد أن تأخذ لها زبدة وسمنا وبيضا "بلديا"؛ حتى صادفت عينا عائشة الوسيم الأنيق أحمد الذي لم ينتبه إليها ولم يعرها اهتماما..
يبدو أحمد كأنه مغرور، لكنها مع ذلك تشبثت به وعزمت على أن يكون لها زوجا..لا تريد أن تكون أسرة إلا معه، فصممت على رفض خطيبها وفسخ خطوبتها منه بعد أن حدد موعد القران.. لم تعد تشعر بقلبها إلا عند ذكر اسم أحمد او رؤية أحمد..
لم تطق صبرا.. أخبرت أمها بما تملكه من قوة وصلابة تربت عليهما أنها ستنال أحمد رغما على من كره.. خاصة وأنها لاحظت إعجاب أمه بها ورغبتها في أن تزوجها بابنها ليكون أسرته بدل أن يظل مع نساء لا علاقة له بهن ..
فرض على أحمد أن يكون أسرته، حاول إقناع أمه رحمة بأنه لا يمكن أن يتزوج تلك الفتاة لكنها أصرت..
حب أحمد لأمه جعله لا يعاند ولكنه اعتبر المسألة فرض مفروض سيؤديه إرضاء للحبيبة الأم الذي تأمل رؤية ابنها وقد أثبح رب أسرة.. مسؤولا عن بيت هو عائله.....
( يتبع)
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|