عرض مشاركة واحدة
قديم 06 / 11 / 2020, 26 : 03 AM   رقم المشاركة : [3]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: جولات سياجية في الشمال التركي

3
دير سوميلا جارة القمر، وحالة عشق خاصة

رسمت عشرون صليباً، ومازلت كلما أرسم صليباً، تفاجئني وردة بين رحيقها صليب لا أعرف كم تبقى من وجودي لأرسم قوساً، تربع منحنياته عشرون صليباً، وفوقهم عشرون وردة تنبض بدفء التراتيل الإنجيلية!
هناك في أعالي القمم، طائرٌ أسطوري، تستهويه الثلوج والأدغال الغامضة، تغزل أُنثاه بجناحيها تاريخ دير عتيق وتحفظ عن ظهر قلبٍ أسفاره، ترصد العابرين بصمتٍ وتنحني كبرياءً لكل ناسك مر من مسكنها، تحلق في الأعالي فموطنها الفضاءات الرحبة.
دير سوميلا، الحكاية التي تخفي بين سطورها عشرون حضارة، تشغل الحواس وتستقطب عدسات ملايين من سائحي العالم، على كتف جبل عالٍ، توسدت خاصرته مبانٍ حجرية، تُشكل آية معمارية تخطف الأنظار، تستدرج القاصي والداني تحاكي الغيوم، وتستضيف مختلف طقوس الفصول!
في أقاصي الشمال التركي، وعلى بعد 50كم عن مدينة طرابزون، وسط الشلالات والأنهار وبين أحضان الجبال والمرتفعات التي يذوب الزائر فيها هياماً، كلما شعر بالبرد شده كأس من الشاي، يحضنه بين كفيه ليسري به نفس جبلي ممزوج طمأنينة ودهشة.
في الطريق إلى دير سوميلا، لايوجد ترقب، أو ملل ولايشعر السائح بمرور الوقت كل الدروب جميلة، رطبة وندية ومختلف التعرجات منبسطة، تختبئ بين منحنياتها الكهوف تتسلل الروائح الجبلية ثناياها، لتنعش الزوار القادمين من مختلف أصقاع المعمورة!
قد يحدث أن يتساقط المطر زخات زخات، فيندر الشعور بالحرارة لتبدأ رحلة الصعود إلى سوميلا Sümila الذي يبدد الغيوم بتراتيله الإنجيلية، وهي تدعو الرب أن يحفظ الأرض من كل شر، وتعاهد على الصمود في وجه الريح العاتية فكم من مرة تهدمت هياكله، لتنهض أقوى وأعتى، وكم من شاعر رصد نبضها فتوغل في محرابها وأبدع!هي حالة من نوع خاص يعايشها معظم من زار هذا الدير الغائر في أعالي الجبال، أقاصي الشمال التركي.
ما إن تبدأ الرحلة إلى دير سوميلا، حتى تبدأ الاستراحات بالتوازع بين المنعطفات الرطبة، تحت الأشجار الباسقة وهي تتمايل مع نبض الريح يميناً ثم يساراً، تتغزل بالعابرين، الذين تنتظرهم المأكولات الشعبية، والمشروبات الساخنة على ضفاف الأنهار، والسواقي الباردة التي تتصارع مياهها على الدوام، قادمة من خلف الجبال الشاهقة لتستقر في باطن الأرض بعد رحلة عناء طويلة.
أجواء تفتح الشهية، وموائد عامرة بالعشق المحلي للشاي والفطائر الطرابزونية صباحاً، قد يقرر العائدون من أعالي الدير تناول أطباقاً من السمك المحشي أو المقلي او المشوي غداءً.أو يمرون مساءً على واحةٍ غناء ليستمتعوا بالموسيقى التركية إنه عالم غني بالمفاجأت والمسرات.
ويتأهب الزائرو صعوداً، تضيق بهم الدرب، ليستقبلهم سلم طويل من الحجارة لتصلهم ببوابة الدير، بعد استمتاع مميز بمناظر الدروب والمنعطفات المدهشة حد نسيان الوقت هناك امتداد مابين الأرض والأفاق وخسارة الاهتمام بالنظر إلى الساعة أو
الانشغال بالجوال، وترصد الرسائل أو الاتصالات.
وتبدأ الخطوات بالاقتراب من الصالات والغرف، قباب للرهبان، وأخرى للصلاة ارتفاعات متفاوتة، ومحال رسم الإبداع كلمات، عندما يخص المشهد إحدى العجائب العمرانية المزخرفة بمختلف ألوان الفنون والحضارات.
تحكي الأساطير عن هذا الدير بأنه كان مخبأ السيدة العذراء وبأنه موطن الكهنة ذات تاريخ عتيق، تم إعادة تشييده مرات ومرات، وماتزال حضارته تستقطب الأنظار كأحد المباني التي تم إنشاؤها بين الغابات والكهوف وعلى الضفاف المائية شكل مواضيعاً هامة في تاريخ الاحتلال الروسي.
الفن التركي، يترك بصماته واضحة بين الردهات، وعلى جدار الغرف والساحات بصمة تضاف لحضارات عاصرت كهوف الأديرة، تنار شتاءً بالمواقد الخشبية، ما إن يبدأ احتراق حطبها، حتى تنعكس على الجدارن أروع الألوان في تمايل يروي تمازج حضارات مختلفة التصاميم والتكوين.تجعل الزائر يتأمل كثيراً قبل أن يغادء مجبراً لابطلاً.
وينشغل كل زائر بزاوية أو ركن، ينفرد في صومعة وجدانية، يغوص في عالم روحاني، بهاء ديني، وصفوة تاريخية يدون المؤرخ انطباعاته، والشاعر يحلق بفضاءات واسعة رحبة، وقد يخرج القاص بحكاية تتناقلها الأجيال وتبقى المباني القديمة عالقة هنا بين الكهوف، أو هناك في أعالي الجبال، تغوص بين الغيوم، وتستمر الأيام وتتوالى الزيارات لدير سوميلا!
شعور رائع قد يخفق الكثيرون في التعبير عنه، لكنهم يحتفظون به صوراً أو رسوماً وهم عائدون أدراجهم من الدرج الضيق الطويل، لتستقبلهم من جديد استراحات الغابات والمغارات العالقة وسط الطبيعة تصارع قساوتها وتستحم بدفء شمسها مطلع كل صيف وآناء كل ربيع على مر العصور والأيام.
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــع
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس