فوارق مرادفات (2)
بعد تحديد دلالات " عام " ،" سنة" ، " حول" ، " موسم" حان دور " الصاحب" و " الصديق"، قد يظهر أن الكلمتين تحملان معنى واحدا، لكني وإياكم سنحاول الخوض في الفرق الخفي بين المرادفين، وكالمرة السابقة سنأخذ مثالا على ذلك بآيات من القرآن الكريم..
يقول الله عز وجل:
﴿ وما صاحبكم بمجنون﴾ الآية 22. سورة التكوير
﴿ يا صاحبي السجن أ أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار﴾ الآية 39. سورة يوسف.
﴿ ما ضل صاحبكم وما غوى ﴾ الآية 2. سورة النجم.
﴿ إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا﴾ الآية 40. سورة التوبة
﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ الله مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ الآية 61. سورة النور
ولنتأمل إذن الآيات الكريمة، طبعا لا أحد منا يستطيع أن ينكر أن الله عز وجل في الآية الأولى يخاطب الكافرين الذين اتهموا محمدا صلى الله بأنه ساحر وشاعر ومجنون أيضا، فرد عليهم الله تعالى وما صاحبكم بمجنون، والمقصود بصاحبهم هنا هو محمد صلى الله عليه وسلم، حيث إنه صاحبهم في الزمن الذي عاشوه، كما نقول عن أبي بكر و عمر وعلي وعثمان والزبير وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص... رضي الله عنهم أنهم صحابة ، أما من كان بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم فهو تابعي، والأمر نفسه بالنسبة للآية الثانية من سورة النجم، يمكن أن نقول إن الصحبة هنا في الزمان وفي المكان أيضا، لكن هذه الصحبة يمكن تسميتها: السلبية أو السيئة، أما في قول الله سبحانه:
﴿ إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا﴾ فهذه أيضا صحبة نعرف قصتها جميعا حيث صحب أبو بكر الصديق رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في هجرته وفي الغار، فكانت صحبتهما إيجابية.
الصحبة إذن تكون في الزمان والمكان، ولا يعني الصاحب مماثلة صاحبه فكرا وأخلاقا وعقيدة، ويمكن للصحبة أن تطول أو تقصر. وقد جاء في لسان العرب:
" الصاحب: المعاشر".
دعونا الآن نتأمل لفظة " صديقكم" في الآية 61 من سورة النور، ولنلاحظ أنها وردت بعد ذكر البيت الشخصي للإنسان وبيت الأقارب ( بيوتكم _ بيوت آبائكم _ بيوت أمهاتكم _ إخوانكم _ أخواتكم ....) مما يدل على أن بيت الصديق كبيت أي قريب بل قد يساوي بيت الإنسان ذاته، يمكنك أن تدخله بكل أمان وأريحية واطمئنان، فالصداقة متلازمة مع الصدق والمحبة، وإذن يمكن أن نقول إن كل صديق هو صاحب وليس كل صاحب صديق .
أما عن لسان العرب فقد جاء فيه : " الصَّداقةُ مصدر الصَّدِيق، واشتقاقُه أَنه صَدَقَه المودَّة والنصيحةَ. والصَّدِيقُ: المُصادِقُ لك، والجمع صُدَقاء وصُدْقانٌ وأَصْدِقاء وأَصادِقُ"
أرجو أن أكون قد وفقت..
أنتظر كالعادة آراءكم وإضافاتكم
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|