عرض مشاركة واحدة
قديم 20 / 09 / 2020, 21 : 03 PM   رقم المشاركة : [3]
غالب احمد الغول
رئيس القسم الشعري


 الصورة الرمزية غالب احمد الغول
 





غالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond reputeغالب احمد الغول has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: غموض الشعر وغياب الفصاحة , نقلها غالب الغول

وهذا موضوع آخر يتحدث عن سخافة الغموض الشعري والنثري ,
الغموض واحتقار القارئ
د. وليد قصاب

تاريخ الإضافة: 29/3/2010 ميلادي - 13/4/1431 هجري
زيارة: 18925





منذ أن فشَتْ في الأدب العربي المعاصِر فاشِيَة الحداثَة المستوردة الهجينة، حملت معها - فيما حملت من أوشاب - نزعة الغموض المقيت، الذي أحالَ الأدب - ولا سيما الشعر - إلى طلاسمَ وأحاجٍ، لا يكاد يبلغ المتلقِّيَ منها معنًى أو شعورٌ ذو بال.

وبدا الغموض واحتقار التواصُل مع القارئ من معالم الحداثَة البارزة، وممَّا يتباهَى به بعض القوم؛ يقول أدونيس:
حَيْثُ الغُمُوضُ أَنْ تَحْيَا
حَيْثُ الوُضُوحُ أَنْ تَمُوتْ

ويقول محمود درويش متباهيًا بانعدام التواصُل:
طُوبَى لِشَيْءٍ غَامِضٍ
طُوبَى لِشَيْءٍ لَمْ يَصِلْ[1]
ويقول في موضع آخر:
لَنْ تَفْهَمُونِي دُونَ مُعْجِزَةٍ
لِأَنَّ لُغَاتِكُمْ مَفْهُومَةٌ
إِنَّ الوُضُوحَ جَرِيمَةٌ[2]

ولم تقتصِر الشكوى من غموض أدب الحداثَة على المتلقِّي العادي، بل عمَّت جميع فئات المتلقِّين، وفيهم أدباءُ وشعراء ونقَّاد وأساتذة متخصِّصون في الأدب والفنون، بل فيهم كثير من الحداثيِّين أنفسِهم.

وفي غمرة النقاش المحتَدِم حول مشكلة "الغموض والتواصل"، تمخَّضت النزعة الحداثيَّة عن تقليعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الآداب، وهي "احتقار القارئ" والاستعلاء عليه، أو "موت القارئ"، على شاكلة ما سُمِّي "موت المؤلف" الذي أشاعَتْه البنيوية. وقد أخذت هذه النزعة عِدَّة وجوه؛ فقال قائل منهم: إن الغموض من طبيعة الشعر، فهو بحكم تشكيله اللغوي والفكري الخاص أعمق من النثر، وأحوج إلى الغوص والاستبطان، وقال قائل: إن الجماهير العربية أميَّة، سطحية الثقافة، ولمَّا ترقَ بعدُ إلى المستوى الثقافي المطلوب لتفهُّم تقانات الشعر الحديث، وآليَّاته الجديدة المتطوِّرة.
وقال قائل: إن الشعر ثقافة الخاصة، ومن ثَمَّ فهو مستعصٍ على الغالبية العظمى من جماهير الناس.
وقال قائل: إن ثقافة الجمهور العربي تقليدية تراثية؛ ولذلك فهو لا يسيغ الأشكال الجديدة، ولا يتذوَّقها... وقيل غير ذلك.

ومن الواضح عُوار كثير من هذه الادِّعاءات والمزاعم، فغموض غالبية الشعر الحديث غير مقصور على العامة، بل شكا منه الخاصة، بل خاصة الخاصة في أحيان غير قليلة، وادِّعاء أن ذوق الجماهير تقليدي لا يُسِيغ الجديد يدحضه ما استُقبِلت به موجات التجديد الأصيلة من حظوة وتقدير، وغموض الشعر الذي يتحدَّث عنه النقد هو الغموض الإيجابي الأصيل، ولا علاقة له بهذا الهذيان المحموم الذي يغرق فيه شعر هذه الأيام.

