رد: ملف الخاطرة/عروبة شنكان
مخيم 048
كأن السماء على موعد مع الأمطار هذا المساء ومحال الاستمرار بتوسد الساعد ومحاولة النوم فوق كوم الأعشاب المحيط بمناطق المخيمات التي تم منحها للاجئ الحروب والنكبات من الذين غضب عليهم القدر فمنحهم لقب لاجئين يبحثون عن السلام في عوالم تبحث عن الدمار.
إنها تباشير تشرين/اكتوبر! السماء ستغادرها شموس الصباحات الصيفية هاهي الديمات الواعدة مطرا تتهيئ لتتكئ فوق مرتفعات الجبال وبين الهضاب على مشارف الوديان وناي الراعي يرسل في المدى أشجان تجر وراءها قطيع الخراف وبدا يكسو جسدها أصواف نتشارك بدفء ملمسها ..
أما عن مخيم 048تبدأ حكايات السهر مع تجمع المارة على مشارف التلال المطلة على أرض الوطن وقدوم سيارة بيع العصائر والكباب الذي تم إعداده مسبقا للشواء مع باقة من السلطات الملونة تعصف الريح او تثور عاصفة أو ربما تجتاح الرؤوس المثقلة بالهموم رصاصة طائشة أو يودي انفجار بالمارة والمتعبين العائدين من العمل على حلم العودة إلى الوطن..
تدور الأرض بالناعسين تسرق منهم حلم العودة، وتجهش فتاة بالبكاء فقدت أخيها في لحظة طائشة أهدت صديقها ابتسامة فنظرة ودية وثارت أروقة المخيم وضاع في المدى صوت أخيها ومعه طويت صفحات الأمل بالنجاة سرق الليل تذاكر العودة وضاعت بهجة تشرين وسط ازدحام كلمات العزاء.
وتوالي درجات الحرارة انخفاضها تحلم صبية بشال من صوف خراف ضيعتها تسهر على حياكته حالمة بعودة فارسها فوق صهوة جواده حاملا لها عقود ياسمين والكثير من الورود التي تزهر على مدارات العام فوق مروج الضيعة التي تنتظر أبناءها على الدوام..
يرق ناي الراعي تارة ويعلو في المدى تارة أخرى وتجود أجراس الخراف برنينها في المدى تنشد السلام وتبقى الحال في مخيم 048 بين يأس فوق الروابي الخريفية وأمل في الآفاق الوردية ستنتصر النفوس التي مزجت تضحياتها بعزيمة الإصرار والبقاء رغم رحيل فلذات الأكباد إلى حيث ترقد النفوس بكل سلام والعيون تنام بوئام.
هبط ليل الأول من تشرين باردا ناعسا، ومعه بدأت مستلزمات الخريف من ملابس ثقيلة وأغطية سميكة يفتقرها كل مخيم وتسعى لتلبيتها قائمة المعونات الإنسانية أمام عدسات العالم على غفلة من مطر تشرين وعلى وعد بإنسانية راقية تنسج كبرياء أبنائها بلمسة حانية عطوف..
|