وفي تسويغٍ لغيبة التواصُل بين شعر الحداثَة والمتلقِّي، عُرِفت هذه الدعوة - المحمومة العجيبة - إلى احتقار القارئ، ونفيه التام من معادلة العمل الفني، بحيث يصير النتاج الشعري - بتعبير أحدهم - نتاجًا في ذاته ولذاته؛ أي: كأن الشاعر يكتب لنفسه فقط، وسمعنا مَن يقول: "لا مفرَّ من الاعتراف بأن التواصُل مع القارئ والجمهور كان وهمًا خاصًّا بمرحلة الستينيات، وقد استمرَّ أكثر ممَّا يجب...".

وهكذا يفقد كثيرٌ من الشعر الحداثي وهو يُحدَر إلى هذه الوَهْدَة كلَّ هدف، ويصبح ثرثرة لا تهمُّ أحدًا، ولا تهتمُّ بأحد، وإذا كان الشاعر الحداثي لا يُبالِي بالقارئ، ولا يضعه في حسبانه؛ فلمَن يكتب إذًا؟! وإذا كان هذا الشعر نتاجًا في ذاته ولذاته، فلماذا يُذِيعه صاحبه في الناس؟! ولماذا لا يُرِيحهم ممَّا لا طائل من ورائه؛ حفاظًا على هذه الذاتية المزعومة؟!

إن الوصول إلى المتلقِّي - مهما كانت الغاية من هذا الوصول - هو من صلب الفن، وإن كل عمل أدبي لا يحفل بمتلقٍّ يستقبله هو عبث لا يفضل عبثَ الأطفال، إن لم يفضُله عبثُ الأطفال؛ فقد يكون في نفس الطفل ما ينشد إيصاله من وراء هذا العبث.

الغموض الأصيل:
وعلى أن هنالك غموضًا أصيلاً، وذلك الذي هو من طبيعة لغة الأدب، ومن ملامحها المميزة، وهي ملامح تميِّزها مثلاً من لغة العلم، ومن لغة الكلام العادي، بل عن ضروب أخرى كثيرة من ضروب اللغة.

ولا يخفى على أحدٍ أن لغة الأدب عامَّة - والشعر خاصة - هي لغة غامضة بطبيعتها؛ لأنها تعتمد على الإيماء والرمز، وعلى التلويح دون التصريح، فدلالاتها – بسبب من هذا - مكسوَّة بثوب من الشفافية والستر، يُوحِي بها ولا يُجَلِّيها، ويُشِير إليها ولكنه لا يمسِّك بها.

وينبع هذا الغموض في العادة من كون اللغة الأدبية - كما هو من المعروف الذي لا يخفى لغةً مجازية تصويرية، في حين لا تحفل اللغة العادية بالمجاز والتخييل، فتبدو - من غير شك - أوضحَ وأظهر، وأقل حاجة إلى التأمُّل والغوص، والجهد والكدّ، من لغة الأدب.

تسابق إلى الإغماض:
وإنه ليبدو لِمَن ابتُلِي بمتابعة الإبداع الأدبي الحديث - شعرًا ونثرًا - وكأن هنالك تسابقًا بين الكُتَّاب إلى تغميض الكلام، وطلسمة العبارة، وإبهام المعنى، وإلى الإغراب في اشتقاق الألفاظ والكلمات على نحوٍ لا تُسِيغه قواعد اللغة العربية، ولا ذوقها الموسيقي الجميل، ولا ذوق الثقافة العربية عامَّة.

ويبدو واضحًا لكلِّ متتبِّع أن كُتَّاب هذا الزمان - إلا صفوةً، ما أندرَها! - لو خُيِّر أحدهم في أداء المعنى الواحد بين أسلوبين: أحدهما مستقيم واضح، والآخر ملتوٍ غامض - لاختار الثاني من غير تردُّد.

إن تزويرًا فاضِحًا يمارسه اليومَ بعضُ نقَّاد الأدب؛ وهو أن الغموض - على أيِّ وجه من الوجوه - ميزة فنية، حتى فشا هذا السرطان الخبيث في الغالبية الكاسحة من كتابات الكُتَّاب في هذا الزمان


الرابط

https://www.alukah.net/web/alkassab/0/19780/
توقيع غالب احمد الغول
 
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
............ ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

غالب احمد الغول غير متصل   رد مع اقتباس